( و ) كبيع ( لحوم مختلفة بعضها ببعض متفاضلا ) يدا بيد ( ولبن بقر وغنم وخل دقل ) بفتحتين رديء التمر وخصه باعتبار العادة ( بخل عنب وشحم بطن بألية ) بالفتح ما يسميه العوام لية ( أو لحم وخبز ) ولو من بر ( ببر أو دقيق ) ولو منه وزيت مطبوخ بغير المطبوخ ودهن مربى بالبنفسج بغير المربى منه ( متفاضلا ) أو وزنا كيف كان لاختلاف أجناسها فلو اتحد لم يجز متفاضلا إلا في لحم الطير لأنه لا يوزن عادة حتى لو وزن لم يجز زيلعي وفي الفتح لحم الدجاج والإوز وزني في عامة مصر وفي النهر لعلة في زمنه أما في زماننا فلا [ ص: 183 ] والحاصل أن الاختلاف باختلاف الأصل أو المقصود أو بتبدل الصفة فليحفظ وجاز الأخير لو الخبز نسيئة به يفتى درر إذا أتى بشرائط السلم لحاجة الناس ، والأحوط المنع إذ قلما يقبض من جنس ما سمى وفي القهستاني معزيا للخزانة الأحسن أن يبيع خاتما مثلا من الخباز بقدر ما يزيد من الخبز ويجعل الخبز الموصوف بصفة معلومة ثمنا حتى يصير دينا في ذمة الخباز ويسلم الخاتم ثم يشتري الخاتم بالبر وفيه معزيا للمضمرات يجوز السلم في الخبز وزنا وكذا عددا وعليه الفتوى [ ص: 184 ] وسيجيء جواز استقراضه أيضا .
( قوله لحوم مختلفة ) أي مختلفة الجنس كلحم الإبل والبقر والغنم بخلاف البقر والجاموس والمعز والضأن ( قوله يدا بيد ) فلا يحل النساء لوجود القدر ( قوله ولبن بقر وغنم ) الأولى تقديمه على قوله بعضها ببعض ، وفي نسخة ولبن بقر بغنم أي بلبن غنم وهذه النسخة أولى ( قوله باعتبار العادة ) أي باتخاذ الخل منه ( قوله وشحم بطن بألية أو لحم ) لأنها وإن كانت كلها من الضأن إلا أنها أجناس مختلفة لاختلاف الأسماء والمقاصد نهر قال ط فقوله بعد لاختلاف أجناسها يرجع إلى هذا أيضا ( قوله بالفتح ) أي فتح الهمزة وسكون اللام وتخفيف الياء المثناة التحتية ( قوله ببر أو دقيق ) لأن الخبز بالصنعة صار جنسا آخر ، حتى خرج من أن يكون مكيلا والبر والدقيق مكيلان ، فلم يجمعها القدر ولا الجنس حتى جاز بيع أحدهما بالآخر نسيئة بحر ويأتي تمامه قريبا ( قوله ولو منه ) أي ولو كان الدقيق من البر ( قوله وزيت مطبوخ بغير المطبوخ إلخ ) كذا في البحر .
وقال في الفتح واعلم أن المجانسة تكون باعتبار ما في الضمن فتمنع النسيئة كما في المجانسة العينية ، وذلك كالزيت مع الزيتون والشيرج مع السمسم ، وتنتفي باعتبار ما أضيف إليه ، فيختلف الجنس مع اتحاد الأصل ، حتى يجوز التفاضل بينهما كدهن البنفسج مع دهن الورد أصلهما واحد ، وهو الزيت أو الشيرج فصار جنسين باختلاف ما أضيفا إليه من الورد أو البنفسج نظرا إلى اختلاف المقصود والغرض وعلى هذا قالوا لو ضم إلى الأصل ما طيبه دون الآخر جاز متفاضلا ، حتى أجازوا بيع قفيز سمسم مطيب بقفيزين من غير المربى ، وكذا رطل زيت مطيب برطلين من زيت لم يطيب فجعلوا الرائحة التي فيها بإزاء الزيادة على الرطل ا هـ ملخصا وتمامه فيه فراجعه وعلى هذا فقول الشارح وزيت مطبوخ إن أراد به المغلي لا يصح لأنه لا يظهر فيه اختلاف الجنس أو المطبوخ بغيره فلا يسمى زيتا فتعين أن المراد به المطيب ، وأن صحة بيعه متفاضلا مشروطة بما إذ كانت الزيادة في غير المطيب لتكون الزيادة فيه بإزاء الرائحة التي في المطيب .
( قوله أو وزنا ) المناسب إسقاطه لأنه يغني عنه قوله بعده كيف كان ولأن قول المصنف متفاضلا قيد لجميع ما مر ولذا قال الشارح لاختلاف أجناسها فافهم نعم وقع في النهر لفظ أو وزنا في محله حيث قال : وصح أيضا بيع الخبز بالبر وبالدقيق متفاضلا في أصح الروايتين عن nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام قيل : هو ظاهر مذهب علمائنا الثلاثة ، وعليه الفتوى عددا أو وزنا كيفما اصطلحوا عليه لأنه بالصنعة صار جنسا آخر والبر والدقيق مكيلان فانتفت العلتان ا هـ . ( قوله لو اتحد ) كلحم البقر والجاموس والمعز والضأن ، وكذا ألبانها نهر ( قوله إلا في لحم الطير ) فيجوز بيع الجنس الواحد منه كالسمان والعصافير متفاضلا فتح : وفي القهستاني : ولا بأس بلحوم الطير واحد باثنين يدا بيد كما في الظهيرية ( قوله حتى لو وزن ) أي واتحد جنسه لم يجز : أي
[ ص: 183 ] متفاضلا ( قوله أن الاختلاف ) أي اختلاف الجنس ( قوله باختلاف الأصل ) كخل الدقل مع خل العنب ولحم البقر مع لحم الضأن ( قوله أو المقصود ) كشعر المعز وصوف الغنم ، فإن ما يقصد بالشعر من الآلات غير ما يقصد بالصوف بخلاف لحمهما ولبنهما ، فإنه جعل جنسا واحدا كما مر لعدم الاختلاف أفاده في الفتح ( قوله أو بتبدل الصفة ) كالخبز مع الحنطة والزيت المطيب بغير المطيب ، وعبارة الفتح وزيادة الصنعة بالنون والعين ( قوله وجاز الأخير ) وهو بيع خبز ببر أو دقيق ( قوله ولو الخبز نسيئة ) عبارة الدرر وبالنساء في الأخير فقط والشارح أخذ ذلك من قوله به يفتى لأنه إذا كان المتأخر هو البر جاز اتفاقا لأنه أسلم وزنيا في كيلي ، والخلاف فيما إذا كان الخبز هو النسيئة فمعناه وأجازه nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ط .
( قوله والأحوط المنع إلخ ) قال في الفتح لكن يجب أن يحتاط وقت القبض بقبض الجنس المسمى ، حتى لا يصير استبدالا بالسلم فيه قبل قبضه إذا قبض دون المسمى صفة ، وإذا كان كذلك فالاحتياط في منعه ، لأنه قل أن يأخذ من النوع المسمى خصوصا فيمن يقبض في كل يوم كذا كذا رغيفا ( قوله الأحسن إلخ ) أي في بيع الخبز بالبر نسيئة ، ووجه كونه أحسن كون الخبز فيه ثمنا لا مبيعا ، فلا يلزم فيه شروط السلم تأمل . وأصل المسألة في الذخيرة حيث قال في السلم : وإذا دفع الحنطة إلى خباز جملة ، وأخذ الخبز مفرقا ينبغي أن يبيع صاحب الحنطة خاتما أو سكينا من الخباز بألف من الخبز مثلا ، ويجعل الخبز ثمنا ويصفه بصفة معلومة حتى يصير دينا في ذمة الخباز ، ويسلم الخاتم إليه ، ثم يبيع الخباز الخاتم من صاحب الحنطة بالحنطة مقدار ما يريد الدفع ويدفع الحنطة ، فيبقى له على الخباز الخبز الذي هو بمن هكذا قيل ، وهو مشكل عندي قالوا إذا دفع دراهم إلى خباز فأخذ منه كل يوم شيئا من الخبز فكلما أخذ يقول هو على ما قاطعتك عليه ا هـ ما في الذخيرة .
قلت : ولعل وجه الإشكال أن اشتراطهم أن يقول المشتري كلما أخذ شيئا هو على ما قاطعتك عليه ليكون بيعا مستأنفا على شيء متعين وهذا يقتضي أن الخبز لا يصح أن يكون دينا في الذمة ، وإلا لم يحتج إلى أن يقول المشتري ذلك ، ورأيت معزيا إلى خط المقدسي ما نصه أقول : يمكن دفعه بأن الخبز هنا ثمن بخلاف التي قست عليها فتأمل ا هـ
أقول : بيانه أن المبيع هو المقصود من البيع ، ولذا لم يجز بيع المعدوم إلا بشروط السلم ، بخلاف الثمن ، فإنه وصف يثبت في الذمة ولذا صح البيع مع عدم وجود الثمن لأن الموجود في الذمة وصف يطابقه الثمن لا عين الثمن كما حققه في الفتح من السلم على أن المقيس عليها لا يلزم فيها قول المشتري ذلك ، لأنه لو أخذ شيئا وسكت ينعقد بيعا بالتعاطي . نعم لو قال حين دفع الدراهم اشتريت منك كذا من الخبز وصار يأخذ كل يوم من الخبز يكون فاسدا والأكل مكروه ، لأنه اشترى خبزا غير مشار إليه ، فكان المبيع مجهولا كما قدمناه عن الولوالجية أول البيوع في مسألة بيع الاستجرار ( قوله وكذا عددا وعليه الفتوى ) هذا موجود في عبارة القهستاني عن المضمرات بهذا اللفظ ، فمن نفى وجوده فيها فكأنه سقط من نسخة ، ولعل وجه الإفتاء به مبني على الإفتاء بقول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد الآتي [ ص: 184 ] في استقراضه عددا ( قوله وسيجيء ) أي قريبا متنا .