كتاب الكفالة مناسبتها للبيع لكونها فيه غالبا ولكونها بالأمر معاوضة انتهاء ( هي ) لغة الضم ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12854ابن القطاع كفلته وكفلت به وعنه وتثليث الفاء . وشرعا ( ضم ذمة ) الكفيل ( إلى ذمة ) الأصيل ( في المطالبة مطلقا ) بنفس أو بدين أو عين كمغصوب ونحوه
كما سيجيء ; لأن المطالبة تعم ذلك ومن عرفها بالضم في الدين إنما أراد تعريف نوع منها [ ص: 282 ] وهو الكفالة بالمال ; لأنه محل الخلاف [ ص: 283 ] وبه يستغنى عما ذكره منلا خسرو
كتاب الكفالة ( قوله : لكونها فيه غالبا ) الأولى حذف اللام ، والأولى أيضا كونها عقبه غالبا . قال في الفتح : أوردها عقب البيوع ; لأنها غالبا يكون تحققها في الوجود عقب البيع فإنه قد لا يطمئن البائع إلى المشتري فيحتاج إلى من يكفله بالثمن ، أو لا يطمئن المشتري إلى البائع فيحتاج إلى من يكفله في المبيع وذلك في السلم ، فلما كان تحققها في الوجود غالبا بعدها أوردها في التعليم بعدها .
( قوله : ولكونها إلخ ) عبارة الفتح : ولها مناسبة خاصة بالصرف ، وهي أنها تصير بالآخرة معاوضة عما ثبت في الذمة من الأثمان ، وذلك عند الرجوع على المكفول عنه ، ثم لزم تقديم الصرف لكونه من أبواب البيع السابق على الكفالة . ( قوله : هي لغة الضم ) قال تعالى - { وكفلها زكريا } - أي ضمها إلى نفسه .
وفي المغرب : وتركيبه يدل على الضم والتضمين . ( قوله : كفلته وكفلت به وعنه ) أي يتعدى بنفسه وبالباء وبعن .
وفي القهستاني : يتعدى إلى المفعول الثاني في الأصل بالباء ، فالمكفول به الدين ثم يتعدى بعن للمديون وباللام للدائن . ( قوله : وتثليث الفاء ) مقتضاه أن nindex.php?page=showalam&ids=12854ابن القطاع حكاه وليس كذلك . وعبارة البحر : قال في المصباح : كفلت بالمال وبالنفس كفلا من باب قتل وكفولا أيضا ، والاسم الكفالة ، وحكى أبو زيد سماعا من العرب من بابي تعب وقرب ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12854ابن القطاع كفلته وكفلت به وعنه إذا تحملت به ا هـ ح . ( قوله : ضم ذمة الكفيل ) الذمة وصف شرعي به الأهلية لوجوب ماله وعليه ، وفسرها فخر الإسلام بالنفس والرقبة التي لها عهد ، والمراد بها العهد ، فقولهم في ذمته أي في نفسه باعتبار عهدها من باب إطلاق الحال وإرادة المحل ، كذا في التحرير نهر .
( قوله : بنفس ) متعلق بمطالبة ح . ( قوله : أو بدين أو عين ) زاد بعضهم رابعا وهو الكفالة بتسليم المال ، ويمكن دخوله في الدين . قلت : وكذا بتسليم عين غير مضمونة كالأمانة وسيأتي تحقيق ذلك كله . ( قوله : كمغصوب ونحوه ) أي من كل ما يجب تسليمه بعينه ، وإذا هلك ضمن مثله أو قيمته ، كالمبيع فاسدا والمقبوض على سوم الشراء والمهر وبدل الخلع والصلح عن دم عمد احترازا عن المضمون بغيره كالمرهون وغير المضمون أصلا كالأمانة ، فلا تصح الكفالة بأعيانها .
( قوله : كما سيجيء ) أي في كفالة المال ح . ( قوله : لأن المطالبة تعم ذلك ) أي المذكور من الأقسام الثلاثة ، وهو تعليل لتفسير الإطلاق بها وتمهيد لقوله وبه يستغنى إلخ . ( قوله : ومن عرفها بالضم في الدين إلخ ) اعلم أنه اختلف في تعريف [ ص: 282 ] الكفالة فقيل إنها الضم في المطالبة كما مشى عليه المصنف وغيره من أصحاب المتون ، وقيل الضم في الدين فيثبت بها دين آخر في ذمة الكفيل ويكتفى باستيفاء أحدهما ، ولم يرجح في المبسوط أحد القولين ، لكن في الهداية وغيرها الأول أصح ، ووجهه كما في العناية أنها كما تصح بالمال تصح بالنفس ولا دين ، وكما تصح بالدين تصح بالأعيان المضمونة ويلزم أن يصير الدين الواحد دينين ا هـ ، وفيه نظر ، إذ من عرفها بالضم في الدين إنما أراد تعريف نوع منها وهو الكفالة بالمال .
وأما الكفالة بالنفس وبالأعيان فهي في المطالبة اتفاقا ، وهما ماهيتان لا يمكن جمعهما في تعريف واحد ، وأفرد تعريف الكفالة بالمال ; لأنه محل الخلاف نهر .
وحاصله أن كون تعريفها بالضم في المطالبة أعم لشموله الأنواع الثلاثة لا يصلح توجيها لكونه أصح من تعريفها بالضم في الدين ; لأن المراد به تعريف نوع منها وهو كفالة الدين .
أما النوعان الآخران فمتفق على كون الكفالة بهما كفالة بالمطالبة ، ولا يمكن الجمع بين الكفالة بالأول والكفالة بالآخرين في تعريف واحد ; لأن الضم في الدين غير الضم في المطالبة .
ثم لا يخفى أن تعريفها بالضم في الدين يقتضي ثبوت الدين في ذمة الكفيل كما صرح به أولا ، ويدل عليه أنه لو وهب الدين للكفيل صح ويرجع به على الأصيل مع أن هبة الدين من غير من عليه الدين لا تصح وما أورد عليه من لزوم صيرورة الدين الواحد دينين دفعه في المبسوط بأنه لا مانع ; لأنه لا يستوفى إلا من أحدهما كالغاصب مع غاصب الغاصب فإن كلا ضامن للقيمة ، وليس حق المالك إلا في قيمة واحدة ; لأنه لا يستوفى إلا من أحدهما ، واختياره تضمين أحدهما يوجب براءة الآخر فكذا هنا ، لكن هنا بالقبض لا بمجرد اختياره ، لكن المختار الأول ، وهو أن الضم في مجرد المطالبة لا الدين ; لأن اعتباره في ذمتين ، وإن أمكن شرعا لا يجب الحكم بوقوع كل ممكن إلا بموجب ولا موجب هنا ; لأن التوثق يحصل بالمطالبة وهو لا يستلزم ثبوت اعتبار الدين في الذمة كالوكيل بالشراء يطالب بالثمن وهو في ذمة الموكل ، كذا في الفتح ، وكذا الوصي والولي والناظر يطالبون بما لزم دفعه ولا شيء في ذمتهم كما في البحر ، وذكر أنهم لم يذكروا لهذا الاختلاف ثمرة ، فإن الاتفاق على أن الدين لا يستوفى إلا من أحدهما وأن الكفيل مطالب وأن هبة الدين له صحيحة ويرجع به على الأصيل ، ولو اشترى الطالب بالدين شيئا من الكفيل صح مع أن الشراء بالدين من غير من عليه لا يصح .
ويمكن أن تظهر فيما إذا حلف الكفيل أن لا دين عليه فيحنث على الضعيف لا على الأصح ا هـ .
قلت : يظهر لي الاتفاق على ثبوت الدين في ذمة الكفيل أيضا بدليل الاتفاق على هذه المسائل المذكورة ; ولأن اعتباره في ذمتين ممكن كما علمت ، وما ذكر من هذه المسائل موجب لذلك الاعتبار ، ولو كانت ضما في المطالبة فقط بدون دين لزم أن لا يؤخذ المال من تركة الكفيل ; لأن المطالبة تسقط عنه بموته كالكفيل بالنفس لما كان كفيلا بالمطالبة فقط بطلت الكفالة بموته مع أن المصرح به أن المال يحل بموت الكفيل وأنه يؤخذ من تركته ; ولأن الكفيل يصح أن يكفله عند الطالب كفيل آخر بالمال المكفول به ، فإذا أدى الآخر المال إلى الطالب لم يرجع به على الأصيل بل يرجع على الكفيل الأول ، فإن أدى إليه رجع الأول على الأصيل لو الكفالة بالأمر نص عليه في كافي الحاكم ، ويشهد لذلك فروع أخر ستظهر في محالها .
وعلى هذا فمعنى كون التعريف الأول أصح شموله أنواع الكفالة الثلاثة ، بخلاف التعريف الثاني كما مر عن العناية .
والجواب بأنه إنما أراد تعريف نوع منها لا يدفع الإيراد ; لأنه لم يعرف النوعين الآخرين فكان موهما اختصاصها بذلك النوع فقط ، هذا ما ظهر لي فتدبره .
( قوله : وهو الكفالة بالمال ) أراد بالمال الدين وإلا فهو يشمل العين مقابل الدين ا هـ ح . ( قوله : لأنه محل الخلاف ) بيان [ ص: 283 ] لوجه اقتصاره على تعريف كفالة الدين فقط ، ولا يخفى أن التعريف يذكر للتعليم والتفهيم في ابتداء الأبواب فلا بد من التنبيه على ما يوقع في الاشتباه فكان عليه أن يذكر تعريف النوعين الآخرين كما قلنا آنفا .
( قوله : وبه ) أي بما ذكر من تعميم المطالبة . ( قوله : يستغنى عما ذكره منلا خسرو ) أي صاحب الدرر : قال في النهر : وبه استغنى عما في نكاح الدرر من تعريفها بضم ذمة إلى ذمة في مطالبة النفس أو المال أو التسليم مدعيا أن قولهم : والأول أصح لا صحة له فضلا عن كونه أصح ; لأنهم قسموها إلى كفالة في المال والنفس .
ثم إن تقسيمهم يشعر بانحصارها مع أنهم ذكروا في أثناء المسائل ما يدل على وجود قسم ثالث وهو الكفالة بالتسليم ا هـ ، وأنت قد علمت ما هو الواقع ا هـ ، أي من أن ما عرف به هو مرادهم ; لأن المطالبة تشمل الأنواع الثلاثة ، فليس فيما قاله زيادة على ما أرادوه غير التصريح به فافهم .