( ولو أبرأ ) الطالب ( الأصيل أو أخر عنه ) أي أجله ( برئ الكفيل ) تبعا للأصيل إلا كفيل النفس [ ص: 318 ] كما مر ( وتأخر ) الدين ( عنه ) تبعا للأصيل إلا إذا صالح المكاتب عن قتل العمد بمال ثم كفله إنسان ثم عجز المكاتب تأخرت مطالبة المصالح إلى عتق الأصيل ، وله مطالبة الكفيل الآن أشباه ( ولا ينعكس ) لعدم تبعية الأصل للفرع نعم لو تكفل بالحال مؤجلا تأجل عنهما ; لأن تأجيله على الكفيل تأجيل عليهما ، وفيه يشترط قبول الأصيل الإبراء [ ص: 319 ] والتأجيل لا الكفيل إلا إذا وهبه أو تصدق عليه درر .
قلت : وفي فتاوى ابن نجيم : أجله على الكفيل يتأجل عليهما ، وعزاه للحاوي القدسي فليحفظ
( قوله : ولو أبرأ الطالب الأصيل إلخ ) محل براءة الكفيل بإبراء الطالب الأصيل إذا لم يكفل بشرط براءة الأصيل فإن كفل كذلك برئ الأصيل دون الكفيل ; لأنها حوالة ط ، ولو قال ولو برئ الأصيل لشمل ما في الخانية لو مات الطالب والأصيل وارثه برئ الكفيل أيضا ا هـ بحر .
( قوله : برئ الكفيل ) بشرط قبول الأصيل ، وموته قبل القبول والرد يقوم مقام القبول ، ولو رده ارتد وهل يعود الدين على الكفيل أم لا ؟ خلاف كذا في الفتح نهر .
وفي التتارخانية عن المحيط : لا ذكر لهذه المسألة في شيء من الكتب .
واختلف المشايخ ، فمنهم من قال لا يبرأ الكفيل أي برد الأصيل الإبراء كما في رد الهبة ، ومنهم من قال يبرأ الكفيل ا هـ .
قال في الفتح : وهذا بخلاف الكفيل فإنه إذا أبرأه صح وإن لم يقبل ، ولا يرجع على الأصيل ولو كان إبراء الأصيل أو هبته أو التصدق عليه بعد موته فعند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف القبول والرد للورثة ، فإن قبلوا صح ، وإن ردوا ارتد .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : لا يرتد بردهم كما لو أبرأهم [ ص: 318 ] في حال حياته ثم مات وهذا يختص بالإبراء ا هـ .
( قوله : كما مر ) أي قبيل الكفالة بالمال .
( قوله : وتأخر الدين عنه ) مرتبط بقوله أو أخر عنه ، وشمل كفيل الكفيل ، فإذا أخر الطالب عن الأصيل تأخر عن الكفيل وكفيله ، وإن أخره عن الكفيل الأول تأخر عن الثاني أيضا لا عن الأصيل كما في الكافي ، وشرطه أيضا قبول الأصيل ، فلو رده ارتد كما أفاده الفتح .
( قوله : تأخرت مطالبة المصالح ) مصدر مضاف إلى مفعوله والمراد به المكاتب والفاعل ولي القتيل أو إلى فاعله ، والمراد به الولي والمفعول المكاتب فإن المصالحة مفاعلة من الطرفين ، وهذا أولى لئلا يلزم الإظهار في مقام الإضمار فافهم ، ومثل هذه المسألة ما لو كفل العبد المحجور بما لزمه بعد عتقه فإن المطالبة تتأخر عن الأصيل إلى عتقه ويطالب كفيله للحال ، لكن في هذين الفرعين تأخر لا بتأخير الطالب فلم يدخلا في كلام المصنف كما أفاده في البحر والنهر .
قال في النهر : وإذا لم يبرأ الأصيل لم يرجع عليه الكفيل بشيء ، بخلاف ما لو وهبه الدين أو تصدق عليه به حيث يرجع ا هـ .
( قوله : نعم لو تكفل بالحال مؤجلا إلخ ) أفاد أنه لو كان مؤجلا على الأصيل فكفل به تأخر عنهما بالأولى وإن لم يسم الأجل في الكفالة كما صرح به في الكافي وغيره .
( قوله : لأن تأجيله على الكفيل تأجيل عليهما ) هذا التعليل غير تام ، فإن العلة كما في الفتح هي أن الطالب ليس له حال الكفالة حق يقبل التأجيل إلا الدين فبالضرورة يتأجل عن الأصيل بتأجيل الكفيل ، أما في مسألة المتن وهي ما إذا كانت الكفالة ثابتة قبل التأجيل ، فقد تقرر حكمها وهو المطالبة ثم طرأ التأجيل عن الكفيل فينصرف إلى ما تقرر عليه بها وهو المطالبة .
[ تنبيه ] ما ذكره الشارح تبعا للهداية وغيرها من أنه يتأجل عليهما يستثنى منه ما إذا أضاف الكفيل الأجل إلى نفسه ، بأن قال أجلني أو شرط الطالب وقت الكفالة الأجل للكفيل خاصة فلا يتأخر الدين حينئذ عن الأصيل كما ذكره في الفتاوى الهندية . ونقل ط عبارتها .
ويستثنى أيضا ما لو كفل بالقرض مؤجلا إلى سنة مثلا فهو على الكفيل إلى الأجل وعلى الأصيل حال كما في البحر عن التتارخانية معزيا إلى الذخيرة والغياثية .
ثم نقل خلافه عن تلخيص الجامع من شموله للقرض وأن هذا هو الحيلة في تأجيل القرض ، وسيذكره الشارح آخر الباب .
قلت : لكن رده العلامة الطرسوسي في أنفع الوسائل بأن هذا إنما قاله الحصيري في شرح الجامع ، وكل الكتب تخالفه فلا يلتفت إليه ، ولا يجوز العمل به ، وقدمنا تمام الكلام عليه قبيل فصل القرض ، ويؤيده أن الحاكم الشهيد في الكافي صرح بأنه لا يتأخر عن الأصيل وكفى به حجة .
( قوله : وفيه ) متعلق بقوله يشترط والضمير المجرور عائد إلى قول المتن ولو أبرأ الأصيل إلخ ، ولو أسقط لفظة فيه لكان أوضح .
وعبارة الدرر هكذا أبرأ الطالب الأصيل إن قبل برئا أي الأصيل والكفيل معا أو أخره عنه تأخر عنهما بلا عكس فيهما ، ولو أبرأ الكفيل فقط برئ ، وإن لم يقبل إذ لا دين عليه ليحتاج إلى القبول بل عليه المطالبة وهي تسقط بالإبراء ، ولو وهب الدين له : أي للكفيل إن كان غنيا ، أو تصدق عليه إن كان فقيرا يشترط القبول كما هو حكم الهبة والصدقة وهبة الدين لغير من عليه الدين [ ص: 319 ] تصح إذا سلط عليه والكفيل مسلط على الدين في الجملة ، كذا في الكافي وبعده له الرجوع على الأصيل ا هـ ، وضمير بعده للقبول .
وحاصله أن حكم الإبراء والهبة في الكفيل مختلف ، ففي الإبراء لا يحتاج إلى القبول وفي الهبة والصدقة يحتاج وفي الأصيل متفق ، فيحتاج إلى القبول في الكل ، وموته قبل القبول ، والرد كالقبول شرنبلالية ، ولم يذكر حكم الرد وأفاد في الفتح أن الإبراء والتأجيل يرتدان برد الأصيل .
وأما الكفيل فلا يرتد برده الإبراء بل التأجيل : والفرق أن الإبراء إسقاط محض في حق الكفيل ليس فيه تمليك مال ; لأن الواجب عليه مجرد المطالبة ، والإسقاط المحض لا يحتمل الرد لتلاشي الساقط ، بخلاف التأخير لعوده بعد الأجل ، فإذا عرف هذا ، فإن لم يقبل الكفيل التأخير أو الأصيل فالمال حال يطالبان به للحال ا هـ وقدمنا تمام الكلام عليه .
[ تنبيه ] نقل في البحر عند قوله وبطل تعليق البراءة عن الهداية مثل ما هنا من أن إبراء الكفيل لا يرتد بالرد ، بخلاف إبراء الأصيل .
ثم قال في البحر : فثبت أن إبراء الكفيل أيضا يرتد بالرد ا هـ .
قال في النهر : وفيه نظر ، ولم يبين وجهه .
وأجاب المقدسي بأن ما في الخانية في معنى الإقالة لعقد الكفالة ، فحيث لم يقبلها الكفيل بطلت فتبقى الكفالة ، بخلاف الإبراء ; لأنه محض إسقاط فيتم بالمسقط ا هـ ، على أن ما في الهداية منصوص عليه في كافي الحاكم .
( قوله : والتأجيل ) هذا غير موجود في عبارة الدرر كما عرفته ، نعم هو في الفتح كما ذكرناه آنفا .
( قوله : لا الكفيل ) أي لا يشترط قبول الكفيل الإبراء والتأجيل ، لكن لم يذكر في الدرر عدم اشتراطه في التأجيل وهو غير صحيح ، بل هو شرط كما سمعته من كلام الفتح .
أقول : هذا غير صحيح لمخالفته لعبارات المتون والشروح ، على أني راجعت الحاوي القدسي فرأيت خلاف ما عزاه إليه .
ونص عبارة الحاوي : وإن أخر الطالب الدين عن الأصيل كان تأخيرا عن الكفيل ، وإن أخره عن الكفيل لم يكن تأخيرا عن الأصيل ا هـ بالحرف ، وكأن ابن نجيم اشتبه عليه ذلك بما لو تكفل بالحال مؤجلا مع أن صريح السؤال خلافه فافهم .
( قوله : فليحفظ ) بل الواجب حفظ ما في كتب المذهب ; لأن هذا سبق نظر فلا يحفظ ولا يلحظ