( صالح عن ) كذا نسخ المتن والشرح وصوابه على ( بعض ما يدعيه ) أي عين يدعيها لجوازه في الدين كما سيجيء فلو ادعى عليه دارا فصالحه على بيت معلوم منها فلو من غيرها صح قهستاني ( لم يصح ) لأن ما قبضه من عين حقه ، وإبراء عن الباقي ، والإبراء عن الأعيان باطل قهستاني وحيلة صحته ما ذكره بقوله ( إلا بزيادة شيء ) آخر كثوب ودرهم ( في البدل ) فيصير ذلك عوضا عن حقه فيما بقي ( أو ) يلحق به ( الإبراء عن دعوى الباقي ) [ ص: 632 ] لكن ظاهر الرواية الصحة مطلقا شرنبلالية ، ومشى عليه في الاختيار وعزاه في العزمية للبزازية وفي الجلالية لشيخ الإسلام وجعل ما في المتن رواية nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة وقولهم الإبراء عن الأعيان باطل معناه : بطل الإبراء عن دعوى الأعيان ولم يصر ملكا للمدعى عليه ولذا لو ظفر بتلك الأعيان حل له أخذها لكن لا تسمع دعواه في الحكم ، وأما الصلح على بعض الدين فيصح ويبرأ عن دعوى الباقي أي قضاء لا ديانة فلذا لو ظفر به أخذه قهستاني وتمامه في أحكام الدين من الأشباه وقد حققته في شرح الملتقى . .
( قوله بعض ما يدعيه ) أي وهو قائم ، ويأتي حكم ما إذا كان هالكا عند قول الماتن ، والصلح عن المغصوب الهالك وقال القهستاني : لأن المدعي بهذا الصلح استوفى بعض حقه وأبرأ عن الباقي ، والإبراء عن الأعيان باطل ا هـ مدني ( قوله : أو يلحق ) منصوب بأن مثل أو يرسل ( قوله : عن دعوى الباقي ) قيد بالإبراء عن دعواه ، لأن الإبراء عن عينه غير صحيح ، كذا في المبسوط ابن ملك بأن يقول : برئت عنها أو عن خصومتي فيها أو عن دعوى هذه الدار ، فلا تسمع دعواه ، ولا بينته ، وأما لو قال أبرأتك عنها أو عن خصومتي فيها فإنه باطل ، وله أن يخاصم كما لو قال لمن بيده عبد برئت منه ، فإنه يبرأ ولو قال أبرأتك لا لأنه إنما أبرأه عن ضمانه كما في الأشباه من أحكام الدين .
قلت : ففرقوا بين أبرأتك ، وبرئت أو أنا بريء لإضافة البراءة لنفسه فتعم ، بخلاف أبرأتك لأنه خطاب الواحد ، فله مخاصمة غيره كما في حاشيتها معزيا للولوالجية شرح الملتقى . وفي البحر : الإبراء إن كان على وجه الإنشاء ، فإن كان عن العين بطل من حيث الدعوى ، فله الدعوى بها على المخاطب وغيره ، ويصح من حيث نفي الضمان ، فإن كان عن دعواها فإن أضاف الإبراء إلى المخاطب كأبرأتك عن هذه الدار أو عن خصومتي فيها أو عن دعوى فيها لا تسمع دعواه على المخاطب فقط ، وإن أضافه إلى نفسه كقوله : برئت عنها أو أنا بريء فلا تسمع مطلقا هذا لو على طريق الخصوص : أي عين مخصوصة فلو على العموم ، فله الدعوى على المخاطب وغيره كما [ ص: 632 ] لو تبارأ الزوجان عن جميع الدعاوى ، وله أعيان قائمة له الدعوى بها ، لأنه ينصرف إلى الديون لا الأعيان ، وأما إذا كان على وجه الإخبار كقوله : هو بريء مما لي قبله فهو صحيح متناول للدين والعين ، فلا تسمع الدعوى ، وكذا لا ملك لي في هذه العين ذكره في المبسوط والمحيط . فعلم أن قوله : لا أستحق قبله حقا مطلقا ولا دعوى يمنع الدعوى بالعين والدين لما في المبسوط لا حق لي قبله يشمل كل عين ودين فلو ادعى حقا لم يسمع ما لم يشهدوا أنه بعد البراءة ا هـ ما في البحر ملخصا ، وقوله بعد البراءة يفيد أن قوله لا حق لي إبراء عام لا إقرار ( قوله مطلقا ) أي سواء وجد أحد الأمرين أو لم يوجد فلا يسمع دعوى الباقي nindex.php?page=showalam&ids=11990ح .
( قوله وقولهم ) جواب سؤال وارد على كلام الماتن لا على ظاهر الرواية ; إذ لا تعرض للإبراء فيها وما تضمنه الصلح إسقاط للباقي لا إبراء فافهم ( قوله عن دعوى إلخ ) كذا عبارة القهستاني ويجب إسقاط لفظ دعوى بقرينة الاستدراك الآتي . ونقل الحموي عن حواشي صدر الشريعة للحفيد معنى قولنا : البراءة عن الأعيان لا تصح : أن العين لا تصير ملكا للمدعى عليه لا أن يبقى المدعي على دعواه إلخ أبو السعود وهذا أوضح مما هنا قال السائحاني : والأحسن أن يقال : الإبراء عن الأعيان باطل ديانة لا قضاء قال في الهامش وعبارته في شرح الملتقى معناه : أن العين لا تصير ملكا للمدعى عليه ، لا أنه يبقى على دعواه ، بل تسقط في الحكم كالصلح عن بعض الدين ، فإنه إنما يبرأ عن باقيه في الحكم لا في الديانة فلو ظفر به أخذه ذكره القهستاني والبرجندي وغيرهما . وأما الإبراء عن دعوى الأعيان فصحيح ا هـ ما في الهامش وهو مخالف لما نقلناه عن شرح الملتقى آنفا وفي الخلاصة : أبرأتك عن هذه الدار أو عن خصومتي فيها أو عن دعواي فيها فهذا كله باطل حتى لو ادعى بعده تسمع ، ولو أقام بينة تقبل ا هـ تأمل ( قوله : وأما الصلح ) مقابل قوله أي عين يدعيها ( قوله : بعض الدين ) قال المقدسي عن المحيط : له ألف فأنكره المطلوب فصالحه على ثلاثمائة من الألف صح ، ويبرأ عن الباقي قضاء لا ديانة ، ولو قضاه الألف فأنكر الطالب فصالحه بمائة صح ، ولا يحل له أخذها ديانة فيؤخذ من هنا . ومن أن الربا لا يصح الإبراء عنه ما بقيت عينه عدم صحة براءة علماء قضاة زماننا مما يأخذونه ، ويطلبون الإبراء فيبرءونهم بل ما أخذوه من الربا أعرق بجامع عدم الحل في كل .
واعلم أن عدم براءته في الصلح استثنى منه في الخانية ما لو زاد وأبرأتك عن البقية سائحاني ، ويظهر من هذا أن ما تضمنه الصلح من الإسقاط ليس إبراء من كل وجه وإلا لم يحتج لقول أبرأتك عن البقية ( قوله أي قضاء ) وحينئذ فلا فرق بين الدين والعين على ظاهر الرواية تأمل ( قوله : من الأشباه ) قال فيها عن الخانية : الإبراء عن العين المغصوبة إبراء عن ضمانها ، وتصير أمانة في يد الغاصب ، ولو كانت العين مستهلكة صح الإبراء وبرئ من قيمتها ا هـ .
فقولهم : الإبراء عن الأعيان باطل معناه : أنها لا تكون ملكا له بالإبراء ، وإلا فالإبراء عنها لسقوط ضمانها صحيح أو يحمل على الأمانة ا هـ ملخصا : أي أن البطلان عن الأعيان محله إذا كانت الأعيان أمانة ، لأنها إذا كانت أمانة لا تلحقه عهدتها ، فلا وجه للإبراء عنها تأمل .
[ ص: 633 ] وحاصله : أن الإبراء المتعلق بالأعيان إما أن يكون عن دعواها وهو صحيح بلا خلاف مطلقا ، وإن تعلق بنفسها فإن كانت مغصوبة هالكة صح أيضا كالدين ، وإن كانت قائمة فمعنى البراءة عنها البراءة عن ضمانها لو هلكت وتصير بعد البراءة من عينها كالأمانة لا تضمن إلا بالتعدي عليها ، وإن كانت العين أمانة فالبراءة لا تصح ديانة بمعنى أنه إذا ظفر بها مالكها أخذها وتصح قضاء فلا يسمع القاضي دعواه بعد البراءة هذا ملخص ما استفيد من هذا المقام ط وهو كلام حسن يرشدك إلى أن قول الشارح معناه محمول على الأمانة بقي لو ادعى عليه عينا في يده فأنكر ، ثم أبرأه المدعي عنها فهو بمنزلة دعوى الغصب لأنه بالإنكار صار غاصبا ، وهل تسمع الدعوى بعده لو قائمة الظاهر نعم .