( و ) تفسد ( بجهالة المسمى ) كله أو بعضه كتسمية ثوب أو دابة أو مائة درهم على أن يرمها المستأجر لصيرورة المرمة من الأجرة فيصير الأجر مجهولا ( و ) تفسد ( بعدم التسمية ) أصلا أو بتسمية خمر أو خنزير ( فإن فسدت بالأخيرين ) بجهالة المسمى وعدم التسمية ( وجب أجر المثل ) يعني الوسط منه ولا ينقص عن المسمى لا بالتمكين بل ( باستيفاء المنفعة ) حقيقة كما مر ( بالغا ما بلغ ) لعدم ما يرجع إليه ولا ينقص عن المسمى ( وإلا ) تفسد بهما بل بالشروط أو الشيوع مع العلم بالمسمى [ ص: 49 ] لم يزد ) أجر المثل ( على المسمى ) لرضاهما به ( وينقص عنه ) لفساد التسمية .
واستثنى الزيلعي ما لو استأجر دارا على أن لا يسكنها فسدت ، ويجب إن سكنها أجر المثل بالغا ما بلغ ، وحمله في البحر على ما إذا جهل المسمى لكن أرجعه قاضي خان في شرح الجامع إلى جهالة المسمى [ ص: 50 ] فافهم ، وعلى كل فلا استثناء فتنبه .
قلت : وينبغي استثناء الوقف ; لأن الواجب فيه أجر المثل بالغا ما بلغ فتأمل
( قوله كتسمية ثوب أو دابة ) مثال لمجهول الكل وما بعده مثال مجهول البعض ويلزم منه جهالة الكل ، فصح قوله بعد فيصير الأجر مجهولا . ( قوله لصيرورة المرمة ) أي نفقتها . ( قوله وبعدم التسمية ) كآجرتك داري شهرا أو سنة ولم يقل بكذا منح
( قوله أو بتسمية خمر أو خنزير ) يفيد أن هذه إجارة فاسدة لا باطلة ط أي فيخالف ما مر . ( قوله يعني الوسط منه ) أي عند اختلاف الناس فيه ط . ( قوله لا بالتمكين ) أي تمكين المالك له من الانتفاع .
وفي بعض النسخ بالتمكن : أي تمكن المستأجر منه ( قوله كما مر ) أي متنا في قوله أول هذا الباب بالاستعمال ، وفي قوله أول كتاب الإجارة .
أما في الفاسدة فلا يجب إلا بحقيقة الانتفاع ، وقدمنا تقييده بما إذا وجد التسليم إليه من جهة الإجارة ، وتقدم هناك استثناء الوقف وما بحثه الشارح فراجعه . ( قوله بالغا ما بلغ ) أي إذا لم يبينه المؤجر بعد ، أما إذا بينه فليس له أزيد منه .
قال في الولوالجية : وإن تكارى دابة إلى بغداد ، إن بلغه إياها فله رضاه فبلغه فقال رضاي عشرون درهما فله أجر مثلها إلا أن يكون أكثر من عشرين فلا يزاد عليها ; لأن الأجر مجهول ، ولا يزاد على عشرين ; لأنه أبرأه عن الزيادة سائحاني ( قوله ولا ينقص عن المسمى ) هكذا يوجد في موضعين : الأول [ ص: 49 ] بعد قوله يعني الوسط منه ، والثاني بعد قوله لعدم ما يرجع إليه ، وأفاد المحشي أنه لا حاجة إلى هذه الزيادة بل لا معنى لها في الموضعين : أي ; لأن المفروض جهالة المسمى قيل إلا أن يريد بالمسمى ما جهل بعضه كإجارتها بعشرة على أن يرمها ا هـ .
أقول : لا يصح ذلك فإنه ذكر في الخانية أنه يجب في جهالته بعضا أو كلا أجر المثل بالغا ما بلغ ثم قال : فأما إذا فسد بحكم شرط فاسد ونحوه فلا يزاد على المسمى ا هـ ، وكيف يصح ذلك مع قوله لعدم ما يرجع إليه . ( قوله لم يزد على المسمى ) فلو كان أجر المثل اثني عشر والمسمى عشرة فهي له . ( قوله وينقص عنه ) بأن كان المسمى خمسة عشر فله اثنا عشر . ( قوله لفساد التسمية ) أي بفساد العقد ; لأنه إذا فسد الشيء فسد ما في ضمنه
( قوله واستثنى الزيلعي إلخ ) أي من كونه لا يزاد على المسمى إذا فسدت بالشرط ، وقد تبع الشارح فيه صاحب البحر ، وليس في كلام الزيلعي استثناء بل ظاهر كلامه أنه من فروع جهالة المسمى فراجعه . ( قوله فسدت ) ; لأن فيه نفعا لرب الدار لا يقتضيه العقد ; لأنه إذا لم يسكن فيها لا تمتلئ البالوعة والمتوضاة ، وإن لم يكن في الدار بالوعة أو بئر وضوء لا تفسد بالشرط لعدم ما قلنا بزازية وغيرها . ( قوله وحمله في البحر إلخ ) حيث قال : وفيه يعني في استثناء الزيلعي نظر ; لأن الأجرة إن لم تكن مسماة فهي المسألة المتقدمة ، وإن كانت مسماة ينبغي أن لا يجاوز به المسمى كغيرها من الشروط ، وقد ذكرها في الخلاصة ولم يتعرض للأجرة ا هـ .
وظاهر كلامه اختيار الشق الأول بدليل ما ذكره عن الخلاصة .
ووجه كونه من جهالة المسمى مع عدم التسمية أن الشرط المذكور فيه نفع للمالك وقد جعله بدلا وهو مجهول فيجب أجر المثل بالغا ما بلغ تأمل . ( قوله لكن أرجعه إلخ ) اعترض بأنه عين ما في البحر فلا وجه للاستدراك .
قلت : قد يجاب أنه حمله على الشق الثاني ، وهو ما إذا كانت الأجرة مسماة .
ووجه إرجاعه إلى جهالة المسمى حينئذ أنه جعل الأجرة ذلك المسمى وعدم السكنى فصار نظير ما تقدم فيما لو استأجر بمائة درهم على أن يرمها المستأجر ، وعلل الشارح المسألة بقوله لصيرورة المرمة من الأجر فيصير الأجر مجهولا .
وحاصلة أنه بجهالة البعض يحصل جهالة الكل فلهذا قال أرجعه إلى جهالة المسمى ، بخلاف ما في البحر فإنه محمول على جهالة الكل ابتداء ، هذا ما ظهر لي ، والله تعالى أعلم .
ثم رأيت في غاية البيان ما يدل على ما قلته ، ولله تعالى الحمد ، فإنه قال : إذا فسدت الإجارة لفوات شرط مرغوب من جهة الأجير كما لو آجر داره كل شهر بعشرة على أن يعمرها ويؤدي نوائبها فسدت ، فإن لم يفعل يجب أجر المثل بالغا ما بلغ ولا ينقص عن المسمى ; وكذا لو قال آجرتك هذه الدار شهرا بعشرة على أن لا تسكنها فسدت ، فإن سكن يجب أجر المثل بالغا ما بلغ ولا ينقص عن المسمى ، وهذا أيضا يرجع إلى جهالة المسمى في الحقيقة كذا قال فخر الدين قاضي خان ا هـ .
فقد فرض المسألة فيما لو كان مسمى وشبهها بمسألة المرمة ، وقال : وهذا أيضا [ ص: 50 ] يرجع إلى جهالة المسمى : أي كما يرجع الأول وهذا عين ما حملت عليه كلامه قبل أن أراه ، والحمد لله ( قوله فافهم ) لعله إشارة إلى الفرق الذي ذكرناه ، ونكات هذا الشارح الفاضل أدق من هذا كما يعرفه من مارس كلامه وعلم مرامه . ( قوله قلت إلخ ) هو منقول في جامع الفصولين سائحاني .