[ ص: 553 ] ( وأقلها اثنان ) واحد مع الإمام ولو مميزا أو ملكا [ ص: 554 ] أو جنيا في مسجد أو غيره . وتصح إمامة الجني أشباه ( وقيل واجبة وعليه العامة ) أي عامة مشايخنا وبه جزم في التحفة وغيرها . قال في البحر : وهو الراجح عند أهل المذهب ( فتسن أو تجب ) ثمرته تظهر في الإثم بتركها مرة ( على الرجال العقلاء البالغين الأحرار القادرين على الصلاة بالجماعة من غير حرج ) [ ص: 555 ] ولو فاتته ندب طلبها في مسجد آخر إلا المسجد الحرام ونحوه ( فلا تجب على مريض ومقعد وزمن ومقطوع يد ورجل من خلاف ) أو رجل فقط ، ذكره الحدادي ( ومفلوج وشيخ كبير عاجز وأعمى ) وإن وجد قائدا ( ولا على من حال بينه وبينها مطر وطين [ ص: 556 ] وبرد شديد وظلمة كذلك ) وريح ليلا لا نهارا ، وخوف على ماله ، أو من غريم أو ظالم ، أو مدافعة أحد الأخبثين ، وإرادة سفر ، وقيامه بمريض ، وحضور طعام ( تتوقه ) نفسه ذكره الحدادي ، وكذا اشتغاله بالفقه لا بغيره ، كذا جزم به الباقاني تبعا للبهنسي : أي إلا إذا واظب تكاسلا فلا يعذر ، ويعزر ولو بأخذ المال يعني بحبسه عنه مدة ولا تقبل شهادته إلا بتأويل بدعة الإمام [ ص: 557 ] أو عدم مراعاته .
أقول : وما نقله عن السبكي مأخوذ من حديث " { nindex.php?page=hadith&LINKID=107886إن المسافر إذا أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، ومقتضاه وجوب الجهر عليه ; لكن قدمنا في باب الأذان التصريح عن التتارخانية بأن حكمه حكم المنفرد في الجهر والمخافتة ، وبه يعلم أنه يحنث بحلفه أنه صلى بالجماعة عندنا ولا سيما والأيمان مبنية على العرف عندنا ، وهو منفرد عرفا وشرعا وإلا لأخذ أحكام الإمام على أنه مر في الفصل السابق أنه لا يلزمه الجهر إلا إذا نوى الإمامة ، وكذا مر في شروط الصلاة أنه لا يحنث في : لا يؤم أحدا ما لم ينو الإمامة ، وليس في الحديث التصريح بالاقتداء به وإن كان المراد ذلك ، فلعل انعقاد الجماعة باقتداء الملائكة والجن إنما يستلزم أحكامها إذا كانوا على صورة ظاهرة ولهذا لو جامع جني امرأة ووجدت لذة لا يلزمها الاغتسال كما في الخانية إلا إذا أنزلت كما في الفتح أو جاءها على صورة آدمي كما في الحلية وكذا يقال في إمامة الجني ، والله أعلم ( قوله قال في البحر إلخ ) وقال في النهر : هو أعدل الأقوال وأقواها ولذا قال في الأجناس : لا تقبل شهادته إذا تركها استخفافا ومجانة ، إما سهوا أو بتأويل ككون الإمام من أهل الأهواء أو لا يراعي مذهب المقتدي فتقبل . ا هـ . ط .
واعترض الشرنبلالي بأن هذا ينافي وجوب الجماعة . وأجاب ح بأن الوجوب عند عدم الحرج ، وفي تتبعها في الأماكن القاصية حرج لا يخفى مع ما في مجاوزة مسجد حيه من مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=30864لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد } " . ا هـ . وفيه أن ظاهر إطلاقه الندب ولو إلى مكان قريب ، وقوله مع ما في مجاوزة إلخ .
قد يقال : محله فيما إذا كان فيه جماعة ; ألا ترى أن مسجد الحي إذا لم تقم فيه الجماعة وتقام في غيره لا يرتاب أحد أن مسجد الجماعة أفضل . على أنهم اختلفوا في الأفضل هل جماعة مسجد حيه أو جماعة المسجد . الجامع ؟ كما في البحر ط .
قلت : لكن في الخانية وإن لم يكن لمسجد منزله مؤذن فإنه يذهب إليه ويؤذن فيه ويصلي وإن كان واحدا لأن لمسجد منزله حقا عليه ، فيؤدي حقه مؤذن مسجد لا يحضر مسجده أحد . قالوا : هو يؤذن ويقيم ويصلي وحده ، وذاك أحب من أن يصلي في مسجد آخر . ا هـ . ثم ذكر ما مر عن الفتح ، ولعل ما مر فيما إذا صلى فيه الناس فيخير ، بخلاف ما إذا لم يصلي فيه أحد لأن الحق تعين عليه . وعلى كل فقول ط قد يقال إلخ غير مسلم ، والله أعلم ( قوله ونحوه ) قال في القنية : إلا المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم وعزاه في آخر شرح المنية إلى مختصر البحر ثم قال : وينبغي أن يستثني المسجد الأقصى أيضا لأنها في المسجد الحرام بمائة ألف ، وفي مسجده عليه الصلاة والسلام بألف ، وفي المسجد الأقصى بخمسمائة ا هـ وينبغي استثناء مسجد الحي على ما قلناه آنفا ( قوله ومقعد وزمن ) قال في المغرب : المقعد الذي لا حراك به من داء في جسده كأن الداء أقعده . وعند الأطباء : هو الزمن ، وبعضهم فرق وقال : المقعد المتشنج الأعضاء . والزمن الذي طال مرضه . وقال في فصل الزاي : الزمن الذي طال مرضه زمانا ، وقيل الزمن عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة المقعد والأعمى والمقطوع اليدين أو إحداهما . والمفلوج والأعرج الذي لا يستطيع المشي والأشل . ا هـ . ( قوله ومفلوج ) وهو من به فالج ، وهو استرخاء لأحد شقي الإنسان لانصباب خلط بلغمي تنسد منه مسالك الروح قاموس
( قوله وإن وجد قائدا ) وكذا الزمن لو كان غنيا له مركب وخادم ، فلا تجب عليهما عنده خلافا لهما حلية عن المحيط . وذكر في الفتح أن الظاهر أنه اتفاق ، والخلاف في الجمعة لا في الجماعة ا هـ لكن المسطور في الكتب المشهورة خلافه حلية ( قوله ولا على من حال بينه وبينها مطر وطين ) أشار بالحيلولة إلى أن المراد المطر الكثير كما قيده به في صلاة الجمعة . وكذا الطين وفي الحلية ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : سألت nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة عن الجماعة في طين وردغة ، فقال : لا أحب تركها . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الموطأ : الحديث رخصة ، يعني قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=14494إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال } والنعال : هنا الأراضي الصلاب وفي شرح الزاهدي عن شرح التمرتاشي : واختلف في كون الأمطار والثلوج والأوحال والبرد الشديد عذرا وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : إن اشتد التأذي بعذر قال nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن : أفادت هذه الرواية أن الجمعة والجماعة في ذلك سواء ، [ ص: 556 ] ليس على ما ظنه البعض أن ذلك عذر في الجماعة لأنها سنة لا في الجمعة لأنها من آكد الفرائض ا هـ وفي شرح الشيخ إسماعيل عن ابن الملقن الشافعي : والمشهور أن النعال جمع نعل : وهو ما غلظ من الأرض في صلابة ، وإنما خصها بالذكر لأن أدنى بلل ينديها ، بخلاف الرخوة فإنها تنشف الماء . وقيل النعال الأحذية ( قوله وبرد شديد ) لم يذكر الحر الشديد أيضا ، ولم أر من ذكره من علمائنا ، ولعل وجهه أن الحر الشديد إنما يحصل غالبا في صلاة الظهر ، وقد كفينا مؤنته بسنية الإبراد ، نعم قد يقال : لو ترك الإمام هذه السنة وصلى في أول الوقت كان الحر الشديد عذرا تأمل ( قوله وظلمة كذلك ) أي شديدة ، في الظاهر أنه لا يكلف إلى إيقاد نحو سراج وإن أمكنه ذلك وأن المراد بشدة الظلمة كونه لا يبصر طريقه إلى المسجد فيكون كالأعمى .
( قوله وريح ) أي شديد أيضا فيما يظهر تأمل ; وإنما كان عذرا ليلا فقط لعظم مشقته فيه دون النهار ( قوله وخوف على ماله ) أي من لص ونحوه إذا لم يمكنه غلق الدكان أو البيت مثلا ، ومنه خوفه على تلف طعام في قدر أو خبز في تنور تأمل ، وانظر هل التقييد بماله للاحتراز عن مال غيره ؟ والظاهر عدمه : لأن له قطع الصلاة له ولا سيما إن كان أمانة عنده كوديعة أو عارية أو رهن مما يجب عليه حفظه تأمل ( قوله أو من غريم ) أي إذا كان معسرا ليس عنده ما يوفي غريمه وإلا كان ظالما ( قوله أو ظالم ) يخافه على نفسه أو ماله ( قوله الأخبثين ) وكذا الريح ( قوله وإرادة سفر ) أي وأقيمت الصلاة ويخشى أن تفوته القافلة بحر ; وأما السفر نفسه فليس بعذر كما في القنية ( قوله وقيامه بمريض ) أي يحصل له بغيبته المشقة والوحشة ، كذا في الإمداد ( قوله تتوقه نفسه ) أي تشتاقه وتنازعه إليه مصباح ، سواء كان عشاء أو غيره لشغل باله إمداد ، ومثله الشراب ، وقرب حضوره كحضوره فيما يظهر لوجود العلة ، وبه صرح الشافعية ( قوله وكذا اشتغاله بالفقه إلخ ) عبارة نور الإيضاح : وتكرار فقة بجماعة تفوته ، ولم أر هذا القيد لغيره ، ورمز في القنية لنجم الأئمة فيمن لا يحضرها لاستغراق أوقاته في تكرير الفقه لا يعذر ولا تقبل شهادته ، ثم رمز له ثانيا أنه يعذر ، بخلاف مكرر اللغة ثم وفق بينهما بحمل الأول على المواظب على الترك تهاونا ، والثاني على غيره ، وهذا ما مشى عليه الشارح في قوله أي إلا إلخ ( قوله فلا يعذر ويعزر ) الأول بالذال والثاني بالزاي ( قوله يعني بحبسه عنه إلخ ) صرح بذلك في البحر عن البزازية قال الرحمتي قالوا : هذا مما يعلم ويكتم لأن الظلمة صيادون لأخذ المال متى وقع في شركهم لا يؤخذ منهم ، وربما يحدثون للإنسان ذنبا لم يفعله توصلا إلى ماله ا هـ . [ تتمة ]
مجموع الأعذار التي مرت متنا وشرحا عشرون ، وقد نظمتها بقولي : أعذار ترك جماعة عشرون قد أودعتها في عقد نظم كالدرر مرض وإقعاد عمى وزمانة مطر وطين ثم برد قد أضر قطع لرجل مع يد أو دونها فلج وعجز الشيخ قصد للسفر خوف على مال كذا من ظالم أو دائن وشهي أكل قد حضر والريح ليلا ظلمة تمريض ذي ألم مدافعة لبول أو قذر ثم اشتغال لا بغير الفقه في بعض من الأوقات عذر معتبر [ ص: 557 ] قوله أو عدم مراعاته ) أي لمذهب المقتدي فيما يوجب بطلان الصلاة على ما سيأتي بيانه