( وإن اختلف شاهدا قتل في زمان أو في المكان أو في آلته أو قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر : لم أدر بماذا قتله أو شهد أحدهما على معاينة القتل والآخر على إقرار القاتل به بطلت ) ; لأن القتل لا يتكرر [ ص: 571 ] ( وكذا ) تبطل الشهادة ( لو كمل النصاب في كل واحد منهما ) لتيقن القاضي بكذب أحد الفريقين ولا أولوية ( ولو كمل أحد الفريقين دون الآخر قبل الكامل منهما ) لعدم المعارض ( ولو شهدا ) بقتله ( وقالا جهلنا آلته تجب الدية في ماله ) في ثلاث سنين شرنبلالية استحسانا حملا على الأدنى وهو الدية وكانت في ماله ; لأن الأصل في الفعل العمد ( وإن أقر كل واحد منهما ) أي من الرجلين ( أنه قتله وقال الولي قتلتماه جميعا له قتلهما ) عملا بإقرارهما ( ولو كان مكان الإقرار ) والمسألة بحالها ( شهادة لغت ) الشهادتان لأن التكذيب تفسيق وفسق الشاهد يبطل شهادته أما فسق المقر لا يبطل الإقرار ( ولو قال ) الولي ( في ) صورة ( الإقرار ) السابقة صدقتما ( ليس له أن يقتل واحدا منهما ) لأن تصديقه بانفراد كل بقتله وحده إقرار بأن الآخر لم يقتله بخلاف قوله قتلتماه ، لأنه دعوى القتل بلا تصديق فيقتلهما بإقرارهما زيلعي ( ولو أقر ) رجل ( بأنه قتله وقامت البينة على آخر أنه قتله وقال الولي قتله كلاهما كان له ) للولي ( قتل المقر دون المشهود عليه ) لأن فيه تكذيبا لبعض موجبه كما مر ، ولو قال الولي لأحد المقرين صدقت أنت قتلته وحدك كان له قتله لتصادقهما على وجوب القتل عليه وحده ( كما لو قال ذلك لأحد المشهود عليهما ) كان له قتله لعدم تكذيبه شهوده عليه وإنما كذب الآخرين وكذا حكم الخطأ في كل ما ذكر ذكره الزيلعي .
( قوله أو في المكان ) أي المتباعد فإن كان متقاربا كبيت شهد أحدهما إني رأيته قتله في هذا الجانب ، وشهد الآخر إني رأيته قتله في هذا الجانب فتقبل ولوالجية ( قوله أو في آلته ) بأن قال أحدهما قتله بعصا والآخر قتله بالسيف . قال في الخزانة : ولو شهد أحدهما بالقتل بالسيف والآخر بالسكين لم يجز ولو كانت الشهادتان بإقراره جاز ا هـ ومنه يظهر أن وجه بطلان الشهادة مجرد الاختلاف لا كون موجب شهادة أحدهما العمد والآخر الخطأ عزمية ( قوله ; لأن القتل لا يتكرر ) هذا إنما يظهر في الاختلاف في الزمان أو المكان أو الآلة ، فإن في كل من الثلاثة أحد الشاهدين شهد فيه بقتل ، والآخر بآخر ويلزم منه اختلافهما في المشهود به .
وأما في الصورة الرابعة فالعلة أن أحدهما شهد بشبه العمد ، والآخر بقتل مطلق يحتمل العمد ، وشبه العمد والخطأ فلم يثبت اتفاقهما في المشهود به ، وكذا في الخامسة لشهادة أحدهما على الفعل والآخر [ ص: 571 ] على القول فلو قال لاختلاف المشهود به لشمل الكل ( قوله وكذا تبطل الشهادة إلخ ) ظاهره بطلانها في الصور الخمس مع أن الزيلعي إنما ذكر ذلك بعد الثلاثة الأول فقط ، وبه تظهر العلة التي ذكرها ; لأن كل فريق شهد بقتل آخر ، والقتل لا يتكرر فيتيقن بكذب أحد الفريقين ، أما في الرابعة والخامسة فلا يظهر فتدبر ( قوله ولا أولوية ) أي ليس إحدى الشهادتين أولى بالقبول من الأخرى ، وظاهر أن هذا إذا تعارضتا قبل الحكم بإحداهما وإلا فلا تسمع الثانية تأمل ; لأن كل بينتين متعارضتين إذا سبق الحكم بإحداهما لغت الأخرى ( قوله ولو كمل أحد الفريقين ) أي تم نصاب الشهادة في جانب دون آخر ( قوله استحسانا ) والقياس أن لا تقبل ; لأن الفعل يختلف باختلاف الآلة فجهل المشهود به هداية ( قوله حملا على الأدنى ) ; لأنهم شهدوا بقتل مطلق والمطلق ليس بمجمل ، فيجب أقل موجبيه وهو الدية ولا يحتمل قولهما لا ندري على الغفلة ، بل يحمل على أنهما سعيا للدرء المندوب إليه في العقوبات إحسانا للظن بهما عيني ( قوله لغت ) إلا إذا صدق الولي إحدى البينتين كما يأتي ط أي في قول المصنف كما لو قال ذلك لأحد المشهود عليهما أي قال له أنت قتلته .
( قوله ; لأن التكذيب تفسيق ) ; لأن قوله قتلتماه تكذيب للشهود في بعض المشهود به ، حيث ادعى اشتراكهما في القتل ، فكأنه قال لم ينفرد بقتله ، بل شاركه آخر وهذا القدر من التكذيب يمنع قبول الشهادة لادعائه فسقهم به دون الإقرار زيلعي ( قوله ليس له أن يقتل واحدا منهما ) وليس له دية أيضا لما ذكره ا هـ ط ( قوله إقرار بأن الآخر لم يقتله ) فكان مكذبا لهما في إخبارهما بالقتل ط ( قوله بلا تصديق ) أي في الانفراد فإن كلا منهما أقر بانفراده بكل القتل وبالقصاص عليه ، والمقر له صدقه في وجوب القتل عليه أيضا لكنه كذبه في انفراده بالقتل وتكذيب المقر في بعض ما أقر به لا يضر كما مر ( قوله ولو أقر رجل إلخ ) صورته ادعى الولي على رجلين بالقتل وجاء ببينة فشهدت البينة على أحدهما وأقر الآخر تأمل ( قوله ; لأن فيه ) أي في قوله قتله كلاهما ( قوله لبعض موجبه ) أي موجب ما شهدا به ; لأنهما أثبتا انفراد المشهود عليه بالقتل ، والمدعي يقول لا بل قتله هو والآخر ( قوله كما مر ) أي من أن التكذيب تفسيق ( قوله كما لو قال ذلك ) أي أنت قتلته وحدك