( غصب ) رجل ( صبيا حرا ) لا يعبر عن نفسه والمراد بغصبه الذهاب به بلا إذن وليه ( فمات ) هذا الحر ( في يده فجاءة أو بحمى لم يضمن وإن مات بصاعقة أو نهش حية فديته على عاقله الغاصب ) استحسانا لتسببه بنقله لمكان الصواعق أو الحيات حتى لو نقله لمواضع يغلب فيه الحمى والأمراض ضمن فتجب فيه الدية على العاقلة لكونه قتلا تسببا هداية وغيرها .
قلت : بقي لو نقل الحر الكبير لهذه الأماكن تعديا إن مقيدا ولم يمكنه التحرز عنه ضمن وإن لم يمنعه من [ ص: 624 ] حفظ نفسه لا لأنه بتقصيره . فحكم صغير ككبير مقيد عناية
( قوله لا يعبر عن نفسه ) لأنه لو كان يعبر يعارضه بلسانه ، فلا تثبت يده حكما كذا في الشرنبلالي عن البرهان ; ومثله في الكفاية والقهستاني وغيرهما قال في المعراج : لكن الفرق الآتي بين المكاتب والصبي ، يشير إلى أن المراد مطلق الصبي ، فإن الصبي الذي يزوجه وليه غير مقيد بذلك ذكره في الكافي ا هـ ملخصا ( قوله والمراد بغصبه إلخ ) فيكون ذكر الغصب بطريق المشاكلة وهو أن يذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته عناية ( قوله فجأة ) بالضم والمد أو بالفتح ، وسكون الجيم بلا مد قهستاني ( قوله بصاعقة ) أي نار تسقط من السماء أو كل عذاب مهلك كما في القاموس ، فيشمل الحر الشديد والبرد الشديد والغرق في الماء ، والتردي من مكان عال كما في الجناية وغيرها قهستاني ( قوله لم يضمن ) لأن ذلك لا يختلف باختلاف الأماكن هداية ( قوله استحسانا ) والقياس عدم الضمان مطلقا ، لأن غصب الحر لا يتحقق ، ألا ترى أنه لو كان مكاتبا صغيرا لا يضمن مع أنه حر يدا فهذا أولى .
والجواب ما أشار إليه : وهو أن الضمان لا بالغصب بل بالإتلاف تسببا ، وقد أزال حفظ الولي ، فيضاف الإتلاف إليه أما المكاتب ، فهو في يد لنفسه ولو صغيرا ولذا لا يزوجه أحد ، فهو كالحر الكبير أما الصبي فإنه في يد وليه ولذا يزوجه ا هـ من الهداية والكفاية ( قوله لموضع يغلب فيه الحمى والأمراض ) أي بأن كان المكان مخصوصا بذلك فيضمن لا بسبب العدوى لأن القول به باطل بل ، لأن الهواء بخلق الله تعالى مؤثر في بني آدم وغيره كالغذاء بزازية ( قوله لهذه الأماكن ) أي الغالب فيها الهلاك واللام بمعنى إلى ( قوله ضمن ) لأن المغصوب عجز [ ص: 624 ] عن حفظ نفسه بما صنع فيه عناية وكذا يضمن لو صنع بالمكاتب كذلك كما ذكره الزيلعي ( قوله فحكم صغير ككبير مقيد ) الأولى في التعبير أن يقال ; فحكم كبير مقيد كصغير ، لأن مسألة الصغير منصوصة في المتون ، ومسألة الكبير ذكرها الشراح عن الإمام المحبوبي
وفي حاشية أبي السعود : استشكل هذا العلامة المقدسي بقولهم لو كتف شخصا ، وقيده وألقاه فأكله السبع لا قصاص ولا دية ، ولكن يعزر ويحبس حتى يموت ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام إن عليه الدية ، ولو قمط صبيا وألقاه في الشمس أو البرد حتى مات فعلى عاقلته الدية كذا في الحافظية فليتأمل . ولعل القول بالضمان في الحر الكبير المقيد محمول على تلك الرواية ا هـ ومثله في حاشية الرملي وأصل الاستشكال لصاحب المعراج حيث قال : ويشكل على هذا ما لو حبس إنسانا فمات منه من الجوع ، لا يضمن مع أنه عجز عن حفظ نفسه بما صنع حابسه ا هـ
أقول : قد علمت أن مسألة الصبي على استحسان ، وألحقوا به الكبير فهو استحسان أيضا وما أورد عليه مفرع على القياس ، والاستحسان راجح عليه ، وتلك الرواية موافقة للاستحسان ، فقد يدعي ترجيحها بذلك ، وأما لو حبسه فمات جوعا فعدم ضمانه قول nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام ; وقدمنا أول الجنايات أن عليه الفتوى ، وأن الفرق هو أن الجوع والعطش من لوازم الإنسان ، فلا يضاف للجاني بخلاف هذه الأفعال ، فلا تشكل على مسألتنا ، وأنت على علم بأن العمل على ما في المتون والشروح فاغتنم هذا التحرير