( وإن مرت دابة عليها قتيل بين قريتين ) أو قبيلتين ( فعلى أقربهما ) لما روي { nindex.php?page=hadith&LINKID=108492أنه صلى الله عليه وسلم أمر في قتيل وجد بين قريتين بأن يذرع فوجد إلى أحدهما أقرب بشبر فقضى عليها بالقسامة } ولو استويا فعليهما وقيد الدابة اتفاقي قهستاني ( بشرط سماع الصوت منهم ) هكذا عباره الزيلعي . [ ص: 631 ] وعبارة الدرر وغيرها منه عبارة البرجندي نقلا عن الكافي يسمعون صوته لأنه حينئذ يلحقه للغوث فينسبون إلى التقصير في النصرة ( وإلا ) بأن كان في موضع لا يسمع منه الصوت ( لا ) تلزمهم نصرته فلا ينسبون إلى التقصير فلا يجعلون قاتلين تقديرا ( ويراعى حال المكان الذي وجد فيه القتيل فإن كان مملوكا تجب القسامة على الملاك والدية على عاقلتهم ) وكذا لو موقوفا على أرباب معلومين ، لأن العبرة للملك والولاية كما أفاده المصنف مستند الولوالجية والبزازية .
قلت : وسيجيء التصريح به في المتن تبعا للدرر وغيرها وحينئذ فلا عبرة للقرب إلا إذا وجد في مكان مباح لا ملك لأحد ولا يد وإلا فعلى ذي الملك واليد والمراد بالولاية واليد : الخصوص ولو لجماعة يحصون فلو لعامة المسلمين فلا قسامة ولا دية على أحد بدائع لكن سيجيء وجوبا في بيت المال فتأمل والمراد باليد أيضا المحقة .
وأما الأراضي التي لها مالك أخذها وال ظلما فينبغي أن يكون القتيل فيها هدرا لأنه ليس على الغاصب دية قهستاني عن الكرماني فليحرر [ ص: 632 ] ( وإن مباحا لكنه في أيدي المسلمين تجب الدية في بيت المال ) لما ذكرنا أنه إذا كان بحال يسمع منه الصوت ، يجب عليه الغوث كذا في الولوالجية
( قوله وإن مرت دابة ) أي ولم يكن معها أحد مسكين إذ لو معها سائق أو نحوه فقد مر آنفا ( قوله أو قبيلتين ) أو سكتين أو محلتين قهستاني ( قوله فعلى أقربهما ) أي من القتيل وهذا إذا كان في موضع لا يكون مملوكا لأحد ، وإلا فعلى مالكه قهستاني ويأتي قريبا وقال فيه إشعار بأنه لو وجد بين أرض قرية فعلى الأقرب ( قوله ولو استويا فعليهما ) فلو كان في إحدى القريتين ألف رجل ، وفي الأخرى أقل فالدية على القريتين نصفان بلا خلاف ط عن الهندية
أقول : وقد علمت أن من الشروط : الدعوى من الولي ، فإذا ادعى على إحداهما دون الأخرى كيف الحكم ، والذي يظهر لي بحثا أنه لو ادعى على إحدى المستويين لا تسقط القسامة عن الأخرى ، لأن الوجوب عليهما فهو كما لو ادعى على معين من أهل محلة ، وأما لو ادعى على البعدى ، فهو إبراء منه للقربى ، لأن أصل الوجوب عليها وحدها كما لو ادعى على واحد من غير أهل المحلة وليراجع ( قوله وقيد الدابة أتقاني ) فالحكم كذلك لو وجد طريحا بينهما ط ( قوله بشرط سماع الصوت منهم ) عبر عنه الزيلعي وصاحب الهداية يقبل ، لكن جزم به في الخانية والولوالجية وتبعهما ابن كمال وصاحب الدرر ، وجعله متنا كالمصنف وكذا في المواهب ، ووجهه ظاهر ، ومفاد أنه لم يسمع منه الصوت فدمه هدر ، لكن هذا إذا لم يكن المكان مملوكا أو عليه يد خاصة أو عامة كما يأتي تقريره .
( قوله هكذا عبارة الزيلعي ) أي على ما في بعض النسخ ، وفي بعضها مثل ما في الدرر ويمكن إرجاع الكل إلى معنى واحد فقوله : منهم صلة سماع ، وقوله : منه حال من الصوت ، وهو معنى ما في الكافي على أن الغالب أنه إذا كان بحيث يسمعون صوته فهو يسمع صوتهم ، لكن لما كان مدار الضمان على نسبة التقصير إليهم بعدم إغاثته كان الملحوظ سماعهم صوته لا بالعكس فأورد الشارح عبارة الدرر وغيرها لبيان المراد في [ ص: 631 ] كلام المصنف فتدبر ( قوله لا يسمعون ) كذا فيما رأيت من النسخ ، والصواب إسقاط لا ليناسب التعليل ( قوله وكذا لو موقوفا على أرباب معلومين ) أي تجب القسامة والدية عليهم كما سيأتي ( قوله على أرباب معلومين ) خرج به غير المعلومين كالموقوف على الفقراء والمساكين ، فالدية في بيت المال كما سيأتي عن المصنف بحثا .
( قوله لأن العبرة للملك والولاية ) فيه أن الولاية في الوقت لواقفه أو لمن جعلها له لا للموقوف عليهم ( قوله وحينئذ ) أي حين إذ كانت الدية في المملوك والموقوف الخاص على أربابه ، فلا عبرة للقرب المشروط بسماع الصوت إلا في مباح لا ملك عليه لأحد ولا يد : أي يد خصوص ، ودخل تحت ذلك المباح شيئان المفازة التي لا ينتفع بها أحد والفلاة المنتفع بها التي في أيدي المسلمين ففيهما يعتبر للقرب بأن ينظر إلى أقرب موضع يسمع منه الصوت فتجب القسامة على أهله ، فإن لم يسمع منه الصوت ، فإن كان في أيدي المسلمين ، فالدية في بيت المال كما يذكره المصنف قريبا ، وإلا فهدر كما فهم من قول المصنف بشرط سماع الصوت كما قررناه وهذا ما نقله ط عن الهندية عن المحيط من أن القتيل إذا وجد في فلاة فإن مملوكة فالقسامة والدية على المالك وقبيلته ، وإلا فإن كان يسمع منه الصوت من مصر أي مثلا فعليهم القسامة ، وإلا فإن للمسلمين فيه منفعة الاحتطاب والاحتشاش والكلأ فالدية في بيت المال وإلا فدمه هدر ا هـ ملخصا .
وعلى هذا فقول الخانية ولو في موضع مباح إلا أنه في أيدي المسلمين فالدية في بيت المال محمول على ما إذا لم يكن بقربه مصر أو قرية يسمع منه الصوت ، بدليل أنه في الخانية جزم باشتراط السماع أولا كما قدمناه عنه والحاصل أن المعتبر أولا هو الملك واليد الخاصة ثم القرب ثم اليد العامة .
[ تنبيه ] قال في التتارخانية وإن لم تكن الأرض ملكا وكان يسمع منه الصوت فعلى أقرب القبائل من المصر إلى ذلك الموضع ا هـ فأفاد أن القسامة ليست على جميع أهل المصر بل على أقرب قبيلة منها إلى ذلك الموضع فليحفظ ( قوله ولو لجماعة يحصون ) أي لو كان لواحد أو لجماعة يحصون كالموقوف على معلومين ( قوله لكن سيجيء ) أي في المتن قريبا ( قوله فتأمل ) أشار به إلى إمكان الجمع بأن يحمل قول البدائع . ولا دية على أحد أي من الناس ا هـ ح : أي فلا ينافي في وجوبها في بيت المال ولكن هذا حيث لا قرب ، وإلا فالوجوب على من يسمع الصوت كما علمت ( قوله فليحرر ) أقول : تحريره أن فيه خلافا فإن ما عزاه القهستاني إلى الكرماني من أنه ليس على الغاصب دية هو المذكور في شروح الهداية عند قوله الآتي ، وإن بيعت ولم تقبض . وقال الزيلعي هناك بخلاف ما إذا كانت الدار وديعة : أي حيث يضمن المالك ، لأن هذا الضمان ترك الحفظ ، وهو إنما [ ص: 632 ] يجب على من كان قادرا على الحفظ ، وهو من له يد أصالة لا يد نيابة ويد المودع يد نيابة ، وكذا المستعير والمرتهن وكذا الغاصب ; لأن يده يد أمانة لأن العقار لا يضمن بالغصب عندنا ذكره في النهاية . وذكر في الهداية ما يدل على أن الضمان على الغاصب ا هـ : أي بناء على القول بأن الغصب يتحقق في العقار ورجحه غير واحد من أئمتنا منح ( قوله وإن مباحا إلخ ) أي ولا يسمع منه الصوت كما قدمناه ( قوله لما ذكرنا إلخ ) هذا ذكره الولوالجية تعليلا لقوله قبله ، وإنما تجب الدية والقسامة على أقرب القريتين إذا كان بحال يسمع منه الصوت ، لكنه فصل بين التعليل والمعلل بما ذكره المصنف متنا من قوله : ويراعى حال المكان إلخ فظن الشارح أنه تعليل لذلك ، وليس كذلك لما علمت من أن محل الوجوب هنا على بيت المال إذا كان بعيدا عن العمران لا يسمع منه الصوت