نعم لو صافح بنية السلام قالوا تفسد ، كأنه لأنه عمل كثير : وفي النهر عن صدر الدين الغزي : سلامك مكروه على من ستسمع ومن بعد ما أبدي يسن ويشرع مصل وتال ذاكر ومحدث خطيب ومن يصغي إليهم ويسمع مكرر فقه جالس لقضائه ومن بحثوا في الفقه دعهم لينفعوا مؤذن أيضا أو مقيم مدرس كذا الأجنبيات الفتيات امنع ولعاب شطرنج وشبه بخلقهم ومن هو مع أهل له يتمتع ودع كافرا أيضا ومكشوف عورة ومن هو في حال التغوط أشنع ودع آكلا إلا إذا كنت جائعا وتعلم منه أنه ليس يمنع [ ص: 617 ] وقد زدت عليه : المتفقه على أستاذه كما في القنية ، والمغني ، ومطير الحمام ، وألحقته فقلت :
كذلك أستاذ مغن مطير فهذا ختام والزيادة تنفع
[ ص: 618 ] وصرح في الضياء بوجوب الرد في بعضها وبعدمه في قوله سلام عليكم بجزم الميم
( قوله لا بيده ) أي لا يفسدها رد السلام بيده ، خلافا لمن عزا إلى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه مفسد فإنه لم يعرف نقله من أحد من أهل المذهب ، وإنما يذكرون عدم الفساد بلا حكاية خلاف ، بل صريح كلام nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أنه قول أئمتنا الثلاثة ، وكأن هذا القائل فهم من قولهم ولا يرد بالإشارة أنه مفسد كذا في الحلية لابن أمير الحاج الحلبي ، واستدرك في البحر على قوله فإنه لم يعرف إلخ بأنه نقله صاحب المجمع وهو من أهل المذهب المتأخرين ، ومع هذا فالحق أن الفساد ليس بثابت في المذهب ; وإنما استنبطه بعض المشايخ مما في الظهيرية وغيرها من أنه لو صافح بنية التسليم فسدت فقال : فعلى هذا تفسد أيضا إذا رد بالإشارة ، ويدل لعدم الفساد أنه عليه الصلاة والسلام فعله كما رواه أبو داود وصححه في الترمذي .
وصرح في المنية بأنه مكروه : أي تنزيها ، وفعله عليه الصلاة والسلام لتعليم الجواز فلا يوصف فعله بالكراهة كما حققه في الحلية . ا هـ . ( قوله قالوا تفسد ) فيه إيماء إلى ما ذكره في البحر بحثا من أن الظاهر استواء حكم الرد بالمصافحة وباليد وهو عدم الفساد للأحاديث الواردة في ذلك ، وقوله كأنه إلخ فيه إيماء إلى ما ذكره في النهر من أن هذا التعليل أولى من تعليل الزيلعي وغيره بأنه كلام معنى لأن الرد باليد كلام معنى أيضا فتدبر ، وبالله التوفيق ، كذا رأيته بخط الشارح في هامش الخزائن . مطلب المواضع التي يكره فيها السلام
( قوله سلامك مكروه ) ظاهره التحريم ط وسيجيء التصريح بالإثم في بعضها ( قوله ومن بعد ما أبدي إلخ ) فعل مضارع رباعي : أي أظهر ; والمعنى وغير الذي أذكره هنا يسن ، ولا يناقضه قوله والزيادة تنفع لأنه من كلام صاحب النهر كما ستعرفه فافهم ( قوله ذاكر ) فسره بعضهم بالواعظ لأنه يذكر الله تعالى ويذكر الناس به ; والظاهر أنه أعم ، فيكره السلام على مشتغل بذكر الله تعالى بأي وجه كان رحمتي ( قوله خطيب ) يعم جميع الخطب ط ( قوله ومن يصغي إليهم ) أي إلى من ذكر ولو إلى المصلي إذا جهر ، وهو داخل في التالي ط ( قوله مكرر فقه ) أي ليحفظه أو يفهمه ( قوله جالس لقضائه ) قاس بعض مشايخنا الولاة والأمراء على القاضي . قال شمس الأئمة السرخسي : الصحيح الفرق ، فالرعية يسلمون على الأمراء والولاة ، والخصوم لا يسلمون على القضاة ; والفرق أن السلام تحية الزائرين والخصوم ما تقدموا إلى القاضي زائرين بخلاف الرعية ، فعلى هذا لو جلس القاضي للزيارة فالخصوم يسلمون عليه ، ولو جلس الأمير لفصل الخصومة لا يسلمون عليه ، كذا في الثامن من كراهية التتارخانية ، ومقتضى هذا أن الخصوم إذا دخلوا على المفتي لا يسلمون عليه تأمل .
( قوله ومن بحثوا في الفقه ) عبارة النهر في العلم ، وفي الضياء مذاكرة العلم ، فيعم كل علم شرعي ( قوله أيضا ) بوصل الهمزة للضرورة ط ( قوله مدرس ) أي شيخ درس العلم الشرعي بقرينة ما ذكرناه آنفا ( قوله الفتيات ) جمع فتية : المرأة الشابة ، [ ص: 617 ] ومفهومه جوازه على العجوز ، بل صرحوا بجواز مصافحتها عند أمن الشهوة ( قوله ولعاب ) بضم اللام وتشديد العين المهملة جمع لاعب ( قوله وشبه ) بكسر الشين : أي مشابه لخلقهم بالضم ، والمراد من يشابههم في فسقهم من سائر أرباب المعاصي ; كمن يلعب بالقمار ، أو يشرب الخمر ، أو يغتاب الناس ، أو يطير الحمام أو يغني فقد نبه بلعب الشطرنج المختلف فيه على أن ما فوقه مثله بالأولى وسيأتي في الحظر والإباحة أنه يكره السلام على الفاسق لو معلنا وإلا لا ا هـ وفي فصول العلامي : ولا يسلم على الشيخ الممازح والكذاب واللاغي ، ولا على من يسبه الناس أو ينظر وجوه الأجنبيات ، ولا على الفاسق المعلن ، ولا على من يغني أو يطير الحمام ما لم تعرف توبتهم .
ويسلم على قوم في معصية وعلى من يلعب بالشطرنج ناويا أن يشغلهم عما هم فيه عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . وكره عندهما تحقيرا لهم . ا هـ . وظاهر قوله ما لم تعرف توبتهم أن المراد كراهة السلام عليهم في غير حالة مباشرة المعصية ، أما في حالة مباشرتها ففيه الخلاف المذكور ( قوله يتمتع ) الظاهر منه ما يعم مقدمات الجماع ط ( قوله ودع كافرا ) أي إلا إذا كان لك حاجة إليه فلا يكره السلام عليه كما سيأتي في باب الحظر والإباحة ( قوله ومكشوف عورة ) ظاهره ولو الكشف لضرورة ط ( قوله حال التغوط ) مراده ما يعم البول ط ( قوله إلا إذا كنت إلخ ) انظر ما وجه ذلك ؟ مع أن الكراهة إنما هي في حالة وضع اللقمة في الفم ، كما يظهر مما في حظر المجتبى : يكره السلام على العاجز عن الجواب حقيقة كالمشغول بالأكل أو الاستفراغ ، أو شرعا كالمشغول بالصلاة وقراءة القرآن ، ولو سلم لا يستحق الجواب ا هـ .
( قوله وقد زدت عليه المتفقه على أستاذه ) كما في القنية والمغني ومطير الحمام ، وألحقته فقلت كذلك أستاذ إلخ ، هكذا يوجد في بعض النسخ ، وهو من تتمة عبارة صاحب النهر ، والبيت المذكور من نظمه ( قوله كذلك أستاذ ) فيه أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ح عن شيخه . والجواب أن المراد السلام عليه في حالة اشتغاله بالتعليم كما يأتي ، وبه يعلم أنه داخل في النظم السابق في قوله مدرس ، وكذا المغني ومطير الحمام داخلان في قوله وشبه بخلقهم كما نبهنا عليه ، ولكن الغرض ذكر ما وقع التصريح به في كلامه ، وإلا ففي النظم السابق أشياء متداخلة يغني ذكر بعضها عن بعض ، وعن هذا زاد شيخ مشايخنا الشهاب أحمد المنيني كما نقله عنه الرحمتي أشياء أخر نظمها بقوله : وزد عد زنديق وشيخ ممازح ولاغ وكذاب لكذب يشيع ومن ينظر النسوان في السوق عامدا ومن دأبه سب الأنام ويردع ومن جلسوا في مسجد لصلاتهم وتسبيحهم هذا عن البعض يسمع ولا تنس من لبى هنالك صرحوا فكن عارفا يا صاح تحظى وترفع [ ص: 618 ]
( قوله وصرح في الضياء إلخ ) أي نقلا عن روضة الزندوستي ، وذكر ح عبارته . وحاصلها : أنه يأثم بالسلام على المشغولين بالخطبة أو الصلاة أو قراءة القرآن أو مذاكرة العلم أو الآذان أو الإقامة ، وأنه لا يجب الرد في الأولين لأنه يبطل الصلاة والخطبة كالصلاة ، ويردون في الباقي لإمكان الجمع بين فضيلتي الرد ، وما هم فيه من غير أن يؤدي إلى قطع شيء تجب إعادته . قال ح : ويعلم من التعليل الحكم في بقية المسائل المذكورة في النظم . ا هـ . قلت : لكن في البحر عن الزيلعي ما يخالفه فإنه قال : يكره السلام على المصلي والقارئ ، والجالس للقضاء أو البحث في الفقه أو التخلي ولو سلم عليهم لا يجب عليهم الرد لأنه في غير محله . ا هـ . ومفاده أن كل محل لا يشرع فيه السلام لا يجب رده . مطلب المواضع التي لا يجب فيها رد السلام
وفي شرح الشرعة : صرح الفقهاء بعدم وجوب الرد في بعض المواضع : القاضي إذا سلم عليه الخصمان ، والأستاذ الفقيه إذا سلم عليه تلميذه أو غيره أوان الدرس ، وسلام السائل ، والمشتغل بقراءة القرآن ، والدعاء حال شغله ، والجالسين في المسجد لتسبيح أو قراءة أو ذكر حال التذكير . ا هـ . وفي البزازية : لا يجب الرد على الإمام والمؤذن والخطيب عند الثاني ، وهو الصحيح ا هـ وينبغي وجوب الرد على الفاسق لأن كراهة السلام عليه للزجر فلا تنافي الوجوب عليه تأمل . هذا ، وقد نظم الجلال الأسيوطي المواضع التي لا يجب فيها رد السلام ونقلها عنه الشارح في هامش الخزائن فقال : رد السلام واجب إلا على من في الصلاة أو بأكل شغلا أو شرب أو قراءة أو أدعيه أو ذكر أو في خطبة أو تلبيه أو في قضاء حاجة الإنسان أو في إقامة أو الآذان أو سلم الطفل أو السكران أو شابة يخشى بها افتتان أو فاسق أو ناعس أو نائم أو حالة الجماع أو تحاكم أو كان في الحمام أو مجنونا فواحد من بعدها عشرونا .
( قوله بجزم الميم ) كأنه لمخالفته السنة فعلى هذا لو رفع الميم بلا تنوين ولا تعريف كان كجزم الميم لمخالفته السنة أيضا . ا هـ . ح . قلت : وقد سمع من العرب سلام عليكم بلا تنوين ، وخرجه في مغني اللبيب على حذف أل أو تقدير مضاف : أي سلام الله لكن قال في الظهيرية : ولفظ السلام : السلام عليكم ، أو سلام عليكم بالتنوين ، وبدون هذين كما يقول الجهال لا يكون سلاما ا هـ وذكر في التتارخانية عن بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن سلام الله عليكم دعاء لا تحية وسنذكر بقية أبحاث السلام في كتاب الحظر والإباحة