( وإن أوصى الذمي أن يبني داره بيعة أو كنيسة لمعينين فهو جائز من الثلث ويجعل تمليكا ، وإن ) أوصى ( بداره أن تبنى كنيسة ) أو بيعة ( في القرى ) فلو في المصر لم يجز اتفاقا ( لقوم غير مسمين صحت ) عنده لا عندهما لما مر أنه معصية . وله أنهم يتركون وما يدينون فتصح ( كوصية حربي مستأمن ) لا وارث له هنا ( بكل ماله لمسلم أو ذمي ) كذا في الوقاية ، ولا عبرة بمن ثمة لأنهم أموات في حقنا .
ولو أوصى بنصفه مثلا نفذ ورد باقيه لورثته لا إرثا ، بل لأنه لا مستحق له في دارنا ، وكذا لو أوصى لمستأمن مثله . ولو أعتق عبده عند الموت أو دبره نفذ من الكل لما قلنا . ولو أوصى له مسلم أو ذمي جاز على الأظهر زيلعي [ ص: 698 ] ( وصاحب الهوى إذا كان لا يكفر فهو بمنزلة المسلم في الوصية ) لأنا أمرنا ببناء الأحكام على ظاهر الإسلام ( وإن كان يكفر فهو بمنزلة المرتد ) فتكون موقوفة عنده نافذة عندهما شرح المجمع .
( قوله لمعينين ) أي معلومين يحصى عددهم معراج ( قوله فهو جائز ) أي اتفاقا ولا يلزمهم جعلها كنيسة كما مر ( قوله في القرى ) المراد بالقرى ما ليس فيه شيء من شعائر الإسلام وإلا فكالأمصار ذكره القهستاني والبرجندي در منتقى ( قوله غير مسمين ) بياء واحدة كمصطفين ، وفي كثير من النسخ بياءين وهو تحريف ، فإن الياء الأولى حذفت بعد قلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ( قوله لما مر أنه معصية ) أي ولا يمكن جعله تمليكا لعدم تعيينهم ، وهذا تعليل لنفي الصحة عندهما ( قوله وله أنهم يتركون وما يدينون ) فإن هذا قربة في اعتقادهم ، ولذا لو أوصى بما هو قربة حقيقة ، معصية في معتقدهم لا يجوز اعتبارا لاعتقادهم . والفرق له بين البناء والوصية أن البناء نفسه ليس بسبب لزوال ملك الباني ، والوصية وضعت لإزالة الملك هداية ملخصا ( قوله كوصية حربي مستأمن ) قيد به ، لأن وصية الذمي تعتبر من الثلث ولا تصح لوارثه ، وتجوز لذمي من غير ملته لا لحربي في دار الحرب ا هـ ملتقى ( قوله لا وارث له هنا ) أي في دارنا ، ومفهومه لو كان وارثه هنا لا تجوز بأكثر من الثلث .
وعبر الزيلعي وغيره من هذا المفهوم بقيل فأفاد ضعفه ، لكن جزم بما ذكره الشارح في الوقاية والإصلاح والملتقى ، وأشار إليه في الهداية والجامع الصغير ، فيفيد ذلك أنه المعتمد لأن المتون مقدمة على الشروح ، وبه جزم الأتقاني مستندا إلى ما في شرح السرخسي ، لأن حق وارثه هنا معتبر بسبب الأمان ، ولو كان له وارث آخر ثمة شارك الحاضر ولم يكن للموصى له إلا الثلث ا هـ ( قوله كذا في الوقاية ) كان ينبغي ذكره عقب قوله لا وارث له هنا ليشير به إلى مخالفة الزيلعي كما ذكرنا ( قوله ولا عبرة بمن ثمة ) أي بورثته الذين هناك : أي في دار الحرب ، أي لا يراعى حقهم في إبطال الزائد على الثلث ( قوله ورد باقيه لورثته ) مراعاة لحقه أي لا لحقهم ، فمن حقه تسليم ماله إلى ورثته إذا فرغ من حاجته وتصرفه إتقاني ( قوله لا إرثا إلخ ) كذا في المنح أول الوصايا ، وهو نفي لما يتوهم من قوله لورثته ، وبيان للفرق بين هذه المسألة والتي قبلها ، فإنه هناك لم يرد ما زاد على الثلث إلى ورثته لأن له مستحقا وهو الموصى له بالكل ( قوله وكذا ) أي تصح ( قوله لما قلنا ) من أنه لا عبرة بورثته ثمة إلخ ( قوله على الأظهر ) مقابله ما عن الشيخين من عدم الجواز لأنهم في دارهم حكما حتى يمكن من الرجوع إليها فصارت كالإرث . ووجه الأول أنها تمليك مبتدأ ولهذا تجوز للذمي والعبد بخلاف الإرث زيلعي [ ص: 698 ] قوله وصاحب الهوى ) .
قال السيد الجرجاني في تعريفاته : أهل الهوى أهل القبلة الذين لا يكون معتقدهم معتقد أهل السنة ، وهم الجبرية والقدرية والروافض والخوارج والمعطلة والمشبهة ، وكل منهم اثنتا عشرة فرقة فصاروا اثنين وسبعين ( قوله إذا كان لا يكفر ) أي به فحذف الجار لظهوره ط ( قوله فتكون موقوفة ) أي إن أسلم نفذت ، وإن مات على ردته بطلت كسائر تصرفاته