( وغسل الفم ) أي استيعابه ، ولذا عبر بالغسل - - [ ص: 116 ] أو للاختصار ( بمياه ) ثلاثة ( والأنف ) ببلوغ الماء المارن ( بمياه ) وهما سنتان مؤكدتان مشتملتان على سنن خمس : الترتيب ، والتثليث ، وتجديد الماء ، وفعلهما باليمنى ( والمبالغة فيهما ) بالغرغرة ، ومجاوزة المارن ( لغير الصائم ) لاحتمال الفساد ; وسر تقديمهما اعتبار أوصاف الماء ; . لأن لونه يدرك بالبصر ، وطعمه بالفم ، وريحه بالأنف . ولو عنده ماء يكفي للغسل مرة معهما وثلاثا بدونهما غسل مرة .
( قوله : ولذا عبر بالغسل ) أفاد أن الاستيعاب يفاد بالغسل دون المضمضة والاستنشاق ، وفيه نظر فإنهما كذلك فالمضمضة اصطلاحا استيعاب الماء جميع الفم . وفي اللغة التحريك . والاستنشاق اصطلاحا إيصال الماء إلى المارن . ولغة من النشق ، وهو جذب الماء ونحوه بريح الأنف إلى داخله بحر . وأجيب بأن المراد ما قاله الزيلعي ، وهو أن السنة فيهما المبالغة ، والغسل أدل على ذلك .
وأورد أن المبالغة المذكورة ليست نفس الاستيعاب ، على أن المبالغة سنة أخرى ، فالتعبير عنها وعن أصلها [ ص: 116 ] بعبارة واحدة يوهم أنهما سنة واحدة وليس هناك نهر . وأيضا لا يناسب ذلك من صرح بسنية المبالغة كالمصنف . قلت : فالأحسن أن يقال : إن التعبير بغسل الفم والأنف أدل على الاستيعاب من المضمضة والاستنشاق بالنظر إلى المعنى اللغوي ، تأمل ( قوله : أو للاختصار ) أورد عليه أن الاختصار مطلوب ما لم يفوت فائدة مهمة ، فإن المضمضة إدارة الماء في الفم ثم مجه ، والغسل لا يدل على ذلك : وأجاب في النهر بأن كون المج شرطا فيها هو رواية عن الثاني .
والأصح أنه ليس بشرط ; لما في الفتح : لو شرب الماء عبا أجزأه عن المضمضة ، وقيل : لا ، ومصا لا يجزيه . هذا ، وأبدى العيني وجها ثالثا هو التنبيه على حديهما ( قوله : بمياه ) إنما قال : بمياه ولم يقل : ثلاثا ; ليدل على أن المسنون التثليث بمياه جديدة ، أفاده في المنح ط ( قوله : المارن ) هو ما لان من الأنف قاموس ( قوله : وهما سنتان مؤكدتان ) فلو تركهما أثم على الصحيح سراج . قال في الحلية : لعله محمول على ما إذا جعل الترك عادة له من غير عذر كما قالوا مثله في ترك التثليث كما يأتي ( قوله : مشتملتان ) أي مشتمل كل منهما على سنن خمس ، وباعتبارهما تكون السنن اثنتي عشرة سنة ، فافهم ؟ نعم قد يقال : الترتيب سنة واحدة فيهما ، تأمل .
( قوله : والتثليث ) في البحر عن المعراج أن ترك التكرار مع الإمكان لا يكره ، وأيده في الحلية { nindex.php?page=hadith&LINKID=107691بأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه تمضمض واستنشق مرة } " كما أخرجه أبو داود ، ثم قال : وينبغي تقييده بما إذا لم يجعل الترك عادة له ( قوله : وتجديد الماء ) أي أخذه ماء جديدا في كل مرة فيهما ( قوله : وفعلهما باليمنى ) أي ويمخط ويستنثر باليسرى ، كما في المنية والمعراج ( قوله : والمبالغة فيهما ) هي السنة الخامسة . وفي شرح الشيخ إسماعيل عن شرح المنية : والظاهر أنها مستحبة .
( قوله : بالغرغرة ) أي في المضمضة ، ومجاوزة المارن في الاستنشاق ، وقيل : المبالغة في المضمضة تكثير الماء حتى يملأ الفم . قال في شرح المنية والأول أشهر ( قوله : وسر تقديمهما ) أي حكمة تقديمهما على فرائض الوضوء ( قوله : اعتبار أوصاف الماء ) على حذف مضاف : أي الوقوف على تمام أوصاف الماء ، فإن أوصافه اللون والطعم والريح ، فاللون يرى بالبصر ، وبهما يحصل تمام الأوصاف التي قد تعرض له ، فافهم ( قوله : ولو عنده ماء إلخ ) في شرح الزاهدي عن الشفاء : المضمضة والاستنشاق سنتان مؤكدتان ، من تركهما يأثم . قال الزاهدي : وبهذا تبين أن من عنده ماء الوضوء مرة معهما وثلاثا بدونهما ; فإنه يتوضأ مرة معهما ا هـ كذا في الحلية أي لأنهما آكد في التثليث بدليل الإثم بتركهما ، لكن قدمنا حمل الإثم على اعتياد الترك بلا عذر ، على أن التثليث كذلك كما يأتي . والأحسن قول ح " لأن النبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه ترك التثليث حيث { nindex.php?page=hadith&LINKID=107692غسل مرة مرة ، وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به } ولم يرد عنه ترك المضمضة والاستنشاق .