( و ) السنن ( آكدها سنة الفجر ) اتفاقا ، ثم الأربع قبل الظهر في الأصح ، لحديث { من تركها لم تنله شفاعتي } ثم الكل سواء ( وقيل بوجوبها ، فلا تجوز صلاتها قاعدا ) ولا راكبا اتفاقا ( بلا عذر ) على الأصح ، [ ص: 15 ] ولا يجوز تركها لعالم صار مرجعا في الفتاوى ( بخلاف باقي السنن ) فله تركها لحاجة الناس إلى فتواه ( ويخشى الكفر على منكرها وتقضى ) إذا فاتت معه ، بخلاف الباقي .
( قوله في الأصح ) استحسنه في الفتح فقال : ثم اختلف في الأفضل بعد ركعتي الفجر . قال الحلواني : { ركعتا المغرب فإنه صلى الله عليه وسلم لم يدعهما سفرا ولا حضرا } ثم التي بعد الظهر لأنها سنة متفق عليها ، بخلاف التي قبلها لأنها قيل هي للفصل بين الأذان والإقامة ، ثم التي بعد العشاء ، ثم التي قبل الظهر ، ثم التي قبل العصر ، ثم التي قبل العشاء . وقيل بعد العشاء وقبل الظهر وبعده وبعد المغرب كلها سواء . وقيل التي قبل الظهر آكد وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن ، وقد أحسن ، لأن نقل المواظبة الصريحة عليها أقوى من نقل مواظبته صلى الله عليه وسلم على غيرها من غير ركعتي الفجر . ا هـ .
( قوله لحديث إلخ ) قال في البحر : وهكذا صححه في العناية والنهاية لأن فيها وعيدا معروفا : قال عليه الصلاة والسلام { من ترك أربعا قبل الظهر لم تنله شفاعتي } ا هـ قال ط : ولعله للتنفير عن الترك ، أو شفاعته الخاصة بزيادة الدرجات . وأما الشفاعة العظمى فعامة لجميع المخلوقات ( قوله وقيل بوجوبها ) وهو ظاهر النهاية وغيرها خزائن .
قلت : وإليه يميل كلام البحر ، حيث قال : وقد ذكروا ما يدل على وجوبها ، ثم ساق المسائل التي فرعها المصنف ، ووفق بينه وبين ما في أكثر الكتب من أنها سنة مؤكدة بأن المؤكدة بمعنى الواجب . وأجاب عما ينافيه وكتبناه فيما علقناه عليه ما فيه .
( قوله اتفاقا ) أما على القول بالوجوب فظاهر . وأما على القول بالسنية فمراعاة للقول بالوجوب ولآكديتها ط . هذا : وقد ذكر في البحر الاتفاق عن الخلاصة وأقره ، لكن نازع فيه في الإمداد [ ص: 15 ] جازما بأن الجواز على القول بالسنية وأن عدمه إنما هو على القول بالوجوب ، واستند في ذلك إلى ما في الزيلعي والبرهان من التصريح ببناء ذلك على الخلاف . ثم قال : ولا يخفى ما في حكاية الإجماع على عدم الجواز وليس الإجماع إلا على تأكدها ا هـ لكن يخالفه ما نذكره قريبا عن الخانية من الفرق بينهما وبين التراويح ، في أنها لا تصح قاعدا لأنها سنة مؤكدة بلا خلاف ، تأمل .
( قوله على الأصح ) عزاه المصنف في المنح إلى باب التراويح من الخانية .
أقول : والذي في الخانية هناك : لو صلى التراويح قاعدا ، قيل لا يجوز بلا عذر ، لما روى الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : لو صلى سنة الفجر قاعدا بلا عذر لا يجوز فكذا التراويح لأن كلا منهما سنة مؤكدة . وقيل يجوز ، وهو الصحيح . والفرق أن سنة الفجر سنة مؤكدة بلا خلاف ، والتراويح دونها في التأكد ، فلا يجوز التسوية بينهما . ا هـ .
فأنت ترى أنه إنما صحح جواز التراويح قاعدا لا عدم جواز الفجر ، نعم مقتضى كلامه تسليم عدم الجواز في سنة الفجر فتأمل .
( قوله فله تركها إلخ ) الظاهر أن معناه أنه يتركها وقت اشتغاله بالإفتاء لأجل حاجة الناس المجتمعين عليه ، وينبغي أنه يصليها إذا فرغ في الوقت . وظاهر التفرقة بين سنة الفجر وغيرها أنه ليس له ترك صلاة الجماعة لأنها من الشعائر ، فهي آكد من سنة الفجر ، ولذا يتركها لو خاف فوت الجماعة ، وأفاد ط أنه ينبغي أن يكون القاضي وطالب العلم كذلك لا سيما المدرس .
( قوله ويخشى الكفر على منكرها ) أي منكر مشروعيتها إن كان إنكاره لشبهة أو تأويل دليل ، وإلا فينبغي الجزم بكفره لإنكاره مجمعا عليه معلوما من الدين بالضرورة كما قدمناه أول الباب .
( قوله وتقضى ) أي إلى قبيل الزوال ، وقوله معه تنازعه قوله تقضى وفاتت فلا تقضى إلا معه حيث فات وقتها ; أما إذا فاتت وحدها فلا تقضى ، ولا تقضى قبل الطلوع ولا بعد الزوال ولو تبعا على الصحيح أفاده ح وسينبه عليه المصنف في الباب الآتي .