صفحة جزء
وهل حج التطوع أفضل من صدقة التطوع ؟ سأل حرب لأحمد أيحج نفلا أم يصل قرابته ؟ قال : إن كانوا محتاجين يصلهم أحب إلي ، قيل : فإن لم يكونوا قرابة ؟ قال : الحج . وذكر أبو بكر بعد هذه الرواية رواية أخرى عن أحمد أنه سئل عن هذه المسألة فقال : من الناس من يقول لا أعدل بالمشاهد شيئا . وترجم أبو بكر : فضل صلة القرابة بعد فرض الحج . ونقل ابن هانئ في هذه المسألة : وإن قرابته فقراء ؟ فقال أحمد : يضعها في أكباد جائعة أحب إلي . فظاهره العموم ، وذكر شيخنا أن الحج أفضل ، وأنه مذهب أحمد ، فظهر من هذا هل الحج أفضل ؟ [ ص: 655 ] أم الصدقة مع الحاجة ؟ أم مع الحاجة على القريب ؟ أم على القريب مطلقا ؟ فيه روايات أربع وفي المستوعب : وصيته بالصدقة أفضل من وصيته بحج التطوع فيؤخذ منه أن الصدقة أفضل بلا حاجة ( م 1 ) وليس المراد الضرورة ; لأن الفرض أنها تطوع ، وفي الزهد للإمام أحمد [ ص: 656 ] عن الحسن قال ، يقول أحدهم : أحج أحج ، قد حججت ، صل رحما ، تصدق على مغموم ، أحسن إلى جار . وفي كتاب الصفوة لابن الجوزي أن الصدقة أفضل من الحج ومن الجهاد ، وعلل بأنها سر لا يطلع عليها إلا الله تعالى ، والله أعلم ، وسبق أول صلاة التطوع أن الحج أفضل من العتق ، فحيث قدمت الصدقة على الحج فعلى العتق أولى ، وحيث قدم العتق على الصدقة فالحج أولى ، وروى ابن أبي شيبة وغيره عن التابعين قولين : هل الحج أفضل من الصدقة ؟ وروى أيضا : حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي مسكين قال : كانوا يرون أنه إذا حج مرارا أن الصدقة أفضل .


[ ص: 655 ] باب صدقة التطوع

( مسألة 1 ) قوله : وهل حج التطوع أفضل من الصدقة مطلقا ؟ أم الصدقة مع الحاجة ؟ أم مع الحاجة على القريب ؟ أم على القريب مطلقا ؟ روايات أربع .

وفي المستوعب : وصيته بالصدقة أفضل من وصيته بحج التطوع ، فيؤخذ منه أن الصدقة أفضل بلا حاجة ، انتهى ، قال الشيخ تقي الدين : الحج أفضل من الصدقة ، وإنه مذهب أحمد .

وقال ابن الجوزي في كتاب الصفوة : الصدقة أفضل من الحج ومن الجهاد ، انتهى ( قلت ) الصواب : أن الصدقة زمن المجاعة على المحاويج أفضل ، لا سيما الجار خصوصا صاحب العائلة ، وأخص من ذلك القرابة ، فهذا فيما يظهر لا يعد له الحج التطوع ، بل النفس تقطع بهذا ، وهذا نفع عام ، وهو متعد ، وهو قاصر ، وهو ظاهر كلام المجد في شرحه وغيره .

وأما الصدقة مطلقا أو على القريب غير المحتاج فالحج التطوع أفضل منه ، والله أعلم ، وقد حكى المصنف في باب صلاة التطوع قولا إن الحج أفضل تطوعات البدن ، وذكر أدلة ذلك ، ثم قال : فظهر من هذا أن نفل الحج أفضل من صدقة التطوع ومن العتق ومن الأضحية ، ويأتي ذلك في صدقة التطوع والأضحية ، انتهى .

( قلت ) : ما قال مسلم إذا لم يكن حاجة ، فأما مع الحاجة فلا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية