صفحة جزء
[ ص: 384 ] وله أن يضارب لآخر فإن أضر بالأول حرم ، فإن خالف وربح رد نصيبه منه في شركة الأول ، نص على ذلك ، واختار شيخنا لا يرد كعمله في ماله أو إيجار نفسه . ونقل الأثرم : إذا اشترط النفقة فقد صار أجيرا له ولا يضارب لغيره ، قيل : فإن كانت لا تشغله ؟ قال : لا يعجبني ، لا بد من شغل ، وعليه أن يتولى ما جرت العادة به ، فإن فعله بأجرة غرمها ، وله الاستئجار للنداء على المتاع وما العادة جارية به ، وليس له فعله ليأخذ أجرته بلا شرط ، على الأصح ، وبذله خفارة وعشرا على المال . قال أحمد : ما أنفق على المال فعلى المال ، وقاله شيخنا في البذل لمحارب ونحوه . وإن عين لمضاربة بلدا أو متاعا .

وقال في الرعاية : عام الوجود ، أو نقدا ، أو من يبيع أو يشتري منه .

وفي المستوعب وغيره : أو جمعهما . وذكر في المغني : لا جمعهما ، تعين . وللمضارب النفقة بشرط فقط ، نص عليه ، كوكيل .

وقال شيخنا : أو عادة فإن شرطها مطلقة فله نفقة مثله والكسوة ، ونصه من المأكول فقط ، وظاهره إلا أن يطول سفره ويحتاج تجديدها فله ، جزم به في المغني . ونقل حنبل : ينفق على [ ص: 385 ] معنى ما كان ينفق لنفسه غير متعد ولا مضر بالمال ، ولو لقيه ببلد أذن في سفره إليه وقد نض فأخذه فله نفقة رجوعه ، في وجه وله التسري بإذنه ، في رواية في الفصول ، والمذهب أنه يملكها ويصير ثمنها قرضا ، ونقل يعقوب اعتبار تسمية ثمنها ويعزر بوطئه ، نقله [ ص: 386 ] ابن منصور . وقيل يحد قبل الربح ، ذكره ابن رزين ، وذكره غيره : إن ظهر ربح عزر ويلزمه المهر وقيمتها إن أولدها ، وإلا حد عالما ، ونصه : يعزر ، ولا يطأ ربه الأمة ولو عدم الربح . ونقل ابن هانئ أنه سئل : يشتري جارية أو يكتسي ويأكل ؟ قال : لا يجوز هذا إلا أن يقول : كل شيء تأخذ من مضاربتك . ونقل ابن القاسم : إن ضارب لآخر لم يجز ، فإن أنفق على نفسه في طريقه فعليهما بالحصص ، وإن تلف بعض المال قبل تصرفه فباقيه رأس المال ، وإن [ ص: 387 ] تلف أو تعيب أو خسر أو نزل سعره بعد التصرف ونقل حنبل : وقبله جبر الوضيعة من ربح باقيه قبل قسمته ناضا أو تنضيضه مع محاسبته ، نص عليهما . ونقل ابن منصور وحرب : إذا احتسبا وعلما ما لهما ، واحتج به في الانتصار ، وأنه يحتمل أن يستحق ربح ربحه . ونقل حنبل : إذا حال حوله من يوم احتسبا زكاة المضارب ، لأنه علم ماله في المال ، والوضيعة بعد ذلك على رب المال وأحب أن لا يحاسب نفسه ، يكون معه رجل من قبل رب المال ، كالوصي لا يشتري من نفسه لنفسه يكون معه غيره . قال الأزجي : لا يجوز أن يختص رب المال بحساب المال ليس معه أحد ، نقله حنبل ، للتهمة ، ولا تختص المفاضلة بمكان العقد . وفي الترغيب : هل تستقر بمحاسبة دون قسمة وقبض ؟ فيه روايتان ، وفيه [ في مضاربة ] فيخرج مثله إذا نض ، فلو كان مائة فخسر عشرة ثم أخذ ربه عشرة نقص بها وقسطها مما خسر درهم وتسع ، ولو ربح في المائة عشرين فأخذها فقد أخذ سدسه ، فنقص رأس المال [ سدسه ] ستة عشر وثلثين ، وقسطها ثلاثة وثلث ، ومن الربح مهر وثمرة وأجرة وأرش وكذا نتاج ، ويتوجه وجه ، وإن دفع إليه ألفين في وقتين لم يخلطهما ، نص عليه ، [ ص: 388 ] ويتوجه جوازه ، وإن أذن قبل تصرفه في الأول أو بعده وقد نض جاز ، ولو تلف المال ثم اشترى سلعة للمضاربة فكفضولي ، وإن اشتراها في الذمة ثم تلف المال قبل نقد ثمنها أو تلف هو والسلعة فالثمن على رب المال ، ولرب السلعة مطالبة كل منهما بالثمن ، ويرجع به العامل ، وإن أتلفه ثم نقد الثمن من مال نفسه بلا إذن لم يرجع رب المال عليه بشيء ، وهو على المضاربة . لأنه لم يتعد فيه ، ذكره الأزجي قال : وإن أتلفه انفسخت ، لأنه لا يملكه ما لم يقبضه ، ومن أتلفه ضمن الربح للآخر ، ثم إن كان تلفه بعد التصرف فالمضاربة بحالها [ وإلا فهي في قدر ثمنها ، ولو قتل العبد فالأمر لرب المال ، فإن عفا على مال فالمضاربة بحالها ] كبذل البيع ، والزيادة على قيمته ربح ، ويحتمل لرب المال ، لعدم عمل من العامل ، قال الأزجي : وفيه نظر ، كبيعه بعض السلع ومع ربح القود إليهما .


[ ص: 385 ] تنبيهان ) :

( الأول ) قوله : ولو لقيه بموضع أذن له في السفر إليه وقد نض الثمن كله فقبضه منه فله نفقة رجوعه في وجه ، انتهى . ظاهر هذا أن المقدم : لا نفقة له في رجوعه وهو كذلك ، قدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم وجزم به في الرعاية .

( والوجه الثاني ) له النفقة في رجوعه ( قلت ) : وهو الصواب .

( الثاني ) قوله : وله التسري بإذنه ، وفي رواية في الفصول ، والمذهب أنه يملكها ويصير ثمنها قرضا ، ونقل يعقوب اعتبار تسمية ثمنها ، انتهى . اعلم أن الصحيح من المذهب أنه لو أذن له في التسري فاشترى جارية صح التسري وملكها وصار ثمنها قرضا ، نص عليه في رواية يعقوب بن بختان ، وعليه الأصحاب ، وقطعوا به .

وقال في الفصول . فإن شرط المضارب أن يتسرى من مال المضاربة ، فقال في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث . يجوز أن يشتري المضارب جارية من المال إذا أذن له .

وقال في رواية يعقوب بن بختان : يجوز ذلك ويكون دينا عليه ، فأجاز له ذلك بشرط أن يكون المال في ذمته ، قال أبو بكر : اختياري ما نقله يعقوب ، فكأنه جعل المسألة على روايتين ، واختار هذه ، قال شيخنا : وعندي أن المسألة رواية واحدة ، وأنه لا يجوز الشراء من مال المضاربة إلا أن يجعل المال في ذمته ، وعلى هذا كمل قوله في رواية الأثرم ، لأنه لو كان له ذلك لاستباح البضع بغير ملك [ ص: 386 ] يمين ولا عقد نكاح ، انتهى كلامه في الفصول ، فنقل صاحب الفصول لا ينافي المذهب ، أكثر ما فيه أن الإمام أحمد أطلق الرواية بالجواز إذا أذن له .

وفي الرواية الأخرى قال يجوز ويكون ثمنها دينا عليه ، وقول أبي بكر يحتمل ما قاله ابن عقيل من أنه جعل المسألة على روايتين ، وهو بعيد ، ويحتمل أنه أراد أن تكون رواية الأثرم وإبراهيم كرواية يعقوب مبينة لروايتهما ، وأن أبا بكر اختار الحمل ، وهو الصواب ، وكلام القاضي يدل على ذلك ، فابن عقيل لم يثبت رواية مخالفة للحكم من قول أبي بكر ، بل قال : كأنه جعل المسألة على روايتين ، والمصنف أثبت رواية في الفصول بأن له التسري بإذنه من غير أن يكون ثمنها في ذمته ، وليس هذا برواية ، بل مجرد احتمال لكلام أبي بكر ، ورواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث ويعقوب منقولات في غير الفصول ، فكون المصنف يخص الرواية بالفصول إما من نقل الرواية أو من قول أبي بكر فيه نظر فيما يظهر . والله أعلم .

وقال شيخنا يمكن حمل كلامه في رواية على أنه أذن له في التملك من مال المضاربة ما يشتري به جارية له ، فلا يثبت في ذمته الثمن ، ويصير الثمن كالهبة ، وليس دخول الجارية في ملكه موقوفا على كون المال في ذمته ، وهذا ظاهر ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية