صفحة جزء
وذكر أبو الفتح بن المهنا أن النكاح فرض كفاية ، فكان الاشتغال به أولى ، كالجهاد ، وكان القياس يقتضي وجوبه على الأعيان ، تركناه للحرج والمشقة ، ومنع أنه ليس بعبادة ; لأن العبادة تتلقى من [ ص: 149 ] الشرع ، وقد أمر به ، وإنما صح من الكافر ; لما فيه من عمارة الدنيا ، كعمارة المساجد والقناطر ، وكذا العتق يصح من المسلم عبادة ، ومن الكافر وليس بعبادة . وقيل له : لا يكون الاشتغال به أولى من العبادة كالتسري ، فقال : التسري لم يوضع للنكاح ، كذا قال . وله النكاح بدار حرب ضرورة وبدونها وجهان وكرهه أحمد ، وقال : لا يتزوج ولا يتسر إلا أن يخاف على نفسه ، قال : ولا يطلب الولد ، ونقل ابن هانئ : لا يتزوج ولو خاف ( م 4 ) ، يجب عزله إن حرم نكاحه بلا ضرورة ، وإلا استحب ، ذكره في الفصول .


[ ص: 149 ] مسألة 4 ) قوله : وله النكاح بدار حرب ضرورة وبدونها وجهان ، وكرهه أحمد وقال : لا يتزوج ولا يتسرى إلا أن يخاف على نفسه ، وقال : ولا يطلب الولد ، ونقل ابن هانئ : لا يتزوج ولو خاف . انتهى . أحدهما ليس له ذلك ، قال ابن خطيب السلامية في نكته : ليس له النكاح سواء كان به ضرورة أم لا .

وقال في المغني في آخر الجهاد : وأما الأسير فظاهر كلام الإمام أحمد لا يحل له التزوج ما دام أسيرا ، وأما الذي يدخل إليهم بأمان كالتاجر ونحوه فلا ينبغي له التزوج ، فإن غلبت عليه الشهوة أبيح له نكاح مسلمة وليعزل عنها ولا يتزوج منهم . انتهى . قال الزركشي : فعلى تعليل أحمد لا يتزوج إلا مسلمة ، ونص عليه في رواية حنبل ، ولا يطأ زوجته إن كانت معه ، ونص عليه في رواية الأثرم وغيره ، وعلى مقتضى تعليله له أن يتزوج آيسة أو صغيرة ، فإنه علل وقال ، من أجل الولد لئلا يستعبد . والوجه الثاني يباح له النكاح مع عدم الضرورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية