صفحة جزء
[ ص: 358 ] ويحنث حالف على تمر للحلاوة ، بكل حلو ، وحالف لا يكلم امرأته للهجر ، بوطئها ، لاقتضاء اليمين منعا والتزاما ، فهي كالأمر والنهي . بخلاف أعتقه لأنه أسود أو لسواده ، يعتق وحده ، وقيل : لأن التعبد منع منه .

وقال القاضي وأبو الخطاب : لأن علته يجوز أن ينتفض ، وقوله لا يطرد ، وقيل : لأنه لا يشبه التشريع ، وكذا أعتقته لأنه أسود أو لسواده ، لجواز المناقضة عليه والبداء ، واختار في التمهيد : له عتق كل أسود ، قال : لأن الأصل عدم البدء في حقه ، ثم النسخ يجوز أن يرد من البارئ في الحكم المنصوص عليه ، كما يرد البدء من الآدمي ، ثم لم يمنع جواز ورود النسخ من القياس ، كذا جواز البدء في حق الموكل ، وجزم به فيه إن قال : إذا أمرتك بشيء لعلة فقس عليه كل شيء من مالي وجدت فيه تلك العلة ، ثم قال : أعتق عبدي فلانا لأنه أسود ، فعتق كل عبد له أسود ، صح ذلك ، وهو نظير قول صاحب الشرع لأنه تعبدنا بالقياس .

وقال في العدة : إن المخالف احتج بأن أهل اللغة لا تستعمل القياس ، فلو قال لوكيله : اشتر لي سكنجبينا فإنه يصلح للصفراء ، لم يصح أن يشتري له رمانا وإن كان يصلح للصفراء ، والجواب أن السكنجبين يختص معاني لا توجد في الرمان ، لذلك لم يجز أن يشتريه ، وقد ورد عن أهل اللغة ما يوجب القول بالقياس ، فإن ابنين لو ضربا أمهما فضرب الأب أحدهما لأنه ضرب أمه ، صلح الرد عليه بأن الآخر ضربها فلم لا تضربه ، وكذلك لو قال : لا تعط فلانا إبرة لئلا يعتدي بها ، لم يصلح أن [ ص: 359 ] يعطيه سكينا ، لأن معناهما واحد ، على أنا نقول بالقياس في الموضع الذي دل الشرع عليه وكلفنا إياه ، وفي تلك المواضع لم يدل الشرع عليه فلم يجب القول به ، فقد أجاب القاضي بوجهين : أولهما كاختيار أبي الخطاب . وهو يدل على أنه لو قال قس عليه كل ما صلح للصفراء جاز .

ويدل أيضا على أنه إذا لم يعتق غير ما أعتقه مع أنه أسود أن لكل عاقل مناقضته ، ويقول له لم يعتق غيره من السود ، وكذا قاله أبو الخطاب وغيره ، وأما إذا قال أعتقت فلانا لأنه أسود فقيسوا عليه كل أسود ، فذكر في الروضة أنه لا يتعدى العتق غير من أعتقه ، ملزما به للمخالف ، وفيه نظر ، ولعل ظاهر ما ذكر من كلام القاضي وأبي الخطاب خلافه ، وفيه قال القاضي في النص على العلة : واحتج بأن الاعتبار باللفظ دون المعنى ، لأنه لو قال والله لا أكلت السكر لأنه حلو لم يحنث بغيره ، وكذا لفظ الشرع ، وأجاب بجواز المناقضة ، وبأن الشارع أمر بالقياس ، وغيره لم يأمر بذلك ، فلو قال لنا قائل قيسوا كلامي بعضه على بعض ثم قال : والله لا أكلت السكر لأنه حلو ، شركه فيه كل حلو .

التالي السابق


الخدمات العلمية