[ ص: 360 ] مسألة 3 ) قوله : " وإن حلف لا يفارق البلد إلا بإذن الوالي أو لا رأى منكرا إلا رفعه إليه ، أو لا تخرج امرأته وعبده إلا بإذنه فعزل ، وطلق ، وأعتق ، أو حلف لا دخله لظلم رآه فيه فزال ، ونوى " ما دام " لم يحنث ، ومع السبب فيه روايتان ، ونصه : يحنث " ، انتهى .
هذه المسائل الخمس تنزع إلى قاعدة هي أصل هذه المسائل كلها وغيرها ، وهي أن اللفظ العام هل يخص بسببه الخاص إذا كان السبب هو المقتضي له ، أو يقضى بعموم اللفظية ؟ وجهان للأصحاب ، قاله في القاعدة الرابعة والعشرين بعد المائة ، وتابعه في القواعد الأصولية .
( أحدهما ) العبرة بعموم اللفظ ، قال في الرعايتين والحاوي الصغير أول الباب : فإن كان اللفظ أعم من السبب أخذ بعموم اللفظ ، وقيل : بل بخصوص السبب ، انتهى .
وقال الناظم فإن كان معناه أعم فخذ به وخل خصوص اللفظ عنده تسدده ، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في الخلاف ، والآمدي وأبو الفتح الحلواني ، nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب ، وغيرهم ، قال [ ص: 361 ] في القواعد الفقهية : وأخذوه من نص nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية علي بن سعيد فيمن حلف لا يصطاد من نهر لظلم رآه فيه فزال الظلم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : النذر يوفي به ، وكذلك أخذوه من قاعدة المذهب فيمن حلف لا يكلم هذا الصبي فصار شيخا أنه يحنث بتكليمه ، تغليبا للتعيين على الوصف ، قالوا : والسبب والقرينة عندنا تعين الخاص ولا تخصص العام ، انتهى .
قال المصنف هنا : ونصه : يحنث ، وذلك لأن الاعتبار بعموم اللفظ .
( والوجه الثاني ) العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ ، وهو الصحيح عند صاحب المغني والبلغة والمحرر ، لكن nindex.php?page=showalam&ids=13028المجد استثنى صورة النهر وما أشبهها ، كمن حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ثم زال الظلم ، فجعل العبرة في ذلك بعموم اللفظ ، وعدى nindex.php?page=showalam&ids=13439الشيخ الموفق الخلاف إليها أيضا . ورجحه nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في عمد الأدلة وقال : هو قياس المذهب ، وجزم به nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في موضع من المجرد ، واختاره الشيخ تقي الدين ، وفرق بينه وبين مسألة النهر المنصوصة ، وذكره ، قال في القواعد : وهذا أحسن ، وقد يكون جده لحظ هذا ، انتهى .
فتلخص في ذلك ثلاثة أقوال ، وقال الزركشي أيضا لما تكلم على لفظ nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي : إذا لم ينو شيئا لا ظاهر اللفظ ولا غير ظاهره رجع إلى سبب اليمين وما هيجها ، فإذا حلف لا يأوي مع امرأته في هذه الدار ، وكان سبب يمينه غيظا من جهة الدار ، لضرر لحقه من جيرانها أو منه حصل عليه بها ، ونحو ذلك اختصت يمينه بها ، كما هو مقتضى اللفظ ، وإن كان لغيظ من المرأة يقتضي جفاها ولا أثر للدار فيه تعدى ذلك إلى كل دار ، المحلوف عليها بالنص ، وما عداها بعلة الجفا التي اقتضاها السبب ، وكذا إذا حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ، أو لا يكلم زيدا لشربه الخمر ، فزال الظلم ، وترك زيد شرب الخمر ، جاز له الدخول والكلام ، لزوال العلة المقتضية لليمين .
وكلام nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي يشمل ما إذا كان اللفظ خاصا والسبب يقتضي التعميم كما مثلنا أولا ، أو كان اللفظ عاما والسبب يقتضي التخصيص كما مثلنا ثانيا ، ولا نزاع بين الأصحاب فيما علمت في الرجوع إلى السبب المقتضي للتعميم ، واختلف في عكسه ، فقيل : فيه وجهان ، وقيل : روايتان ، وبالجملة فيه قولان أو ثلاثة :
( أحدها ) وهو المعروف عند nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في التعليق وفي غيره ، واختيار عامة أصحابه الشريف nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبي الخطاب في خلافيهما : يؤخذ بعموم اللفظ ، وهو يقتضي نص nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وذكره [ ص: 362 ]
( والقول الثاني ) وهو ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي ، واختيار nindex.php?page=showalam&ids=13439أبي محمد ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في موضع : يحمل اللفظ العام على السبب ، ويكون ذلك السبب مبنيا على أن العام أريد به خاص .
( والقول الثالث ) لا يقتضي التخصيص : فيما إذا حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه ، ويقتضي التخصيص فيما إذا دعي إلى غداء فخلف لا يتغدى ، أو حلف لا يخرج عبده ولا زوجته إلا بإذنه والحال يقتضي ما داما كذلك . وقد أشار nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي إلى هذا في التعليق انتهى كلام الزركشي ، وهو موافق لما قاله في القواعد وغيره ، وكل منهما زاد في النقول على الآخر من جهة من اختار في المسألة . وملخصه أن nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وعامة أصحابه كالشريف nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبي الخطاب في خلافيهما ، وأبي الفتح الحلواني والآمدي وغيرهم قالوا : الاعتبار بعموم اللفظ ، وهو المنصوص ، وقدمه في الرعايتين والحاوي ، وهو ظاهر ما جزم به الناظم ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في عمد الأدلة nindex.php?page=showalam&ids=13439والشيخ الموفق والشارح وصاحب البلغة والشيخ تقي الدين ، nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي في موضع في المجرد ، واختاره ابن رجب ، وهو ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي وغيره ، قالوا : الاعتبار بخصوص السبب ، وهو الصواب ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=13028المجد ومن تبعه فرقوا ، وأشار إليه nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في التعليق ، كما نقله الزركشي . وإن كان nindex.php?page=showalam&ids=13028المجد لحظ ما قاله حفيده فيكون قد وافق nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق ، والله أعلم .
( مسألة 4 - 6 ) قوله : وإن انحلت بعزله في أحد الوجهين لم يبر برفعه المنكر بعد عزله ، وفي حنثه ، بعزله أوجه ، الثالث : يحنث إن أمكنه في ولايته ، انتهى .
( أحدهما ) تنحل يمينه ، صححه في التصحيح ، وهو ظاهر كلامه في الوجيز ، وظاهر ما اختاره nindex.php?page=showalam&ids=13439الشيخ الموفق وغيره أو لا ، وهو الصواب .
( الوجه الثاني ) لا تنحل يمينه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : قياس المذهب لا تنحل ، وهما مبنيان على القاعدة المتقدمة ، صرح به في القواعد والمغني وغيرهما .
وقال في الترغيب : إن كان السبب أو القرائن تقتضي حالة الولاية اختص بها ، وإن كانت تقتضي الرفع إليه بعينه [ ص: 363 ] مثل أن يكون مرتكب المنكر قرابة الوالي مثلا وقصد إعلامه بذلك لأجل قرابته وذكر الولاية تعريفا تناول اليمين حال الولاية والعزل .
( المسألة الثانية 5 ) إذا قلنا تنحل يمينه ورأى المنكر في ولايته ولم يرفعه حتى عزل فهل يحنث أم لا ؟ أو يحنث إن أمكنه ؟ أطلق ثلاثة أوجه ، وفيه مسألتان :
( إحداهما ) : إذا أمكنه رفعه ولم يرفعه ، وفيها وجهان ، وأطلقهما في المغني والشرح والمصنف :
( أحدهما ) يحنث بعزله ، وهو أولى :
( والوجه الثاني ) لا يحنث .
( والثالثة 6 ) إذا لم يمكنه رفعه حتى عزل أو مات فهل يحنث أم لا ؟ أطلق الخلاف .
( أحدهما ) يحنث ، قدمه في المغني والشرح .
( والوجه الثاني ) لا يحنث ، ( قلت ) وهو الصواب ، وأطلق الخلاف في الترغيب .
( مسألة 7 - 9 ) قوله : " وإن لم تنحل بعزله فرفعه إليه بعد عزله بر ، وإن لم يعين الوالي إذن ففي تعيينه وجهان في الترغيب ، للتردد بين تعيين العهد والجنس ، وفيه ، لو علم به بعد علمه فقيل : فات البر ، كما لو رآه معه ، وقيل : لا ، لإمكان صورة الرفع ، فعلى الأول : هو كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه ، وفيه وجهان " ، انتهى .
فيه مسائل من الترغيب أطلق فيها الخلاف ، واقتصر عليه ، وأطلقهما في القواعد الأصولية .
( المسألة الأولى 7 ) إذا لم يعين الوالي فهل يتعين ويكون من كان في زمن حلفه أو لا يتعين ؟ أطلق الخلاف [ ص: 364 ]
( أحدهما ) : لا يتعين ( قلت ) : وهو الصواب ، حيث لم يكن نية ولا سبب ، فيكون للجنس ، فيشمل كل وال يولى .
( والوجه الثاني ) يتعين ، وهو من كان اليمين في زمنه ، فيكون للعهد ، وظاهر الحال يقتضي ذلك .
( المسألة الثانية 8 ) : لو علم به بعد علمه ، أي بعد علم الوالي ، صرح به في القواعد ، وهو واضح ، فهل فات البر ؟ كما لو رآه معه أو لا ، لإمكان صورة الرفع ، أطلق الخلاف ، وكذا قال في القواعد ، وهذا لفظ صاحب الترغيب فنقلاه .
( قلت ) : هي شبيهة بما إذا لم يمكنه رفعه إليه إلا بعد عزله ، على ما تقدم ، والصواب أن البر قد فات ، وهو الظاهر من حال الحالف .
( المسألة الثالثة 9 ) على القول بأن البر قد فات ، قال : هو كإبرائه من دين بعد حلفه ليقضينه ، وفيه وجهان ، وأطلقهما المصنف في أواخر هذا الباب ، والصحيح أنه لا يحنث ، صححه في التصحيح ، وجزم به في الوجيز ومنتخب الآدمي ومنوره ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم ، وقدمه في المحرر والنظم ، فكذا الصحيح هنا أنه لا يحنث ، ويأتي ذلك عند كلام المصنف فيها محررا إن شاء الله تعالى في المسألة الحادية والأربعين .