أي زكاتها قالوا حيث أطلقت الصدقة في الكتاب العزيز فالمراد بها الزكاة وبدأ أكثرهم ببيان السوائم اقتداء بكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها كانت مفتتحة بها ولكونها أعز أموال العرب والسوائم جمع سائمة ولها معنيان لغوي وفقهي قال في المغرب سامت الماشية رعت سوما وأسامها صاحبها إسامة والسائمة عن nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي كل إبل ترسل ترعى ، ولا تعلف في الأهل ا هـ وفي ضياء الحلوم : السائمة المال الراعي ( قوله : هي التي تكتفي بالرعي في أكثر السنة ) بيان للسائمة بالمعنى الفقهي ; لأن اسم السائمة لا يزول بالعلف اليسير ولأنه لا يمكن الاحتراز عنه قيد بالأكثر لإفادة أنه لو علفها نصف الحول فإنها لا تكون سائمة فلا زكاة فيها لوقوع الشك في السبب ; لأن المال إنما صار سببا بوصف الإسامة فلا يجب الحكم مع الشك اعترض في النهاية بأن مرادهم تفسير السائمة التي فيها الحكم المذكور فهي تعريف بالأعم إذ بقي قيد كون ذلك لغرض النسل والدر والتسمين وإلا فيشمل الإسامة لغرض الحمل والركوب وليس فيها زكاة وأقره عليه في فتح القدير وقد يجاب بأنهم إنما تركوا هذا القيد لتصريحهم بعد ذلك بأن ما كان للحمل والركوب فإنه لا شيء فيه وصرحوا أيضا بأن العروض إذا كانت للتجارة يجب فيها زكاة التجارة وقالوا : إن العرض خلاف النقد فيدخل فيه الحيوانات ، وحاصله أنه إن أسامها للحمل أو للركوب فلا زكاة أصلا أو للتجارة ففيها زكاة التجارة أو للدر والنسل ففيها الزكاة المذكورة في هذا الباب ، وفي المحيط : ولو اشتراها للتجارة ثم جعلها سائمة يعتبر الحول من وقت الجعل لأن حول زكاة التجارة يبطل بجعلها للسوم ; لأن زكاة السوائم وزكاة التجارة مختلفان قدرا وسببا فلا يبنى حول أحدهما على الآخر فإن قلت قد اقتصر الزيلعي وغيره على أن المراد بها التي تسام للدر والنسل فيفيد أنها لو كانت كلها ذكورا لا تجب الزكاة فيها والمصرح به في البدائع والمحيط أنه لا فرق بين كونها كلها إناثا أو كونها كلها ذكورا أو بعضها ذكورا وبعضها إناثا قلت المقصود من هذا الشرط نفي كون الإسامة للحمل والركوب أو للتجارة لا اشتراط أن تكون للدر والنسل ولذا زاد في المحيط أن تسام لقصد الدر والنسل والزيادة والسمن فالذكور فقط تسام للزيادة والسمن لكن في البدائع لو أسامها للحم لا زكاة فيها كالحمل والركوب
والرعي مصدر رعت الماشية الكلأ ، والرعي بالكسر الكلأ نفسه كذا في المغرب والمناسب هنا ضبطه بالفتح ; لأن السائمة في الفقه هي التي ترعى ، ولا تعلف في الأهل لقصد الدر والنسل كما في فتح القدير فلو حمل الكلأ إليها في البيت لا تكون سائمة فلو ضبط الرعي في كلامهم هنا بالكسر [ ص: 230 ] لكانت سائمة ، ولا بد أن يكون الكلأ الذي ترعاه مباحا كما قيده الشمني به ; لأن الكلأ في اللغة كل ما رعت الدواب من الرطب واليابس فيدخل فيه غير المباح .
[ ص: 229 ] ( باب صدقة السوائم ) .
( قوله : وقد يجاب بأنهم إلخ ) قال في النهر : هذا غير دافع ; إذ التعريف بالأعم لا يصح ، ولا ينفع فيه ذكر الحكمين بعده ا هـ ويمكن أن يقال : المراد أن القيد المذكور ملاحظ في التعريف واكتفوا عن التصريح به هنا لعلمه مما يأتي فلا يكون تعريفا بالأعم تأمل على أن عدم التعريف بالأعم اصطلاح للمتأخرين ، وإلا فالمتقدمون ، وأهل اللغة على جوازه ( قوله قلت المقصود من هذا الشرط إلخ ) يدل على هذا القصد ما في تحفة الملوك من أن السائمة الراعية أكثر الحول لا للركوب والعمل ا هـ .
لكن نظر في هذا الجواب في النهر بأن نفي الإسامة للحمل والركوب قد يحصل بدون قصد الدر والنسل بأن لا يقصد شيئا أصلا ، ولا شك أن في هذه الحالة لا زكاة عليه أيضا . ا هـ .
قلت : لا يخفى عليك أن محصل جواب المؤلف أنه مجاز من قبيل إطلاق الملزوم وإرادة اللازم كما في قولك نطقت الحال فليس المراد خصوص المذكور بل ما أطلق هو عليه فالمراد اللازم أعني نفي كونها للحمل أو للتجارة كما أن المراد من النطق الدلالة فقد آل كلام المؤلف إلى ما قدمناه عن التحفة ، ولا يخفى عدم توجه النظر عليه فكذا ما آل إليه فتدبر نعم يرد عليه ما مر عن الخانية لو ورث سائمة كان عليه الزكاة إذا حال الحول نوى أو لم ينو تأمل ( قوله ويسمنها في الباقي ) الذي رأيته في القنية ويسيمها من الإسامة لا من التسمين ( قوله : فلو ضبط الرعي إلخ ) قال في النهر : الكسر هو المتداول على الألسنة ، ولا يلزم عليه أن تكون سائمة إلا لو أطلق الكلأ على المنفصل ولقائل منعه بل ظاهر ما مر عن المغرب أي من قوله : هو كل ما رعته الدواب من الرطب واليابس يفيد اختصاصه بالقائم في معدنه ، ولم تكن منه سائمة ; لأنه ملك بالحوز فتدبره