لما كان لها مناسبة بالزكاة لكونها عبادة مالية وبالصوم ; لأن شرط وجوبها الفطر بعد الصوم ذكرها بينهما ، والصدقة العطية التي يراد بها المثوبة عنده - تعالى - وسميت بها ; لأنها تظهر صدق رغبة الرجل في تلك المثوبة كالصداق يظهر به صدق رغبة الزوج في المرأة ، والفطر لفظ إسلامي اصطلح عليه الفقهاء كأنه من الفطرة بمعنى الخلقة .
( باب صدقة الفطر ) .
( قوله : والفطر لفظ إسلامي إلخ ) اعترضه بعض الفضلاء فقال فيه : إن الفطر في اللغة ضد الصوم قال في القاموس : فطر الصائم أكل وشرب كأفطر ، وقال في حرف الميم : الصوم الإمساك عن الأكل والشرب والكلام ا هـ .
فلينظر ما معنى كونه إسلاميا بعد ثبوته في كتب اللغة ا هـ .
وقد يجاب بأن المراد أنه حقيقة شرعية جعلت اسما لفطر الصائم كالصلاة لم يظهر إلا في الإسلام ، وإن كان مستعملا قبله ; إذ لا شك أنه يطلق في الإسلام على كل مفطر شرعا وذلك لم يعهد قبل الإسلام فلذا كان إسلاميا ، وليس المراد أنه لم يتكلم به أحد من أهل اللسان كما يوهمه قول المؤلف اصطلح عليه الفقهاء ; لأنه تكلم به الصحابة وقد جاء لفظ صدقة الفطر في عدة أحاديث ساقها في الفتح منها ما سيذكره المؤلف ، هذا وفي النهر وأما لفظ الفطرة الواقع في كلام الفقهاء وغيرهم فمولد حتى عده بعضهم من لحن العامة كذا في شرح الوقاية ا هـ .
والمراد الفطرة اسما لصدقة مخصوصة ، وإلا فلفظ الفطرة بغير هذا المعنى عربي فصيح واقع في القرآن الكريم قال - تعالى - { فطرة الله التي فطر الناس عليها } ، وفيه أن صاحب القاموس قال الفطرة بالكسر صدقة الفطر والخلقة التي خلق عليها المولود في رحم أمه والدين ا هـ .
وظاهره أنها عربية بالمعنى المراد هنا لكن اعترضه بعضهم كما نقله نوح أفندي بأنه غير صحيح ; لأن ذلك المخرج يوم العيد لم يعلم إلا من الشارع فأهل اللغة يجهلونه فكيف ينسب إليهم فخلط صاحب القاموس الحقائق الشرعية بالحقائق اللغوية ، وهذا كثير في كلامه ، وكله غلط يجب التنبه له ا هـ .
وبه تأيد ما في النهر من أنه مولد لكن نقل بعضهم عن المغرب أن الفطرة قد جاءت في عبارة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره ، وهي صحيحة من طريق اللغة ، وإن لم أجدها فيما عندي من الأصول ا هـ .
وهذا كله على ما قلنا من أن المراد بها الصدقة المخصوصة وأما إذا قلنا إنها بمعنى الخلقة وقدرنا مضافا أي صدقة الخلقة كما قاله بعضهم على معنى زكاة البدن فهي حقيقة لغوية قطعا .