أخره عن الزكاة ، وإن كان عبادة بدنية مقدمة على المالية لقرانها بالصلاة في آيات كثيرة ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله الصوم عقب الصلاة في الجامع الكبير والصغير نظرا لما قلنا ، وهو في اللغة ترك الإنسان الأكل ، وإمساكه عنه ثم جعل عبارة عن هذه العبادة المخصوصة ، ومن مجازه صام الفرس على آريه إذا لم يعتلف ، ومنه قول nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة خيل صيام كذا في المغرب ، وفي الشرع ما سيذكره المصنف ولو قال كتاب الصيام لكان أولى لما في الفتاوى الظهيرية : ولو قال لله علي صوم فعليه صوم يوم واحد ، ولو قال فعلي صيام عليه صيام ثلاثة أيام كما في قوله تعالى { ففدية من صيام } ا هـ .
وركنه حقيقته الشرعية التي هي الإمساك المخصوص وسببه مختلف ففي المنذور النذر ; ولذا قلنا : لو نذر صوم شهر بعينه كرجب أو يوما بعينه فصام غيره أجزأ عن المنذور ; لأنه تعجيل بعد وجوب السبب ، وفيه خلاف nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد كما في المجمع وصوم الكفارات سببه ما يضاف إليه من الحنث والقتل والظهار والفطر ، وسبب رمضان شهود جزء من الشهر اتفاقا لكن اختلفوا فذهب السرخسي إلى أن السبب مطلق شهود الشهر حتى استوى في السببية الأيام والليالي ، وذهب الدبوسي وفخر الإسلام nindex.php?page=showalam&ids=13867وأبو اليسر إلى أن السبب الأيام دون الليالي أي الجزء الذي لا يتجزأ من كل يوم سبب لصوم ذلك اليوم فيجب صوم جميع الأيام مقارنا إياه ، وثمرة الخلاف تظهر فيمن أفاق في أول ليلة من الشهر ثم جن قبل أن يصبح ومضى الشهر ، وهو مجنون ثم أفاق فعلى قول السرخسي يلزمه القضاء ، ولو لم يتقرر السبب في حقه بما شهد من الشهر حال إفاقته لم يلزمه ، وعلى قول غيره لا يلزمه القضاء ، وصححه السراج الهندي في شرح المغني ; لأن الليل ليس بمحل للصوم فكان الجنون والإفاقة فيه سواء ، وعلى هذا الخلاف لو أفاق ليلة في وسط الشهر ثم أصبح مجنونا ، وكذا لو أفاق في آخر يوم من رمضان بعد الزوال وجمع في الهداية بين القولين بأنه لا منافاة فشهود جزء منه سبب لكله ثم كل يوم سبب وجوب أدائه غاية الأمر أنه تكرر سبب وجوب صوم اليوم باعتبار خصوصه ودخوله في ضمن غيره كذا في فتح القدير ، والذي يظهر أن صاحب الهداية يختار غير قول السرخسي ; لأن السرخسي يقول : كل يوم مع ليلته سبب للوجوب لا اليوم وحده ، وتمام تقريره في الأصول
[ ص: 276 ] كتاب الصوم ) .
( قوله : على آريه ) قال الرملي الآري المعلف قال في مختار الصحاح ومما يضعه الناس في غير موضعه قولهم للمعلف آري ، وإنما الآري محبس الدابة ، وفي الصحاح ، وهو في التقدير فاعول والجمع أواري ( قوله : لما في الفتاوى الظهيرية إلخ ) قال في النهر لعل وجهه أنه أريد بلفظ صيام في لسان الشارع ثلاثة أيام فكذا في النذر خروجا عن العهدة بخلاف صوم وتوهم في البحر أن الصيغة لها دلالة على التعدد ، ولا شك أن الصوم له أنواع ثلاثة فادعى أن الأولى صيام ، وهو ممنوع فقد قال القاضي في تفسيره : الآية بيان لجنس الفدية وأما قدرها فبينه عليه الصلاة والسلام في حديث كعب فإن قلت صرحوا بأن صياما جاء جمعا لصائم قلت هذا لا يصح مرادا في الآية ، ولا في الترجمة كما يدركه الذوق السليم والطبع المستقيم على أن أل الداخلة على الجمع تبطل معنى الجمعية فتدبره ( قوله : مقارنا إياه ) يلزم عليه مقارنة السبب للوجوب مع أن السبب لا بد من تقدمه لكنه سقط هنا اشتراط تقدمه للضرورة لعدم صلاحية ما قبل أول جزء من النهار للسببية كما لو شرع في الصلاة في أول جزء من الوقت فإن السبب قارن الوجوب وسيذكر المؤلف تحقيق ذلك في فصل العوارض عند قول المتن ولو بلغ صبي أو أسلم كافر ( قوله : وكذا لو أفاق في آخر يوم من رمضان ) كذا عبر في المجتبى وغيره ، والظاهر أن المراد الإفاقة المستمرة التي لم يعقبها جنون ، وإلا فالإفاقة التي يعقبها جنون لا فرق فيها إذا كانت بعد الزوال بين أن تكون في آخر يوم أو في وسط الشهر ; لأنها ليست في وقت النية ( قوله : وجمع في الهداية بين القولين ) مقتضى ما ذكره من أن الاختلاف في المسائل الثلاث مبني على الاختلاف في السبب ، وثمرة له أن تتنافى أحكامها حيث جمع بين كل من القولين أو أن لا يكون الخلاف فيها مبنيا على الاختلاف في السبب فلا يصح قوله : وثمرة الاختلاف إلخ ، ومما يؤيد هذا الأخير قول المؤلف في شرحه على المنار ، ولم أر من ذكر لهذا الخلاف ثمرة في الفروع فليتأمل ( قوله والذي يظهر إلخ ) لم يظهر لنا مراده بهذا الكلام ، ولعل مراده أن صاحب الهداية لم يرد الجمع بين القولين بل مراده اختيار واحد منهما ، وهو غير قول السرخسي ولذا أخره كما هو عادته فيما يختاره وبهذا يندفع ما أوردنا قبيله لكن التعليل ينبو عن هذا التأويل [ ص: 277 ] فليتأمل .