( قوله ثم إلى عرفات بعد صلاة الفجر يوم عرفة ) وهي علم للموقف وهي منونة لا غير ، ويقال لها عرفة أيضا ويوم عرفة التاسع من ذي الحجة وسمي به ; لأن إبراهيم عليه السلام عرف أن الحكم من الله فيه أو لأن جبريل عرفه المناسك فيه ، أو لأن آدم وحواء تعارفا فيه بعد الهبوط إلى الأرض وهذا بيان الأفضل حتى لو ذهب قبل طلوع الفجر إليها جاز كما يفعله الحجاج في زماننا فإن أكثرهم لا يبيت بمنى لتوهم الضرر من السراق ، ويستحب أن يسير على طريق ضب ، ويعود على طريق المأزمين اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم كما في العيدين ، وينزل مع الناس حيث شاء وبقرب الجبل أفضل والبعد عن الناس في هذا المكان تجبر والحال حال تضرع ومسكنة أو إضرار بنفسه أو متاعه أو تضييق على المارة إن كان بالطريق ، والسنة أن ينزل الإمام بنمرة ونزول النبي صلى الله عليه وسلم بها لا نزاع فيه كذا في فتح القدير .
[ ص: 361 ] ( قوله وهذا بيان الأفضل ) عبارة الهداية ثم يتوجه إلى عرفات فيقيم بها وهذا بيان الأولوية أما لو دفع قبله جاز ; لأنه لا يتعلق بهذا المكان حكم قال في غاية البيان قوله وهذا بيان الأولوية . قال الإمام حميد الدين الضرير وغيره في شروحهم أي الذهاب إلى عرفة بعد طلوع الشمس هو الأولى ولو دفع قبله جاز قلت هذا حسن ولكن بقي في كلام صاحب الهداية شيء ; لأنه كان من الواجب أن يقيد بطلوع الشمس عند قوله ثم يتوجه إلى عرفات بأن يقول ثم يتوجه إلى عرفات بعد طلوع الشمس حتى يصح بناء قوله وهذا بيان الأولوية ، وكأن هذا القيد ترك لسهو الكاتب ، ولهذا صرح به في شرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وشرح nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي والإيضاح وغيرها ا هـ .
ومثله في العناية وأجاب في الحواشي السعدية بما في الغاية من إرجاع الإشارة إلى التوجه بعرفات بعد صلاة الفجر أما لو توجه إليها قبلها جاز لكن لا يخفى أنها حينئذ توهم أن التوجه قبل الشمس كعبارة المتن هنا تأمل هذا وفي مناسك الإمام النووي ، وأما ما يفعله الناس في هذه الأزمان من دخولهم أرض عرفات في اليوم الثامن فخطأ مخالف للسنة ويفوتهم بسببه سنن كثيرة منها الصلوات بمنى والمبيت بها والتوجه منها إلى نمرة ، والنزول بها والخطبة والصلاة قبل دخول عرفات وغير ذلك فالسنة أن يمكثوا بنمرة حتى تزول الشمس ويغتسلوا بها للوقوف فإذا زالت الشمس ذهب الإمام والناس إلى المسجد المسمى مسجد إبراهيم ويخطب الإمام قبل صلاة الظهر خطبتين إلخ ( قوله على طريق ضب إلخ ) بفتح ضاد معجمة وتشديد موحدة وهو اسم للجبل الذي حذاه مسجد الخيف في أصله ، وطريقه في أصل المأزمين عن يمينك وأنت ذاهب إلى عرفات والمأزمان مضيق بين مزدلفة وعرفة وهو بفتح ميم وسكون همزة ويجوز إبدالها وكسر زاي شرح اللباب .
( قوله اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ) لكن تركه أكثر الناس في زماننا هذا لما فيه من كثرة الشوك وغلبة الخوف وقلة الشوكة لأكثر الحاج شرح اللباب .