( قوله : ، ولا يجاوز عن شاة بقتل السبع ، وإن صال لا شيء بقتله بخلاف المضطر ) ; لأن السبع صيد ، وليس هو من الفواسق ; لأنه لا يبتدئ بالأذى حتى لو ابتدأ بالأذى كان منها فلا يجب بقتله شيء ، وهو معنى قوله صال أي وثب بخلاف الذئب فإنه من الفواسق ; لأنه ينتهب الغنم ، وأراد بالسبع كل حيوان لا يؤكل لحمه مما ليس من الفواسق السبعة والحشرات سواء كان سبعا أو لا ، ولو خنزيرا أو قردا أو فيلا كما في المجمع والسبع اسم لكل مختطف منتهب جارح قاتل عاد عادة فإذا وجب الجزاء بقتله لا يجاوز به شاة ; لأن كثرة قيمته إما لما فيه من معنى المحاربة ، وهو خارج عن معنى الصيدية أو لما فيه من الإيذاء ، وهو لا تقوم له شرعا فبقي اعتبار الجلد واللحم على تقدير كونه مأكولا وذلك لا يزيد على قيمة الشاة غالبا ; لأن لحم الشاة خير من لحم السبع .
وقيد بالسبع ; لأن الجمل إذا صال على إنسان فقتله وجب عليه قيمته بالغة ما بلغت والفرق بينهما أن الإذن في مسألة السبع بقتله حاصل من صاحب الحق ، وهو الشارع ، وأما في مسألة الجمل فلم يحصل الإذن من صاحبه ، وأورد عليه العبد إذا صال بالسيف على إنسان فقتله المصول عليه فإنه لا يضمنه مع أنه لا إذن له أيضا من مالكه وأجيب بأن العبد مضمون في الأصل حقا لنفسه بالآدمية لا للمولى ; لأنه مكلف كسائر المكلفين ألا ترى أنه لو ارتد أو قتل يقتل ، وإذا كان مضمونا لنفسه سقط هذا الضمان بمبيح جاء من قبله ، وهو المصال به ، ومالية المولى فيه ، وإن كانت متقومة مضمونة له فهي تبع لضمان النفس فيسقط التبع في ضمن سقوط الأصل أطلق في عدم وجوب شيء إذا صال فشمل ما إذا أمكنه دفعه بغير سلاح أو لا ، وذكر في المحيط أنه إذا أمكنه دفعه بغير السلاح فقتله فعليه الجزاء ، وقيد قاضي خان السبع بكونه غير مملوك ; لأنه لو كان مملوكا وجبت قيمته بالغة ما بلغت يعني عليه قيمتان إذا [ ص: 39 ] كان محرما قيمة لمالكه مطلقا ، وقيمة لله تعالى لا تجاوز قيمة شاة كما أسلفناه ، ومعنى قوله بخلاف المضطر أن المحرم إذا اضطر إلى أكل الصيد للمخمصة فذبحه ، وأكله فإنه يجب الجزاء عليه ; لأن الإذن مقيد بالكفارة بالنص في قوله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية } الآية ، فدل على أن الضرورة لا تسقط الكفارة ، وأراد بالشاة هنا أدنى ما يجزئ في الهدي والأضحية ، وهو الجذع من الضأن .
( قوله : وأراد بالسبع كل حيوان لا يؤكل لحمه إلخ ) قال في النهر فكان عدم التخصيص أولى إذ المفهوم معتبر في الروايات اتفاقا ، ومنه أقوال الصحابة كما في الحواشي السعدية وينبغي تقييده بما يدرك بالرأي لا ما لا يدرك به ( قوله : عاد ) اسم فاعل من العدوان على وزن قاض والذي في النسخ عادي بإثبات الياء والأصوب حذفها ( قوله : وأورد عليه العبد إذا صال إلخ ) قال الرملي يحترز به عن الحر العاقل البالغ فإنه لا يضمنه ، وقولنا العاقل نحترز به عن المجنون فإن المجنون الحر إذا صال فقتله المصول عليه تجب ديته ، وإذا كان عبدا تجب قيمته كالبعير ، وقولنا البالغ نحترز به عن الصبي فإذا كان الصائل صبيا حرا تجب ديته ، وإن كان عبدا تجب قيمته ، ولا يسقط الضمان لانتفاء التكليف عنه كالمجنون قال في البزازية المجنون أو البعير المغتلم صال على إنسان ليقتله فقتله المصول عليه يضمن قيمة البعير ودية المجنون . ا هـ .