( قوله : وينعقد بإيجاب ، وقبول وضعا للمضي أو أحدهما ) أي ينعقد النكاح أي ذلك العقد الخاص ينعقد بالإيجاب والقبول حتى يتم حقيقة في الوجود والانعقاد هو ارتباط أحد الكلامين بالآخر على وجه يسمى باعتباره عقدا شرعا ويستعقب الأحكام بالشرائط الآتية كذا قرره الكمال هنا ، وقرر في كتاب البيع ما يفيد أن المراد هنا من الانعقاد الثبوت ، وأن الضمير يعود إلى النكاح باعتبار حكمه فالمعنى يثبت حكم النكاح بالإيجاب والقبول ، ومقصوده في البابين تحقيق أن الإيجاب مع القبول عين العقد لا غيره كما يفهم من ظاهر العبارة والحق أن العقد مجموع ثلاثة الإيجاب والقبول والارتباط الشرعي فلم يكن الإيجاب والقبول عين العقد ; لأن جزء الشيء ليس عينه وسيأتي تمامه في البيع إن شاء الله تعالى والإيجاب لغة الإثبات واصطلاحا هنا اللفظ الصادر أولا من أحد المتخاطبين مع صلاحية اللفظ لذلك رجلا كان أو امرأة والقبول اللفظ الصادر ثانيا من أحدهما الصالح لذلك مطلقا فما وقع في المعراج وغيره من أنه لو قدم القبول على الإيجاب بأن قال : تزوجت ابنتك فقال : زوجتكها فإنه ينعقد غير صحيح إذ لا يتصور تقديمه بل قوله : تزوجت ابنتك إيجاب والثاني قبول وهل يكون القبول بالفعل كالقبول باللفظ كما في البيع قال : في البزازية أجاب صاحب البداية في امرأة زوجت نفسها بألف من رجل عند الشهود فلم يقل الزوج شيئا لكن أعطاها المهر في المجلس أنه يكون قبولا ، وأنكره صاحب المحيط ، وقال : لا ما لم يقل بلسانه قبلت بخلاف البيع ; لأنه ينعقد بالتعاطي والنكاح لخطره لا ينعقد حتى يتوقف على الشهود بخلاف إجازة نكاح الفضولي بالفعل لوجود القول ثمة . ا هـ .
وهل يكون القبول بالطلاق قال : في الخانية من تعليق الطلاق امرأة قالت لأجنبي زوجت نفسي منك فقال : الرجل فأنت طالق طلقت ، ولو قال : أنت طالق لا تطلق ، ولا يكون هذا الكلام قبولا للنكاح ; لأن هذا الكلام إخبار أما في المسألة الأولى جعل طلاقها جزاء لنكاحها وطلاقها لا يكون جزاء لنكاحها إلا بالقبول فيكون كلامه قبولا للنكاح ثم يقع الطلاق بعده . ا هـ .
ولو قال : ما أنت لي بزوجة ، وأنت طالق لا يكون إقرارا لقيام القرينة المتقدمة على أنه ما أراد بالطلاق حقيقته . ا هـ .
أطلق في اللفظين فشمل اللفظين حكما ، وهو اللفظ الصادر من متولي الطرفين شرعا وشمل ما ليس بعربي من الألفاظ ، وما لم يذكر معهما المفعولان أو أحدهما بعد دلالة المقام والمقدمات ; لأن الحذف لدليل كائن في كل لسان ، وإنما اختير لفظ الماضي ; لأن واضع اللغة لم يضع للإنشاء لفظا خاصا ، وإنما عرف الإنشاء بالشرع واختيار لفظ الماضي لدلالته على التحقيق والثبوت دون المستقبل ، وقوله أو أحدهما بيان لانعقاده بلفظين أحدهما ماض والآخر مستقبل كقوله زوجني ابنتك فقال : زوجتك ، وهو صريح في أن المستقبل إيجاب ، وقد صرح به قاضي خان في فتاويه حيث قال : ولفظة الأمر في النكاح إيجاب ، وكذا الطلاق والخلع والكفالة والهبة إلى آخر ما ذكره ، وكذا في الخلاصة وذهب صاحب [ ص: 88 ] الهداية والمجمع إلى أن الأمر ليس بإيجاب ، وإنما هو توكيل ، وقوله زوجتك قائم مقام اللفظين بخلافه في البيع لما عرف أن الواحد في النكاح يتولى الطرفين بخلاف البيع ، وهو توكيل ضمني فلا ينافيه اقتصاره على المجلس فقد علمت اختلاف المشايخ في أن الأمر بإيجاب أو توكيل فما في المختصر على أحد القولين فاندفع ما اعترض به منلا خسرو من أن صاحب الكنز خالف الكتب فلم يتنبه لما في الهداية فالمعترض غفل عن القول الآخر حفظ شيئا وغابت عنه أشياء مع أن الراجح كونه إيجابا ; لأن الإيجاب ليس إلا اللفظ المفيد قصد تحقيق المعنى أو لا ، وهو صادق على لفظة الأمر فليكن إيجابا ويستغنى عما أورد أنه توكيل من أنه لو كان توكيلا لما اقتصر على المجلس كذا رجحه الكمال لكن يرد عليه ما لو قال : الوكيل بالنكاح هب ابنتك لفلان فقال : الأب ، وهبت فإنه لا ينعقد النكاح ما لم يقل الوكيل بعده قبلت كذا في الخلاصة معللا بأن الوكيل لا يملك التوكيل ، ولم يذكر خلافا .
وفي الظهيرية لو قال : هب ابنتك لابني فقال : وهبت لم يصح ما لم يقل أبو الصغير قبلت ، وفي التتمة لو قال : هب ابنتك لفلان فقال : الأب وهبت ما لم يقل الوكيل قبلت لا يصح ، وإذا قال : قبلت فإن قال : لفلان صح النكاح للموكل ، وإن قال : مطلقا قبلت يجب أن يصح أيضا للموكل ، وهذا يدل على أن من قال : بعدما جرى بينهما كلام بعت هذا العبد بألف درهم ، وقال : الآخر اشتريت يصح ، وإن لم يقل البائع بعت منك . ا هـ .
وما في الظهيرية مشكل ; لأن للأب أن يوكل في نكاح ابنه فلو كان الأمر إيجابا لم يتوقف على القبول إلا أن يقال : إنه مفرع على القول بأنه توكيل لا إيجاب وحينئذ تظهر ثمرة الاختلاف بين القولين لكنه متوقف على النقل وصرح في فتح القدير بأنه على أن الأمر توكيل يكون تمام العقد بالمجيب ، وعلى القول بأن الأمر إيجاب يكون تمام العقد قائما بهما . ا هـ .
فعلى هذا لا يشترط سماع الشاهدين للأمر على القول الأول ; لأنه لا يشترط الإشهاد على التوكيل ويشترط على القول الثاني كما لا يخفى ، وظاهر ما في المعراج أن زوجني ، وإن كان توكيلا لكن لما لم يعمل [ ص: 89 ] زوجت بدونه نزل منزلة شطر العقد فعلى هذا يشترط سماع الشاهدين للفظة الأمر أيضا على القول بأنها توكيل أيضا ثم رأيت في الفتاوى الظهيرية ما يدل على أنه لا يشترط سماع الشهود للفظ الأمر قال : في النكاح بالكتابة سواء قال : زوجي نفسك مني فبلغها الكتاب فقالت : زوجتك أو كتب تزوجتك وبلغها الكتاب فقالت زوجت نفسي منك لكن في الوجه الأول لا يشترط إعلامها الشهود .
وفي الوجه الثاني يشترط . ا هـ . وإنما جعل الأمر إيجابا في النكاح على أحد القولين ، ولم يجعل في البيع إيجابا اتفاقا ; لأنه لا مساومة في النكاح ; لأنه لا يكون إلا بعد مقدمات ، ومراجعات غالبا فكان للتحقيق بخلاف البيع لا يتقدمه ما ذكر فكان الأمر فيه للمساومة كما ذكره الكمال في البيوع ، وبه اندفع ما ذكره في النكاح كما لا يخفى هذا مع أن المصنف لم يصرح بالمستقبل ، وإنما ذكر أنه ينعقد بلفظين أحدهما ماض وسكت عن الآخر لشموله الحال والمستقبل ، ومنه الأمر ، وقد علمته ، وأما المضارع فإن كان مبدوءا بالهمزة نحو أتزوجك فتقول زوجته نفسي فإنه ينعقد علله في المحيط بأنه ، وإن كان حقيقة في الاستقبال إلا أنه يحتمل الحال كما في كلمة الشهادة ، وقد أراد به التحقيق والحال لا المساومة بدلالة الخطبة والمقدمات بخلاف البيع . ا هـ .
ولا حاجة إليه ; لأن الأصح أن المضارع موضوع للحال ، وعليه تتفرع الأحكام كما في قوله كل مملوك أملكه فهو حر فإنه يعتق ما في ملكه في الحال لا ما يملكه بعد إلا بالنية لما ذكرنا .
ولم يذكر المصنف شرائط الإيجاب والقبول فمنها اتحاد المجلس إذا كان الشخصان حاضرين فلو اختلف المجلس لم ينعقد فلو أوجب أحدهما فقام الآخر أو اشتغل بعمل آخر بطل الإيجاب ; لأن شرط الارتباط اتحاد الزمان فجعل المجلس جامعا تيسيرا ، وأما الفور فليس من شرطه فلو عقدا ، وهما يمشيان ويسيران على الدابة لا يجوز ، وإن كانا على سفينة سائرة جاز وسيأتي تمامه في البيع إن شاء الله تعالى ، ومنها أن لا يخالف القبول الإيجاب فلو أوجب بكذا فقال : قبلت النكاح ، ولا أقبل المهر لا يصح ، وإن كان المال فيه تبعا كما في الظهيرية بخلاف ما لو قالت زوجت نفسي منك بألف فقال : قبلت بألفين فإنه يصح والمهر ألف إلا إن قبلت الزيادة في المجلس فهو ألفان على المفتى به كما في التجنيس وبخلاف ما لو قال : تزوجتك بألف فقالت قبلت بخمسمائة فإنه صحيح ويجعل كأنها قبلت الألف وحطت عنه خمسمائة كما في الذخيرة ، وفي الظهيرية لو قالت لرجل زوجت نفسي منك بألف فقال : الرجل قبلت قبل أن تنطق المرأة بالتسمية لا ينعقد النكاح ما لم يقل الزوج قبلت بعد التسمية ، ومنها سماع كل منهما كلام صاحبه [ ص: 90 ] لأن عدم سماع أحدهما كلام صاحبه بمنزلة غيبته كما في الوقاية ، وقيد المصنف انعقاده باللفظ ; لأنه لا ينعقد بالكتابة من الحاضرين فلو كتب تزوجتك فكتبت قبلت لم ينعقد .
وأما من الغائب فكالخطاب ، وكذا الرسول فيشترط سماع الشهود قراءة الكتاب ، وكلام الرسول ، وفي المحيط الفرق بين الكتاب والخطاب أن في الخطاب لو قال : قبلت في مجلس آخر لم يجز ، وفي الكتاب يجوز ; لأن الكلام كما وجد تلاشى فلم يتصل الإيجاب بالقبول في مجلس آخر فأما الكتاب فقائم في مجلس آخر ، وقراءته بمنزلة خطاب الحاضر فاتصل الإيجاب بالقبول فصح . ا هـ .
وصح في الذخيرة أن الإقرار إن كان بمحضر الشهود صح النكاح وجعل إنشاء ، وإلا فلا ، ومن شروط الركن أن يضيف النكاح إلى كلها أو ما يعبر به عن الكل كالرأس والرقبة بخلاف اليد والرجل كما عرف في الطلاق ، وقالوا الأصح أنه لو أضاف الطلاق إلى ظهرها وبطنها لا يقع ، وكذا العتق فلو أضاف النكاح إلى ظهرها أو بطنها ذكر الحلواني قال مشايخنا : الأشبه من مذهب أصحابنا أنه ينعقد النكاح وذكر ركن الإسلام والسرخسي ما يدل على أنه لا ينعقد النكاح كذا في الذخيرة ، ولو قال : تزوجت نصفك فالأصح عدم الصحة كما في الخانية ، وقولهم إن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله كطلاق نصفها يقتضي الصحة ، وقد ذكر في المبسوط في موضع جوازه إلا أن يقال : إن الفروج يحتاط فيها فلا يكفي ذكر البعض لاجتماع ما يوجب الحل والحرمة في ذات واحدة فترجح الحرمة كذا في الخانية ، ومنها أن لا تكون المنكوحة مجهولة فلو زوجه بنته ، ولم يسمها ، وله بنتان لم يصح للجهالة [ ص: 91 ] بخلاف ما إذا كانت له بنت واحدة إلا إذا سماها بغير اسمها ، ولم يشر إليها فإنه لا يصح كافي التجنيس فلو كان له بنتان كبرى واسمها عائشة وصغرى اسمها فاطمة فأراد تزويج الكبرى فغلط فسماها فاطمة انعقد على الصغرى فلو قال : فاطمة الكبرى لم ينعقد لعدم وجودها .
وفي الذخيرة إذا كان للمزوج ابنة واحدة وللقابل ابن واحد فقال : زوجت ابنتي من ابنك يجوز النكاح ، وإذا كان للمزوج ابنة واحدة وللقابل ابنان إن سمى القابل الابن باسمه صح النكاح للابن المسمى ، وكذلك إذا لم يسمه واقتصر على قوله قبلت يجوز النكاح ويجعل قوله : قبلت جوابا فيتقيد بالإيجاب ، ولو ذكر القابل الابن إلا أنه لم يسمه باسمه بأن قال : قبلت لابني لا يصح ; لأنه لا يمكن أن يجعل جوابا ; لأنه زاد عليه ، ولو كان للمرأة اسمان تزوج بما عرفت به ، وفي الظهيرية والأصح عندي أن يجمع بين الاسمين وسيأتي حكم ما إذا كانت حاضرة منتقبة ، وفي الخانية لو وكلت امرأة رجلا بأن يزوجها فزوجها وغلط في اسم أبيها لا ينعقد النكاح إذا كانت غائبة . ا هـ .
ولم يشترط المصنف الفهم قال : في التجنيس ، ولو عقدا عقد النكاح بلفظ لا يفهمان كونه نكاحا هل ينعقد اختلف المشايخ فيه قال : بعضهم ينعقد ; لأن النكاح لا يشترط فيه القصد . ا هـ .
وقال العتابي لا يجوز ، وفي القنية زوجت وتزوجت يصلح من الجانبين .
[ ص: 87 ] ( قوله : تقديمه ) أي القبول ( قوله : ولا يكون هذا الكلام ) أي أنت بدون الفاء [ ص: 88 ] ( قوله : فاندفع ما اعترض به منلا خسرو ) دفعه في النهر بوجه آخر ، وهو أن ما في المختصر ليس نصا في أنه إيجاب إذ كون أحدهما للماضي يصدق بكون الثاني للحال ( قوله : لكن يرد عليه ) أي على أن الأمر إيجاب ( قوله : كذا رجحه الكمال ) قال في النهر : ثم قال : والظاهر أنه لا بد من اعتباره توكيلا ، وإلا بقي طلب الفرق بين النكاح والبيع حيث لا يتم بقوله بعينه بكذا فيقول بعت بلا جواب . ا هـ .
ثم ذكر في النهر ما أورده المؤلف من كلام الخلاصة ثم قال : لكن في بيوع الفتح الفرق بين النكاح والبيع على أن الأمر إيجاب أن النكاح لا يدخله المساومة ; لأنه لا يكون إلا بعد مقدمات ، ومراجعات فكان للتحقيق بخلاف البيع ، وما في الخلاصة مفرع على أنه توكيل كما دل عليه التعليل وينبغي على أنه إيجاب أن لا يحتاج إلى القبول ( قوله : وفي التتمة لو قال : هب ابنتك إلخ ) قال الرملي وبه يعلم حكم ما لو قال : زوجت موكلك فقال : الوكيل قبلت ، ولم يقل لموكلي فاعلمه فإنه كثير الوقوع . ا هـ . أي فيصح .
( قوله : وهذا يدل على أن من قال : بعد ما جرى بينهما كلام إلخ ) تأمل في هذه الدلالة نعم ما يأتي عن الظهيرية من قوله ، وهذه المسألة تدل إلخ الدلالة فيه ظاهرة تأمل . ( قوله : ; لأن للأب أن يوكل في نكاح ابنه ) أي فلا يصح أن يكون مفرعا على أنه توكيل ; لأنه حينئذ يكون تمام العقد بالمجيب غير متوقف على قبول الأب بعد ، وقوله فلو كان الأمر إيجابا إلخ صحيح في نفسه ، ولكن تفريعه على ما قبله غير صحيح فالصواب إبدال قوله إيجابا بتوكيلا ; لأن عدم كونه مفرعا على كونه إيجابا قد علم من قوله أولا لكن يرد عليه إلخ أي على أن الأمر إيجاب ، وعلى كل فقوله إلا أن يقال : إلخ غير صحيح ، وكذا قوله : وحينئذ تظهر ثمرة الاختلاف ; لأنه ظهر أنه لا يصح تفريعه على كل من القولين إذ لو كان إيجابا أو توكيلا لما توقف على قوله ثانيا قبلت بل لو كان إيجابا كان قول الآخر وهبت قبولا فيتم العقد ، وكذا لو كان توكيلا كما علمته مما مر ويمكن تصحيح كلامه على وجه بعيد ، وهو أن يجعل قوله : فلو كان الأمر إيجابا تفريعا على قوله لكن يرد عليه إلخ فلا يرد شيء مما مر فتدبر .
هذا وقد أجاب في الرمز عن إشكال المؤلف بأنه إنما توقف الانعقاد على القبول فيما ذكر من الفروع ; لأنه لم يظهر إرادة الإيجاب فيها ; لأن الوكيل أو الأب إذا اجتمع فقال : هب ابنتك لفلان أو لابني أو أعطها مثلا كان ظاهرا في الطلب ، وأنه مستقبل لم يرد به الحال والتحقق فلم يتم به عقد بخلاف زوجني ابنتك بكذا بعد الخطبة ونحوها فإنه ظاهر في التحقق والإثبات الذي هو معنى الإيجاب فلا يرد عليه أنه يصح توكيل الأب في تزويج ولده ; لأنا نقول لفظه هذا يخرج مخرج الإيجاب والإثبات لكونه إنشاء للتزويج فلا بد أن يظهر منه معنى الإثبات كما يأتي عن الإسبيجابي ويشهد له ما في البزازية طلب منها الزنا فقالت : وهبت نفسي منك ، وقيل لا يكون نكاحا بخلاف الهبة ابتداء على وجه النكاح [ ص: 89 ] ( قوله : لا يشترط إعلامها الشهود ) أي بما في الكتاب ونقل في شرح درر البحار الاتفاق عليه وسيبين المؤلف عبارة الظهيرية في شرح قول المصنف عند حرين .
( قوله : وبه اندفع ما ذكره في النكاح ) ، وهو ما قدمنا ذكره عن النهر من قوله ثم قال : والظاهر إلخ ( قوله : مع أن المصنف لم يصرح بالمستقبل ) مرتبط بقوله أولا فما في المختصر على أحد القولين ، وهو جواب آخر عن اعتراض الدرر حاصله منع أن المراد في كلام المصنف أن الأمر إيجاب . قال في النهر : وهو أي كلام الدرر مردود بوجهين . الأول : أن ما في الكتاب ليس نصا في أنه إيجاب إذ كون أحدهما للماضي يصدق بكون الثاني للحال . الثاني : سلمناه لكن لا نسلم أنه مخالف لكلامهم إلخ وبه تعلم ما في كلام المؤلف هنا إذ لا يصح الجواب مع شموله للمستقبل على أنه كان المناسب تقديم هذا الجواب كما فعل في النهر كما لا يخفى على من له معرفة بفن البحث ( قوله : بخلاف الأول ) أي المبدوء بالهمزة لكن قد يقال إنه ، وإن لم يحتمل الاستيعاد لكنه يحتمل الوعد تأمل . ( قوله : كالمضارع المبدوء بالهمزة ) قال في النهر : ولم يذكروا المضارع المبدوء بالنون كنتزوجك أو نزوجك من ابني وينبغي أن يكون كالمبدوء بالهمزة [ ص: 90 ] ( قوله : ثم اعلم أن الشرط سماع الشهود قراءة الكتاب إلخ ) قد مر تقييده عن الظهيرية بما إذا لم يكتب إليها زوجي نفسك مني ، وإلا فلا يشترط وسيعيد عبارة الظهيرية عند قول المتن عند حرين ويبين أن ما هنا ليس على إطلاقه .
( قوله : ; لأنه لا ينعقد بالإقرار ) لا ينافيه ما صرحوا به من أن النكاح يثبت بالتصادق ; لأن المراد بقولهم لا ينعقد بالإقرار أي لا يكون من صيغ العقد والمراد من قولهم إنه يثبت بالتصادق أن القاضي يثبته به ويحكم به ، كذا في حواشي مسكين معزيا للحانوتي ( قوله : قال : مشايخنا الأشبه من مذهب أصحابنا أنه ينعقد النكاح ) قال : في النهر فيحتاج إلى الفرق . ا هـ .
أي : الفرق بين النكاح والطلاق فإن مقتضى القاعدة الآتية من أن ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله صحة الطلاق والنكاح ، وقاعدة إذا اجتمع ما يوجب الحل والحرمة في ذات واحدة ترجح الحرمة يقتضي صحة الطلاق دون النكاح .
والجواب عما قاله في النهر أن من قال بوقوع الطلاق بذلك يقول بصحة النكاح ، ومن قال : لا يقع يقول لا يصح النكاح بدليل ما ذكره في الذخيرة أيضا في كتاب الطلاق إذا قال لها نصفك طالق ذكر شمس الأئمة السرخسي في شرحه أنه لا يقع وذكر شمس الأئمة الحلواني أنه يقع ، وإن قال ظهرك طالق أو بطنك قال : شمس الأئمة السرخسي في شرحه إن الأصح أنه لا يقع واستدل بمسألة ذكرها في الأصل إذا قال : ظهرك علي كظهر أمي أو قال : بطنك علي كبطن أمي أنه لا يصير مظاهرا وذكر شمس الأئمة الحلواني في شرحه الأشبه بمذهب أصحابنا أنه يقع الطلاق قال : وهو نظير ما قال مشايخنا فيما إذا أضيف عقد النكاح إلى ظهر المرأة أو إلى بطنها إن الأشبه بمذهب أصحابنا أنه ينعقد النكاح . ا هـ .
( قوله : فالأصح عدم الصحة كما في الخانية ) أقول : ورأيت مثله في الظهيرية ونصه ، ولو أضاف النكاح إلى نصف المرأة فيه روايتان والصحيح أنه لا يصح . ا هـ .
( قوله : لم يصح للجهالة ) قال الرملي إطلاقه دال على عدم الصحة ، ولو جرت مقدمات الخطبة على واحدة منهما بعينها لتتميز المنكوحة عند الشهود فإنه لا بد منه كما سيصرح به في شرح قوله عند حرين تأمل . ا هـ .
أقول : ظاهره أنها لو تميزت عند الشهود أيضا بجريان مقدمات الخطبة عليها يصح العقد ، وهي واقعة الفتوى تأمل ، ولا ينافي هذا ما إذا ، وقعت الخطبة على إحداهما ووقت العقد عقدا باسم الأخرى خطأ فإنه يصح على التي سمياها وذلك ; لأن مقدمات الخطبة قرينة معينة إذا لم يعارضها صريح والتصريح بذلك الأخرى صريح فلا تعمل معه [ ص: 91 ] القرينة بخلاف مسألتنا فإن مقدمات الخطبة لما عينت واحدة منهما عند العاقدين والشهود ارتفعت الجهالة ، وهو الشرط ، ولم يعارض القرينة شيء صريح هذا ما ظهر فتأمل .
( قوله : يجوز النكاح ) قال الرملي أي لابنه المسمى في الإيجاب ( قوله : ولو عقدا عقد النكاح بلفظ لا يفهمان إلخ ) قال في الخانية : وإن لم يعلما أن هذا لفظ يعقد به النكاح فهذه جملة مسائل الطلاق والعتاق والتدبير والنكاح والخلع والإبراء عن الحقوق والبيع والتمليك فالطلاق والعتاق والتدبير واقع في الحكم ذكره في عتاق الأصل في باب التدبير ، وإذا عرف الجواب في الطلاق والعتاق ينبغي أن يكون النكاح كذلك ; لأن العلم بمضمون اللفظ إنما يعتبر لأجل القصد فلا يشترط فيما يستوي فيه الجد والهزل بخلاف البيع ونحو ذلك وتمامه فيها ، ومثله في الظهيرية ( قوله : وقال العتابي لا يجوز ) قال الرملي غالب الناس على الأول حتى إن كثيرا لم ينقل قول العتابي واقتصر على الأول .