( قوله والزنا واللمس والنظر بشهوة يوجب حرمة المصاهرة ) وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة ; لأنها نعمة فلا تنال بالمحظور ، ولنا : أن الوطء سبب الجزئية بواسطة الولد حتى يضاف إلى كل واحد منهما كملا فيصير أصولها وفروعها كأصوله وفروعه ، وكذلك على العكس والاستمتاع بالجزء حرام إلا في موضع الضرورة وهي الموطوءة والوطء محرم من حيث إنه سبب الولد لا من حيث إنه زنا واللمس والنظر سبب داع إلى الوطء فيقام مقامه في موضع الاحتياط كذا في الهداية ولم يستدل بقوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم } كما فعل الشارحون لما قدمنا أنه لا يصلح الاستدلال به ، أراد بالزنا الوطء الحرام ، وإنما قيد به ; لأنه محل الخلاف ، أما لو وطئ المنكوحة نكاحا فاسدا أو المشتراة فاسدا أو الجارية المشتركة أو المكاتبة أو المظاهرة منها أو الأمة المجوسية أو زوجته الحائض أو النفساء أو كان محرما أو صائما فإنه يثبت حرمة المصاهرة اتفاقا وبه علم أن الاعتبار لعين الوطء لا لكونه حلالا أو حراما وليفيد أنه لا بد أن تكون المرأة حية ; لأنه لو وطئ الميتة فإنه لا تثبت حرمة المصاهرة كما في الخانية [ ص: 106 ] وليفيد أنه لا بد أن يكون في القبل ; لأنه لو وطئ المرأة في الدبر فإنه لا يثبت حرمة المصاهرة وهو الأصح ; لأنه ليس بمحل الحرث فلا يفضي إلى الولد كما في الذخيرة وسواء كان بصبي أو امرأة كما في غاية البيان وعليه الفتوى كما في الواقعات ولأنه لو وطئها فأفضاها لا تحرم عليه أمها لعدم تيقن كونه في الفرج إلا إذا حبلت .
وعلم كونه منه وأورد عليهما أن الوطء في المسألتين حقه أن يكون سببا للحرمة كالمس بشهوة سبب لها بل الموجود فيهما أقوى منه ، وأجيب بأن العلة هي الوطء ، السبب للولد وثبوت الحرمة بالمس ليس إلا لكونه سببا لهذا الوطء ، ولم يتحقق في الصورتين وليفيد أنه لا بد أن يكون بغير حائل يمنع وصول الحرارة فلو جامعها بخرقة على ذكره لا تثبت الحرمة كما في الخلاصة وليفيد أن الموطوءة لا بد أن تكون مشتهاة حالا أو ماضيا ; لأن الزنا وطء مكلف في قبل مشتهاة خال عن الملك وشبهته فلو جامع صغيرة لا تشتهى لا تثبت الحرمة وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ثبوتها قياسا على العجوز الشوهاء ولهما : أن العلة وطء ، سبب للولد وهو منتف في الصغيرة التي لا تشتهي بخلاف الكبيرة لجواز وقوعه كما وقع لإبراهيم وزكريا عليهما السلام قال في فتح القدير .
وله أن يقول الإمكان العقلي ثابت فيهما والعادي منتف عنهما فتساويا والقصتان على خلاف العادة لا توجب الثبوت العادي ولا يخرجان العادة عن النفي ا هـ .
وقد يقال إنها دخلت تحت حكم الاشتهاء فلا تخرج عنه بالكبر ولا كذلك الصغيرة وليس حكم البقاء كالابتداء ، وفي الخانية وقال nindex.php?page=showalam&ids=11903الفقيه أبو الليث ما دون تسع سنين لا تكون مشتهاة وعليه الفتوى ا هـ .
فأفاد أنه لا فرق بين أن تكون سمينة أو لا ولذا قال في المعراج بنت خمس لا تكون مشتهاة اتفاقا وبنت تسع فصاعدا مشتهاة اتفاقا وفيما بين الخمس والتسع اختلاف الرواية والمشايخ والأصح أنها لا تثبت الحرمة وفي فتح القدير ، وكذا تشترط الشهوة في الذكر حتى لو جامع ابن أربع سنين زوجة أبيه لا تثبت الحرمة وفي الذخيرة خلافه وظاهر الأول أنه يعتبر فيه السن المذكور لها وهو تسع سنين وكما يشترط كونها مشتهاة [ ص: 107 ] لثبوت الحرمة في الزنا فكذلك لثبوتها في الوطء الحلال لما في الأجناس لو تزوج صغيرة لا تشتهى فدخل بها وطلقها وانقضت عدتها وتزوجت بآخر جاز له تزوج بنتها .
( قوله من حيث إنه سبب الولد ) قال ابن أمير حاج في شرح التحرير فإن قيل : ثبوت حرمة المصاهرة نعمة ; لأنها تلحق الأجنبيات بالأمهات والأجانب بالآباء ، وقد ثبتت مسببة عن الزنا عند الحنفية وهو تناقض ظاهر ; لأنه يفيد جعل الزنا مشروعا بعد النهي ، فالجواب : منع ثبوتها مسببة عن الزنا من حيث ذاته بل من حيث إنه سبب للماء الذي هو سبب البعضية الحاصلة بالولد الذي هو مستحق الكرامات ، ومنها حرمة المحارم إقامة للسبب الظاهر المفضي إلى المسبب الخفي مقامه كما في الوطء الحلال ; لأن الوقوف على حقيقة العلوق متعذر والولد عين لا معصية فيه ثم يتعدى حرمة أبي الواطئ وأبنائه من الولد إلى الموطوءة وحرمة أمهات الموطوءة وبناتها منه أيضا إلى الواطئ لصيرورة كل من الواطئ والموطوءة بعضا من الآخر بواسطة الولد ; لأن الولد مخلوق من مائهما ومضاف إلى كل منهما ، وهذا هو المراد بقوله : وثبوت حرمة المصاهرة عنده أي الزنا بأمر آخر لا بالزنا ا هـ .
عبارة ابن أمير حاج في شرح التحرير وقال الحلبي محشي الزيلعي ، وهذا جواب لقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إن حرمة المصاهرة نعمة فلا تنال بالمحظور ، بيانه : أن الوطء يثبت حرمة المصاهرة لا من حيث إنه زنا بل من حيث إنه سبب الولد المخلوق من الماءين والولد محترم مكرم داخل تحت قوله { ولقد كرمنا بني آدم } فليس فيه صفة القبح ; لأنه مخلوق بخلق الله تعالى على أي وجه اجتمع الماءان في الرحم ، ألا ترى إلى قوله تعالى { ثم أنشأناه خلقا آخر } فلما لم يكن في الأصل وهو الولد صفة القبح صار المنظور إليه هو الذي قام مقامه وهو الوطء كالتراب لما قام مقام الماء عند عدمه صار المنظور صفة الماء في إثبات الطهارة لا صفة التراب الذي هو تلويث فلم يرد علينا قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إن الزنا محظور لا يثبت به ما سبيله النعمة والكرامة ; لأن الزنا ليس بمنظور إليه في إيجاب حرمة المصاهرة فافهم ا هـ . عبارة الحلبي .
[ ص: 106 ] ( قوله ; لأنه لو وطئ المرأة في الدبر ) قال الكاكي رحمه الله تعالى أما لو لاط بغلام لا يوجب ذلك حرمة عند عامة العلماء إلا عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والأوزاعي فإن تحريم المصاهرة عندهما يتعلق باللواطة حتى تحرم عليه أم الغلام وبنته ا هـ .
وفي الغاية والجماع في الدبر لا يوجب حرمة المصاهرة وبه أخذ بعض مشايخنا ، وقيل : يوجبها ، وبه كان يفتي شمس الأئمة الأوزجندي ; لأنه مس وزيادة ، قال صاحب الذخيرة وما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أولا أصح لعدم إفضائه إلى الجزئية .
( فرع )
قال الكاكي أيضا ثم إتيان المرأة في دبرها حرام بإجماع الفقهاء وما روى ابن عبد الحكم عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال لم يصح تحريمه عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم والقياس أنه حلال قال الربيع كذب ابن عبد الحكم فإن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نص في ستة كتب على تحريمه وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك تحريمه وبعضهم جعل ما روي عنه قولا قديما والعراقيون لم يثبتوا الرواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وما جعله البعض غير ثابت ، كذا في شرح الوجيز ا هـ .
من حلبي على الزيلعي ( قوله وهو الأصح ) في الفتاوى البزازية لاط بأم امرأته أو بنتها لا تحرم الأم والبنت ، وذكر شمس الإسلام أنه يفتي بالحرمة احتياطا أخذا بقول بعض المشايخ ( قوله إن الوطء في المسألتين حقه أن يكون سببا للحرمة كالمس بشهوة لها ) كذا في بعض النسخ وفي عامتها أن الوطء في المسألتين وإن لم يكن سببا للحرمة فالمس بشهوة سبب لها بل الموجود إلخ .
( قوله ولهما أن العلة وطء سبب للولد إلخ ) قال المقدسي فيما نقل عنه يرد عليه إنه منتف في مطلق الصغيرة لا يختص بالتي لا تشتهى فيلزم عليه إن وطئ مطلق الصغيرة لا يوجب الحرمة ا هـ .
وفيه نظر ; لأن وطء المشتهاة سبب للولد ; لأنها في سن البلوغ لما يأتي من أن ما دون تسع لا تكون مشتهاة على المفتى به والمعتمد أيضا في سن البلوغ تسع ( قوله : وقد يقال إنها دخلت تحت حكم الاشتهاء إلخ ) مأخوذ مما في الذخيرة حيث قال وفي الفتاوى سئل الفقيه أبو بكر عمن قبل امرأة ابنه وهي بنت خمس سنين أو ست سنين عن شهوة قال : لا تحرم على ابنه ; لأنها غير مشتهاة وإن اشتهاها ولا ينظر إلى ذلك ، قيل له : فإن كبرت حتى خرجت عن حد الاشتهاء والمسألة بحالها ؟ قال : تحرم ; لأن الكبيرة دخلت تحت الحرمة فلا تخرج وإن كبرت ولا كذلك الصغيرة .
( قوله وظاهر الأول أنه يعتبر فيه السن إلخ ) قال في النهر علل في الفتح بعدم اشتهائه وهو يفيد أن من لا يشتهي لا تثبت الحرمة بجماعه ولا خفاء أن ابن تسع عار من هذا بل لا بد أن يكون مراهقا ثم رأيته في الخانية قال : الصبي الذي يجامع مثله كالبالغ ، قالوا : وهو أن يجامع ويشتهي وتستحيي النساء من مثله وهو ظاهر في اعتبار كونه مراهقا لا ابن تسع ، ويدل عليه ما في الفتح : مس المراهق كالبالغ وفي البزازية : المراهق كالبالغ حتى لو جامع امرأته أو لمس بشهوة تثبت حرمة المصاهرة ا هـ .
قلت : لكن في الوهبانية
ومن هي مست لابن ست بشهوة يحرمه صهر أو من هو أكبر
وعزاه ابن الشحنة إلى الظهيرية والقنية برقم برهان الدين قال : ثم قال : صبي مسته امرأة بشهوة فإن كان [ ص: 107 ] ابن خمس سنين ولم يكن يشتهي للنساء فلا تثبت حرمة المصاهرة وقال في ابن ست أو سبع يثبت حرمة المصاهرة ثم رقم لظهير الدين المرغيناني صبي قبلته امرأة أبيه أو على العكس بشهوة رأيت منصوصا عن الفقيه أبي جعفر إن كان الصبي يعقل الجماع تثبت حرمة المصاهرة وإلا فلا ، وتمامه هناك فراجعه .