وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فقد اعترف النووي بضعفه ، وأما أثر الموطإ فهو ، وإن صححه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وذكر أنه مرسل يحتج به على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فقد ضعفه ابن معين nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه فقد ضعفه ابن عدي وعلى تسليم الصحة يحمل على الماء الكثير أو على ما قبل تحريم لحوم السباع أو على حمر الوحوش وسباع الطير بدليل ما تمسكوا به من حديث القلتين ، فإنه صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=9718إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا } جوابا لسؤاله عن الماء يكون في الفلاة وما ينوبه من السباع إعطاء لحكم هذا الماء الذي ترده السباع وغيره ، فإن الجواب لا بد أن يطابق أو يزيد فيندرج فيه المسئول عنه وغيره وقد قال بمفهوم شرطه فنجس ما دون القلتين ، وإن لم يتغير وحقيقة مفهوم شرطه أنه إذا لم يبلغها يتنجس من ورود السباع ، وهذا من الوجوه الإلزامية له قال الزيلعي رحمه الله .
ثم اعلم أن في مذهب أصحابنا في سؤر ما لا يؤكل لحمه من السباع إشكالا ، فإنهم يقولون ; لأنه متولد من لحم نجس ثم يقولون إذا ذكي طهر ; لأن نجاسته لأجل رطوبة الدم
وقد خرج بالذكاة ، فإن كانوا يعنون بقولهم نجس نجاسة عينه وجب أن لا يطهر بالذكاة كالخنزير ، وإن كانوا يعنون به لأجل مجاورة الدم فالمأكول كذلك يجاوره الدم فمن أين جاء الاختلاف بينهما في السؤر إذا كان كل واحد منها يطهر بالذكاة ويتنجس بموته حتف أنفه ولا فرق بينهما إلا في المذكى في حق الأكل والحرمة لا توجب النجاسة وكم من طاهر لا يحل أكله ، ومن ثم قال بعضهم : لا يطهر بالذكاة [ ص: 137 ] إلا جلده ; لأن حرمة لحمه لا لكرامته آية نجاسته لكن بين الجلد واللحم جلدة رقيقة تمنع تنجس الجلد باللحم ، وهذا هو الصحيح ; لأنه لا وجه لنجاسة السؤر إلا بهذا الطريق ا هـ .
وقد ذكر في العناية حاصل هذا الإشكال وذكر أنها نكتة لا بأس بالتنبيه عليها ثم قال وحلها أن المراد باللحم الطاهر المتولد منه اللعاب ما يحل أكله بعد الذبح ، وبالنجس ما يقابله ، وهذا لأنهما اشتركا في النجاسة المجارة بالدم المسفوح قبل الذبح ، فإن الشاة لا تؤكل إذا ماتت حتف أنفها واشتركا في الطهارة بعده لزوال المنجس ، وهو الدم فلا فرق بينهما إلا أن الشاة تؤكل بعد الذبح دون الكلب ولا فرق بينهما أيضا في الظاهر إلا اختلاط اللعاب المتولد من اللحم فعلم من هذا أن اللعاب المتولد من لحم مأكول بعد الذبح طاهر بلا كراهة دون غيره إضافة للحكم إلى الفارق صيانة لحكم الشرع عن المناقضة ظاهرا هذا ما سنح لي ا هـ .
ولا يخفى ما في هذا الجواب ، فإن قول الزيلعي والحرمة لا توجب النجاسة يرده بل الجواب الصحيح ما في شرح الوقاية ، وهو أن الحرمة إذا لم تكن للكرامة ، فإنها آية النجاسة لكن فيه شبهة أن النجاسة لاختلاط الدم باللحم إذ لولا ذلك بل نجاسته لذاته لكان نجس العين ، وليس كذلك فغير مأكول اللحم إذا كان حيا فلعابه متولد من اللحم الحرام المخلوط بالدم فيكون نجسا لاجتماع الأمرين أما في مأكول اللحم فلم يوجد إلا أحدهما ، وهو الاختلاط بالدم فلم يوجب نجاسة السؤر ; لأن هذه العلة بانفرادها ضعيفة إذ الدم المستقر في موضعه لم يعط له حكم النجاسة في الحي ، وإذا لم يكن حيا ، فإن لم يكن مذكى كان نجسا سواء كان مأكول اللحم أو غيره ; لأنه صار حراما بالموت فالحرمة موجودة مع اختلاط الدم فيكون نجسا ، فإذا كان مذكى كان طاهرا أما في مأكول اللحم ; فلأنه لم توجد الحرمة ولا اختلاط الدم ، وأما في غير مأكول اللحم ; فلأنه لم يوجد الاختلاط والحرمة المجردة غير كافية في النجاسة على ما مر أنها تثبت باجتماع الأمرين ا هـ .
فحاصله أن نجاسة اللحم لحرمته مع اختلاط الدم المسفوح به ، وقد فقد الثاني في المذكى من السباع فكان طاهرا واجتمعا في حالتي الموت والحياة فكان نجسا وفقد الأول في الشاة حالة الحياة والذكاة فكان طاهرا واجتمعا حالة الموت فكان نجسا فظهر من هذا كله أن طهارة العين لا تستلزم طهارة اللحم ; لأن السباع طاهرة العين باتفاق أصحابنا كما نقله بعضهم مع أن لحمها نجس فثبت بهذا ما قدمناه من أن الكلب طاهر العين ولحمه نجس ونجاسة سؤره لنجاسة لحمه لكن بقي هاهنا كلام ، وهو أن قولهم بين الجلد واللحم جلدة رقيقة تمنع تنجس الجلد باللحم مشكل ، فإنه يقتضي طهارة الجلد من غير توقف على الذكاة أو الدباغة كما لا يخفى وفي مبسوط شيخ الإسلام ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد نجاسة سؤر السباع ، ولم يبين أنها خفيفة أم غليظة فعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في رواية الأصول غليظة وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن سؤر ما لا يؤكل لحمه كبول ما يؤكل لحمه كذا في معراج الدراية ومما سيأتي في سبب التغليظ والتخفيف يظهر وجه كل من الروايتين فالذي يظهر ترجيح الأولى لما عرف من أصله
[ ص: 135 - 137 ] ( قوله : ولا يخفى ما في هذا الجواب إلخ ) أقول : يمكن إرجاع ما ذكره في العناية إلى ما قاله في شرح الوقاية من أن العلة الحرمة مع اختلاط الدم ، وذلك ظاهر بأدنى تأمل .
فإنه بعد ما ذكر اشتراك المأكول وغيره في النجاسة المجاورة بالدم ذكر انفراد غير المأكول بالحرمة فقد اجتمع في غير المأكول الأمران بخلاف المأكول فكانت النجاسة في الأول دون الثاني ثم أوضحه بقوله فعلم من هذا أن اللعاب المتولد من لحم مأكول بعد الذبح طاهر أي ; لأنه لم يوجد فيه إلا الاختلاط بالدم وقوله دون غيره أي دون المتولد من لحم مأكول بأن كان متولدا من لحم حرام غير مأكول ، فإن لعابه غير طاهر لتولده من لحم حرام فقد اجتمع فيه الشيئان فمؤدى الكلامين متحد إلا أن عبارة شرح الوقاية أصرح .