أخره عن الاختيار لتأيد التخيير بإجماع الصحابة رضي الله عنهم بخلاف الأمر باليد فإنه ، وإن لم يعلم فيه خلاف ليس فيه إجماع وقدم كثير الأمر باليد نظرا إلى أن الإيقاع بلفظ الاختيار ثابت استحسانا في جواب اختاري لا قياسا بخلافه جوابا للأمر باليد فإنه قياس واستحسان وأما الإيقاع بلفظ أمري بيدي فلا يصح قياسا ولا استحسانا ، والحق ما في فتح القدير من استواء البابين في القياس ، والاستحسان فإنه جواب الأمر باليد بقولها اخترت نفسي على خلاف القياس أيضا ، والتفويض بكل منهما على وفق القياس ، والأمر هنا بمعنى الحال ، واليد بمعنى التصرف كما في المصباح ( قوله : أمرك بيدك ينوي ثلاثا فقالت اخترت نفسي بواحدة وقعن ) أي وقع الثلاث لأن الاختيار يصلح جوابا للأمر باليد على الأصح المختار لأنه أبلغ في التفويض إليها من الأمر باليد وقيل لا ذكره في المحيط ، والولوالجية ، وفيها : أعرتك طلاقك كأمرك بيدك ، والواحدة في كلامهما صفة الاختيارة فصار كأنها قالت اخترت نفسي باختياره واحدة وأراد بنية الثلاث نية تفويضها .
وأشار بذكر الفاء في قوله فقالت إلى اشتراط المجلس وبخطابها إلى أن علمها شرط حتى لو جعل أمرها بيدها ولم تعلم فطلقت نفسها لم تطلق كما في الولوالجية ، والخانية وبذكر النفس في جوابها إلى اشتراطه أو ما يقوم مقامه كالتفويض بلفظ التخيير واستفيد منه أن الأمر باليد كالتخيير في جميع مسائله سوى نية الثلاث فإنها تصح هنا لا في التخيير لأنه جنس يحتمل العموم ، والخصوص فأيهما نوى صحت نيته كذا ذكره الشارحون وصاحب المحيط ، وفي البدائع الأمر باليد كالتخيير إلا في شيئين أحدهما نيته الثلاث ، والثاني أن في اختاري لا بد من ذكر النفس أو ما يقوم مقامها للدليل الدال على اشتراطه في الاختيار ، وفي المحيط : لو جعل أمرها بيدها فقالت طلقت ، ولم تقل نفسي لا يقع كما في الخيار لو قالت اخترت لا يقع ، ولو قالت عنيت نفسي إن كانت في المجلس تصدق لأنها تملك الإنشاء وإلا فلا ا هـ .
وفي البزازية ، ولو قال : أمرك في عينيك وأمثاله يسأل عن النية وأمري بيدك كقوله أمرك بيدك ودعواها على زوجها أنه جعل أمرها بيدها لا يقبل أما لو أوقعت الطلاق بحكم التفويض ثم ادعت المهر ، والطلاق يسمع وليس لها أن ترفع الأمر إلى القاضي حتى يجبر الزوج على أن يجعل أمرها بيدها ، وفي تلخيص الجامع لو قال في البيع ، والطلاق أمرها بيد الله وبيدك أو بع بما شاء الله وشئت ينفرد [ ص: 344 ] المخاطب لأن ذكر الله تعالى للتبرك وللتيسير عرفا ، والباء للعوض فألغيا فيه دون الأصل مثل كيف شئت عنده بخلاف إن شاء الله أو ما شاء الله وشئت إذا بطل الأصل أو علق بمجهول حسب التأثير في إن شاء الله أنت طالق فلغا العطف وهو أخبر عن واقع ، ولو قال : بيدي وبيدك أو شئت وشئت لم ينفرد حملا على التعليق إذ تعذر التمليك ا هـ .
وفي المحيط لو قال لامرأته أنت طالق أو أمرك بيدك لم تطلق حتى تختار نفسها في مجلسها فحينئذ يخير الزوج إن شاء أوقع تطليقة ، وإن شاء أوقع باختيارها ا هـ .
ولو شتمت أجنبيا كان جناية وكذا لو كشفت وجهها لغير محرم لأنه لا يجوز النظر ، والكشف بلا ضرورة ، وقال القاضي : لا يكون جناية لأنه ليس بعورة ، ولو كلمت أجنبيا أو تكلمت عامدا مع الزوج أو شاغبت معه فسمع صوتها أجنبي فجناية وخروجها من البيت بعد إيفاء المعجل جناية في الأصح وقيل جناية مطلقا وإعطاؤها شيئا من بيته بلا إذنه حيث لم تجر العادة بالمسامحة به جناية وكذا دعاؤها عليه وكذا قولها الكلبة أمك وأختك بعد قوله جاءت أمك الكلبة وكذا قولها أزواج النساء رجال وزوجي لا ، ولو دعاها إلى أكل الخبز المجرد فغضبت لا يكون جناية ا هـ .
وصحح في الظهيرية ما عليه العامة من أن لعنها بعد لعنه جناية ، وفيها ، والصحيح أنها إن كشفت وجهها عند من يتهم بها فهو جناية ، ولو قال لها : لا تفعلي كذا فقالت أفعل إن كانت قالت ذلك في فعل هو معصية فهو جناية وإلا فلا ا هـ .
وفي جامع الفصولين فوض إليها أمرها إن تزوج عليها ثم ادعت على الزوج أنك تزوجت علي فلانة وفلانة حاضرة تقول زوجت نفسي منه وشهد الشهود بالنكاح يصير الأمر بيدها ، ولو كانت فلانة غائبة عن المجلس وبرهنت هذه أنك تزوجت فلانة علي وصار الأمر بيدي هل يسمع فيه روايتان ، والأصح أنها لا تسمع لأنها ليست بخصم في إثبات النكاح عليها ا هـ .
وفي الفصول واقعة جعل أمرها بيدها إن تزوج عليها ثم وهبت امرأة نفسها منه بحضرة شهود وقبل هو فصارت امرأته وقال : عنيت في التفويض التلفظ بلفظ التزوج هل يصدق حتى لا يصير الأمر بيدها قال : ما أجاب بعض من تصدى للإفتاء بلا تحصيل الدراية ، والرواية أنه يصدق وهذا غلط محض وخطأ صرف وأجبت أنه لا يصدق ويصير الأمر بيدها لأن نية الخصوص في الفعل لا تصح إذ الفعل لا عموم له ا هـ .
( قوله : حتى لو جعل أمرها بيدها ولم تعلم . . إلخ ) قال المقدسي في شرحه بعد نقله لما هنا وقال في الخلاصة عن الفتاوى الصغرى الأمر باليد لا يخلو إما أن يكون بيدها أو يد فلان مرسلا أو معلقا بشرط أو موقتا فإن كان مرسلا أو كان موقتا كان الأمر بيدها أو يد فلان ما دام الوقت باقيا علما بذلك أو لم يعلما أقول : يمكن التوفيق بأن المراد بهذا علما وقت التفويض أو لم يعلما وعلما بمضي الوقت أو لم يعلما يدل عليه قول التجريد سواء علمت أول الوقت أو لم تعلم ( قوله : وقيد بنية الثلاث لأنه لو لم ينو . . . إلخ ) يخالفه ما في الخانية قالت : اللهم نجني منك فقال الزوج أمرك بيدك ونوى به الطلاق ولم ينو العدد فقالت : طلقت نفسي ثلاثا فقال الزوج نجوت لا يقع شيء في قول nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام لأنه إذا لم ينو الثلاث كان كأنه قال لها طلقي نفسك ولم ينو العدد وقوله : نجوت يحتمل الاستهزاء وتقع واحدة في قول صاحبيه . ا هـ .
[ ص: 343 ] ( قوله : وفي الخلاصة لو قالت في جوابه : ملكت أمري ) في بعض النسخ ملكت نفسي أمري بزيادة لفظ نفسي ولم أجده في الخلاصة ( قوله : لكن يرد على الأصل المذكور . . . إلخ ) هذا وارد على عكسه وهو وقوله : وما لا فلا ويرد على طرده نحو : أنت مني طالق فإنه يصلح للإيقاع منه مع أنه لا يقع لو أجابت به كما ذكره المؤلف ، وقد يجاب عن الثاني بأن ذلك لا يصلح للإيقاع منه لأن قولها أنت مني طالق كناية عن قولها زوجي زيد مني طالق فقابله يكون أنا منك طالق لا أنت مني طالق وبذلك لا يقع لأنه كناية عن قوله زوجك زيد منك طالق وهكذا يعتبر في نظائره ففي قولها أنت علي حرام ونحوه يقع لأنه لو قال زوجك زيد عليك حرام أو أنا عليك حرام يقع لأن قولها أنت كناية عن الظاهر وكذا لو قالت طلقت نفسي يقع لأن قولها نفسي عبارة عن زينب مثلا ، ولو قال طلقت زينب يقع وكذا قولها أنا منك طالق أو أنا طالق يقع لأنه لو أسند الطلاق إلى ما كنت عنه بقولها أنا يقع بخلاف أنت مني طالق فإنه لو أسنده إلى ما كنت به عنه لا يقع كما قلنا فليس المراد التعبير بما عبرت به بل إسناد الطلاق إلى ما أسندته إليه وإلا لم يقع في قولها أنا منك طالق .
وبيان ذلك أن ألحقت نفسي بأهلي من الكنايات التي تصلح للرد فلا يقع بها الطلاق إلا بالنية ، ولو في حالة الغضب أو مذاكرة الطلاق بخلاف حرام بائن . . . إلخ فإنه يقع حال المذاكرة بلا نية فإذا سألته الطلاق فقال أنت حرام وقع بلا نية فلو قاله وقع أيضا بخلاف الحقي بأهلك فإنه لا يتعين للإيقاع بعد سؤالها إلا بالنية فإذا قالته لا يقع هذا ما ظهر لي فتدبره .
( قوله : يسأل عن النية ) أي إن لم تكن دلالة حال ولذا قال المقدسي بعد ذكره ما مر من أنه لا بد من النية ديانة أو يدل الحال عليها قضاء ، وما في البزازية يحمل على ذلك [ ص: 344 ] ( قوله : وإن طلقت بعد ما مشت خطوتين لم تطلق ) قال المقدسي : في شرحه ، وفي العتابية ، وإن مشت خطوة بطل أقول : توفيقه أن ما في العتابية يحمل على ما إذا كانت رجلها فوق العتبة ، والأخرى دخلت بها وما سبق على ما إذا كانت خارج العتبة فبأول خطوة لم تتعد أول الدخول فبالثانية تتعدى ويخرج الأمر من يدها ( قوله : وغيرها لا يصير أمرها بيدها ) أي غير المدخول وسيأتي قريبا وجهه ( قوله : ، والأصح أن القول قولها . . . إلخ ) سيأتي تحرير هذه المسألة في باب التعليق عند قول المتن اختلفا في وجود الشرط فالقول له [ ص: 345 ] ( قوله : يقع الرجعي ولا يسقط ) المهر ، والنفقة أي لأنها صغيرة فلم يصح إبراؤها .