والمراد بالمملوك من كانت منافعه مملوكة لشخص سواء كانت رقبته مملوكة له أو لا فدخل المدبر وأم الولد وخرج المكاتب ; لأنه مالك لمنافعه ، ولو أوصى بعبد لرجل وبخدمته لآخر فالنفقة على من له الخدمة فإن مرض في يد صاحب الخدمة إن كان مرضا لا يمنعه من الخدمة كانت نفقته على صاحب الخدمة وإن كان مرضا يمنعه من الخدمة كانت نفقته على صاحب الرقبة وإن تطاول المرض ورأى القاضي أن يبيعه فباعه يشتري بثمنه عبدا يقوم مقام الأول في الخدمة كذا في الخانية وزاد في المحيط أنه إن كان صغيرا لم يبلغ الخدمة فنفقته على صاحب الرقبة حتى يبلغ الخدمة ، ثم على المخدوم ; لأنه ملك المنافع بغير عوض فصار كالمستعير ، وكذا النفقة على الراهن والمودع ، وأما عبد العارية فعلى المستعير ، وأما كسوته فعلى المعير ، كذا في الواقعات ، ولو أوصى بجارية لإنسان وبما في بطنها لآخر فالنفقة على من له الجارية ومثله أوصى بدار لرجل وسكناها لآخر فالنفقة على صاحب السكنى ; لأن المنفعة له فإن انهدمت فقال صاحب السكنى أنا أبنيها وأسكنها كان له ذلك ولا يكون كتبرع ; لأنه مضطر فيه ; لأنه لا يصل إلى حقه إلا به فصار كصاحب العلو مع صاحب السفل إذا انهدم السفل وامتنع صاحبه من البناء لصاحب العلو أن يبنيه ويمنع صاحبه عنه حتى يعطي ما غرم فيه ولا يكون متبرعا وأطلق في المملوك فشمل ما إذا كان له أب موجود حاضر أو لا وشمل الأمة المتزوجة حيث لم يبوئها منزلا للزوج وشمل الصغير والكبير والذكر والأنثى الصحيح والمريض والزمن والأعمى .
وأما العبد الآبق إذا أخذه رجل ليرده على مولاه وأنفق عليه إن أنفق بغير أمر القاضي كان كتطوع لا يرجع وإن رفع الأمر إلى القاضي فسأل من القاضي أن يأمره بالإنفاق عليه نظر القاضي في ذلك فإن رأى الإنفاق أصلح أمره بالإنفاق وإن خاف أن تأكله النفقة أمره القاضي بالبيع وإمساك الثمن ، وكذا إذا وجد به ضالة في المصر أو في غير المصر ، وأما العبد المغصوب فإن نفقته على الغاصب إلى أن يرده إلى المولى فإن طلب من القاضي أن يأمره بالنفقة أو بالبيع لا يجيبه ; لأن المغصوب مضمون على الغاصب إلا أن يكون الغاصب مخوفا منه على العبد فحينئذ يأخذ القاضي ويبيعه ويمسك الثمن ، وأما العبد الوديعة إذا غاب صاحبه فجاء المودع إلى القاضي وطلب منه أن يأمره بالنفقة أو بالبيع فإن القاضي يأمره بأن يؤاجر العبد [ ص: 237 ] وينفق عليه من أجره وإن رأى أن يبيعه فعل ، وأما العبد إذا كان بين رجلين فغاب أحدهما وتركه عند الشريك فرفع الشريك الأمر إلى القاضي وأقام البينة على ذلك كان القاضي بالخيار إن شاء قبل هذه البينة وإن شاء لم يقبل وإن قبل يأمره بالنفقة ويكون الحكم ما هو الحكم في الوديعة والكل من الخانية .
وفي الخلاصة الشريك إذا أنفق على العبد في غيبة شريكه بغير إذن القاضي وبغير إذن صاحبه ، وكذا النخل والزرع ، وكذا المودع والملتقط إذا أنفق على الوديعة واللقطة ، وكذا في الدار المشتركة إذا اشتريت فأنفق أحدهما بغير إذن صاحبه وبغير إذن أمر القاضي فهو متطوع وفي القنية ونفقة المبيع على البائع ما دام في يده هو الصحيح ، ثم رقم برقم آخر أنه يرفع البائع الأمر إلى الحاكم فيأذن له في بيعه أو إجارته ، ثم رقم بأن نفقة العبد المبيع بشرط الخيار على من له الملك في العبد وقت الوجوب ، وقيل على البائع ، وقيل يستدان فيرجع على من يصير له الملك كصدقة الفطر ا هـ .
وفي وجوب نفقة البيع على البائع قبل تسليمه إشكال ; لأنه لا ملك له لا رقبة ولا منفعة فينبغي أن تكون على المشتري وتكون تابعة للملك كالمرهون كما بحثه بعضهم كما في القنية وشمل كلام المصنف أيضا المملوك ظاهرا فلو شهد عليه بحرية أمته فوضعها القاضي على يد عدل لأجل المسألة على الشهود فالنفقة على من هي في يده سواء ادعت الأمة الحرية أو جحدت لوجوب نفقة المملوك على مولاه وإن كان ممنوعا منه ولا رجوع للمولى بما أنفقه سواء زكيت الشهود أو لا إلا إذا أجبره القاضي على الإنفاق أو أكلت في بيته بغير إذنه فيرجع بما أنفقه ; لأنه تبين أن لا ملك له وإن كان عبدا أمره أن يكتسب وينفق على نفسه إن كان قادرا عليه وإلا فعلى المدعى عليه وتمامه في الذخيرة .
( قوله : وأما العبد الوديعة إذا غاب صاحبه إلخ ) قال الرملي وفي النهر ونقلوا في أخذ الآبق إذا طلب من القاضي ذلك فإن رأى الإنفاق أصلح أمره وإن خاف أن تأكله النفقة أمره بالبيع فيقال إن أمره بالإجارة أصلح كالمودع فلم لم يذكروه ؟ ا هـ .
أقول : الحكم فيه كذلك حيث تحققت الأصلحية لكن الآبق يخشى عليه الإباق ثانيا فالغالب انتفاء أصلحية إجارته للغير بخلاف المودع فلذا سكتوا عن ذكره وإلا لا [ ص: 237 ] فرق بينهما حيث تعينت الأصلحية حتى في المودع لو كان الأصلح الإنفاق عليه أمر به فالحاصل أن الحكم دائر مع الأصلحية تأمل .