( قوله : لا بالرجوع ، والعفو ) أي لا يبطل برجوع القاذف عن الإقرار ولا بعفو المقذوف لما قدمناه وقد توهم بعض حنفية زماننا من عدم صحة العفو أن القاضي يقيم الحد عليه مع عفو المقذوف وتعلق بما في فتح القدير من قوله ومنها العفو ، فإنه بعد ما ثبت عند الحاكم القذف ، والإحصان لو عفا المقذوف عن القاذف لا يصح منه العفو ويحد عندنا ا هـ .
وهو غلط فاحش فقد صرح في المبسوط بأنه إذا قضى القاضي بحد القذف على القاذف ثم عفا المقذوف عنه بعوض أو بغير عوض لم يسقط الحد ولكن الحد ، وإن لم يسقط بعفوه ، فإذا ذهب العافي لا يكون للإمام أن يستوفيه لما بينا أن الاستيفاء عند طلبه وقد ترك الطلب إلا إذا عاد وطلب فحينئذ يقيم الحد ; لأن العفو كان لغوا فكأنه لم يخاصم إلى الآن . ا هـ .
وفي غاية البيان معريا إلى الشامل لا يصح عفو المقذوف إلا أن يقول لم يقذفني أو كذب شهودي ; لأنه حق الله تعالى إلا أن خصومته شرط . ا هـ .
ويدل عليه أيضا ما في كافي الحاكم لو غاب المقذوف بعد ما ضرب بعض الحد لم يتم الحد إلا وهو حاضر لاحتمال العفو فالعفو الصريح أولى فتعين حمل ما في فتح القدير على ما إذا عاد وطلب .
وهذا لا يعارض ما في المبسوط ; لأن قاضي خان إنما حكم بعدم بطلان الحد بالصلح ، وأما كونه [ ص: 40 ] يقام بغير طلب أم لا فساكت عنه وقد علم مما هنا حكمه أفاده في المنح وبهذا ظهر فائدة التقييد في كلام المبسوط بالعفو بعد القضاء بالنظر إلى ما إذا كان على عوض لما علمت من اقتضاء كلام الخانية أنه يبطل إذا كان الصلح على عوض وكان قبل الرفع وبه صرح في فصول العمادي كما نقله عنها بعضهم .