( قوله : ومن قذف امرأة لم يدر أبو ولدها أو لاعنت بولد أو رجلا وطئ في غير ملكه أو أمة مشتركة أو مسلما زنا في كفره أو مكاتبا مات عن وفاء لا يحد ) بيان لست مسائل إلا الأوليان فلقيام أمارة الزنا منها وهو ولادة ولد لا أب له ففاتت العفة نظرا إليها وهي شرط أطلقه فشمل ما إذا كان الولد حيا عند القذف أو ميتا وقيد بكونها لاعنت بولد إذ لو قذف الملاعنة بغير ولد فعليه الحد لانعدام أمارة الزنا وأشار بقوله لاعنت إلى أنه لا بد من بقاء اللعان حتى لو بطل بإكذابه نفسه ثم قذفها رجل حد لزوال التهمة بثبوت النسب منه وكذا لو قامت البينة على الزوج أنه ادعاه وهو ينكر يثبت النسب منه ويحد ومن قذفها بعد ذلك يحد ; لأنها خرجت عن صورة الزواني ولو قذفها الزوج فرافعته وأقامت بينة أنه أكذب نفسه حد ; لأن الثابت بالبينة كالثابت بإقرار الخصم أو بمعاينة ولا بد من أن يقطع القاضي نسب الولد حتى لو لاعنت بولد ولم يقطع القاضي النسب وجب الحد على قاذفها كما في غاية البيان ، والمراد بعدم معرفة أبي ولدها عدمها في بلد القذف لا في كل البلاد ولذا قال في الجامع الصغير امرأة قذفت في بعض البلاد ومعها أولاد لا يعرف لهم أب فقال لها رجل يا زانية إلخ وفي فتح القدير .
وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي ، والصحيح أنه لا يحد قاذفه لثبوت التضاد بين الحل ، والحرمة فلو قال المصنف أو رجلا وطئ في غير ملكه أو في ملكه ، والحرمة مؤبدة لكان أولى وشمل قوله في غير ملكه جارية ابنه ، والمنكوحة نكاحا فاسدا ، والأمة المستحقة ، والمكره على الزنا ، والثابت حرمتها بالمصاهرة أو تزوج محارمه ودخل بهن أو جمع بين المحارم أو تزوج أمة على حرة ، وأما الخامسة وهي ما إذا قذف مسلما زنى في حال كفره فلتحقق الزنا منه شرعا ، وإن كان الإثم قد ارتفع بإسلامه لانعدام الملك ولهذا وجب عليه الحد لو كان في ديارنا وأطلقه فشمل الحربي ، والذمي وما إذا كان الزنا في دار الإسلام أو في دار الحرب وشمل ما إذا قال له زنيت وأطلق ثم أثبت أنه زنى في كفره أو قال له زنيت وأنت كافر فهو كما لو قال لمعتق زنيت وأنت عبد ، وأما السادسة وهي ما إذا قذف مكاتبا مات عن وفاء فلتمكن الشبهة في الحرية لمكان اختلاف الصحابة رضي الله عنهم وقيد بكونه مات عن وفاء ليفيد أن المكاتب إذا مات عن غير وفاء لا حد على قاذفه بالأولى لموته عبدا .
( قوله : والثابت حرمتها بالمصاهرة ) ليس على إطلاقه لما مر آنفا أنه يشترط في الحرمة المؤبدة عنده أن تكون ثابتة بالإجماع أو بالحديث المشهور قال في الفتح nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة إنما يعتبر الخلاف عند عدم النص على الحرمة بأن تثبت بقياس أو احتياط كثبوتها بالنظر إلى الفرج والمس بشهوة ; لأن ثبوتها لإقامة المسبب مقام السبب احتياطا فهي حرمة ضعيفة لا ينتفي بها الإحصان الثابت بيقين بخلاف الحرمة الثابتة بزنا الأب ، فإنها ثابتة بظاهر قوله تعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم } فلا يعتبر الخلاف مع وجود النص ( قوله : أو قال له زنيت وأنت كافر إلخ ) مقتضاه أنه لا يجب الحد به وقد مر عن الظهيرية عند قوله : وإحصانه إلخ ما يخالفه فتأمل وقد يقال ما مر محمول على ما إذا كان الزنا في حالة الكفر أو الرق غير ثابت وما هنا على ما إذا كان ثابتا ثم رأيته لكن في الفتح والمراد قذفها بعد الإعلام بزنا كان في نصرانيتها بأن قال زنيت وأنت كافرة وكذا لو قال المعتق زنى وهو عبد زنيت وأنت عبد لا يحد كما لو قال قذفتك بالزنا وأنت مكاتبة أو أمة فلا حد عليه ; لأنه إنما أقر أنه قذفها في حال لو علمنا منه صريح القذف لم يلزم حده ; لأن الزنا يتحقق من الكافر ولذا يقام عليه الجلد حدا بخلاف الرجم على ما مر ولا يسقط الحد بالإسلام وكذا العبد .