( قوله وأقل الطهر خمسة عشر يوما ) بإجماع الصحابة رضي الله عنهم ولأنه مدة اللزوم فصار كمدة الإقامة ( قوله ولا حد لأكثره إلا عند نصب العادة في زمن الاستمرار ) ; لأنه قد يمتد إلى سنة وإلى سنتين ، وقد لا تحيض أصلا فلا يمكن تقدير أكثره إلا عند الضرورة ، وشمل كلامه ثلاث مسائل : الأولى إذا بلغت مستحاضة فستأتي أنه يقدر حيضها بعشرة من كل شهر وباقيه طهر والثانية إذا بلغت برؤية عشرة مثلا دما وسنة [ ص: 219 ] طهرا ثم استمر بها الدم فقال أبو عصمة والقاضي أبو حازم حيضها ما رأت وطهرها ما رأت فتنقضي عدتها بثلاث سنين وثلاثين يوما وهذا بناء على اعتباره للطلاق أول الطهر والحق أنه إن كان من أول الاستمرار إلى إيقاع الطلاق مضبوطا فليس هذا التقدير بلازم لجواز كون حسابه يوجب كونه أول الحيض فيكون أكثر من المذكور بعشرة أيام أو آخر الطهر فيقدر بسنتين وأحد وثلاثين أو اثنين أو ثلاثة وثلاثين ونحو ذلك ، وإن لم يكن مضبوطا فينبغي أن تزاد العشرة إنزالا له مطلقا أول الحيض احتياطا كذلك في فتح القدير ، وقد يقال لما كان الطلاق في الحيض محرما لم ينزلوه مطلقا فيه حملا لحال المسلم على الصلاح وهو واجب ما أمكن .
( قوله ولأنه من اللزوم ) كذا في الزيلعي والدرر واختلف في تفسيره قال بعضهم أي لزوم العبادة وقال بعضهم بيانه أن مدة الإقامة من حيث هي لازمة والسفر قد يحدث أحيانا وكذا الطهر بالنسبة إلى الحيض وحاصله يرجع إلى كون تلك المدة معتبرة في الشرع توقيتا لما لزم ونظير هذا ما يجيء في باب الاستسقاء وباب عجز المكاتب أن ثلاثة أيام ضربت لإيلاء الأعذار كإمهال الخصم للدفع والمديون للقضاء ومن فسر هذا اللزوم بلزوم العبادة فقد خبط خبط عشواء . ا هـ .
ومراده به الرد على الأول وحاصل كلامه يرجع إلى اللزوم العادي ، وقال بعض الفضلاء الظاهر أن المراد به الشرعي وأنه مراد القائل الأول ووجهه ما في المبسوط مدة الطهر نظير مدة الإقامة من حيث إنها تفيد ما كان سقط من الصوم والصلاة ، وقد ثبت بالأخبار أن أقل مدة الإقامة خمسة عشر يوما فكذلك أقل مدة الطهر ولهذا قدرنا أقل مدة السفر ، فإن كل واحد منهما يؤثر في الصوم والصلاة . ا هـ .
( قوله : والثانية إذا بلغت إلخ ) أي فإنه يقدر [ ص: 219 ] لأكثر الطهر حد في هذه الصورة قال في النهر وهذا قول العامة خلافا لمن قال لا حد له ومحل الخلاف في تقدير طهرها في حق انقضاء العدة ولا خلاف أنه في غيرها لا يقدر بشيء . ا هـ .
وفيه نظر لما في السراج من أنه على قول أبي عصمة تدع من أول الاستمرار عشرة وتصلي سنة هكذا دأبها لا غاية لأكثر الطهر عنده على الإطلاق وعند عامة العلماء تدع في الاستمرار عشرة وتصلي عشرين كما لو ابتدأت مع البلوغ مستحاضة فقدروا الطهر بعشرين . ا هـ .
وهذا الاختلاف في التقدير للصلاة وهو غير العدة وذكر في النهاية عن المحيط وكذا في العناية اختلافا في تقدير طهرها للعدة ، وإن الفتوى على قول الحاكم الشهيد أنه مقدر بشهرين كما سيذكره المؤلف في مسألة المتحيرة بقية الأقوال وبه يظهر أن الخلاف في المسألتين لا في المتحيرة فقط كما يوهمه كلام المؤلف وغيره كالزيلعي والمحقق ابن الهمام حيث اقتصروا على بيان الاختلاف في المسألة الآتية فقط ولذا نبه بعض الفضلاء فقال : إن الشهرين أعني القول المفتى به راجع لكل من المعتادة والمتحيرة ، أما الأول فقد نص عليه في العناية والشمني وغيرهما ، وأما الثاني فقد نص عليه الزيلعي والبحر وغيرهما . ا هـ .
فتنبه ثم اعلم أن ما مشى عليه هنا من قول أبي عصمة مشى العلامة البركوي في رسالته في الحيض على خلافه فقال الفصل الرابع في الاستمرار إن وقع في المعتادة فطهرها وحيضها ما اعتادت في جميع الأحكام إن كان طهرها أقل من ستة أشهر وإلا فيرد إلى ستة أشهر إلا ساعة وحيضها بحاله . ا هـ .
وقال في حواشيه التي كتبها على تلك الرسالة هذا قول محمد بن إبراهيم الميداني قال في العناية وغيره وعليه الأكثر وفي التتارخانية وعليه الاعتماد . ا هـ .
( قوله : وقد يقال إلخ ) قال في الشرنبلالية فيه نظر ; لأن الاحتياط في أمر الفروج آكد خصوصا العدة فهو مقدم على توهم مصادفة الطلاق الطهر فلا تنقضي العدة إلا بيقين . ( قوله : إنه وقت حيض أو طهر ) أي أو دخول في حيض . ا هـ . عيني .