( قوله وللمملوك والمرأة والصبي والذمي الرضخ لا السهم ) لأنه عليه السلام كان لا يسهم للنساء والصبيان والعبيد وكان يرضخ لهم ولما استعان النبي صلى الله عليه وسلم باليهود على اليهود لم يعطهم شيئا من الغنيمة يعني لم يسهم لهم ولأن الجهاد عبادة والذمي ليس من أهلها والرضخ في اللغة إعطاء القليل وهنا إعطاء القليل من سهم الغنيمة وظاهر ما في المختصر أنه يرضخ لهم مطلقا وليس كذلك بل إنما يرضخ للعبد إذا قاتل لأنه دخل لخدمة المولى فصار كالتاجر والمرأة وكذا الصبي لأنه مفروض بأن يكون له قدرة عليه والمرأة إنما يرضخ لها إذا كانت تداوي الجرحى وتقوم على المرضى لأنها عاجزة عن حقيقة القتال فيقام هذا النوع من الإعانة مقام القتال بخلاف العبد لأنه قادر على حقيقة القتال كذا في الهداية وظاهره تخصيص هذا النوع من الإعانة وليس كذلك فقد قال الولوالجي إن الإعانة منها قائمة مقام القتال كخدمة الغانمين وحفظ متاعهم ا هـ .
وهو الحق كما لا يخفى والذمي إنما يرضخ له إذا قاتل أو دل على الطريق لأنه فيه منفعة للمسلمين إلا أنه يزاد على السهم في الدلالة إذا كانت فيه منفعة عظيمة ولا يبلغ فيه السهم إذا قاتل لأنه جهاد ، والأول ليس من عمله فلا يسوى بينه وبين المسلم في حكم الجهاد ودل كلامهم على أنه يجوز الاستعانة بالكافر على القتال إذا دعت الحاجة إلى ذلك كما قدمناه وأطلق العبد فشمل المكاتب لقيام الرق وتوهم عجزه فيمنعه المولى عن القتال وقيد بالمذكورين لأن الأجير لا يسهم له ولا يرضخ لعدم اجتماع الأجر والنصيب من الغنيمة إلا إذا قاتل فإنه يسهم له كما قدمناه وفي التتارخانية لو أعتق العبد يرضخ له فيما أصيب من الغنيمة قبل عتقه والذمي المقاتل مع الإمام إذا أسلم يضرب له بسهم كامل فيما أصيب بعد إسلامه ا هـ . وظاهر ما في الولوالجية أن العبد يرضخ له بشرطين أذن المولى بالقتال له وأن يقاتل فعليه لو قاتل بلا إذن لا يرضخ له ولم يذكر المصنف [ ص: 98 ] المجنون وفي الولوالجية ويرضخ للصبي والمجنون لأن السبب وجد في حقهما وهو القتال إلا أنهما تبع فصارا كالعبد مع المولى ا هـ .
( قوله والذمي إنما يرضخ له إذا قاتل أو دل على الطريق ) قال في الحواشي اليعقوبية لا وجه لتخصيص حكم الدلالة على الطريق بالذمي لأن العبد أيضا إذا دل يعطى له أجرة الدلالة بالغا ما بلغ إلا أن يمنع إرادة التخصيص فليتأمل ا هـ .
( قوله إلا إذا قاتل فإنه يسهم له ) أي بخلاف المذكورين فإنه يرضخ لهم إذا قاتلوا ولا يسهم ( قوله وظاهر ما في الولوالجية أن العبد يرضخ له بشرطين إلخ ) وذلك حيث قال العبد إذا كان مع مولاه يقاتل بإذن مولاه يرضخ له وكذا الصبي والذمي والمرأة والمكاتب يرضخ لهم لأن العبد تبع للحر فإنه يقاتل بأذن المولى وأهل الذمة تبع للمسلمين ولهذا لو أرادوا ينصبون راية لأنفسهم لا يمكنون والصبي تبع للرجل فلا تجوز التسوية بينهم في استحقاق الغنيمة وإن استووا في سبب الاستحقاق وهو القتال وكان ينبغي أن لا يسوى بين الفرس وبين المالك لأنه تبع [ ص: 98 ] للمالك لا أنا تركنا القياس بالنص ولا نص هنا وإذا لم تجز التسوية لا يسهم له فيرضخ للعبد إن كان في خدمة مولاه ولا يقاتل ا هـ .
قلت لكن قول الولوالجي إذا كان مع مولاه مقاتل بإذن مولاه يرضخ له من غير قيد بل يرضخ له وإن لم يكن بإذن المولى كما صرح به السرخسي في شرح السير الكبير وقال إذا كان غير مأذون له بالقتال فلا شيء له قياسا لأنه ليس من أهل القتال فكان حاله كحال الحربي المستأمن إن قاتل بإذن الإمام استحق الرضخ وإلا فلا وفي الاستحسان يرضخ له لأنه غير محجور عن الاكتساب وعما يتمحض منفعة وهو نظير القياس والاستحسان في العبد المحجور إذا أجر نفسه وسلم من العمل وبه اندفع ما في الحواشي اليعقوبية من قوله أن العبد إذا كان مأذونا بالقتال وقاتل ينبغي أن يكون له السهم الكامل كما لا يخفى ا هـ .
وقد رأيت التصريح بهذا الظاهر في الفتح حيث قال وسواء قاتل العبد بإذن سيده أو بغير إذنه .