( قوله : فينصب القاضي من يأخذ حقه ويحفظ ماله ويقوم عليه ) لأن القاضي نصب ناظرا لكل عاجز عن النظر لنفسه والمفقود بهذه الصفة وصار كالصبي والمجنون وفي نصب الحافظ لماله والقائم عليه نظر له لكن عند الحاجة فلو كان له وكيل ، ثم فقد ينبغي أن لا ينصب القاضي وكيلا ; لأنه لا ينعزل بفقد موكله إذا كان وكيلا في الحفظ لما في الولوالجية والتجنيس رجل غاب وجعل داره في يد رجل ليعمرها أو دفع ماله ليحفظه وفقد الدافع فله أن يحفظه وليس له أن يعمر الدار إلا بإذن الحاكم ; لأنه لعله مات ولا يكون الرجل وصيا ا هـ .
أطلق الحق فشمل الأعيان والديون من الغلات وغيرها ما كان في بيته أو عند أمنائه ولا يخفى أنه يقبض غلاته والديون المقر بها ; لأنه من باب الحفظ فيخاصم في دين وجب بعقده ; لأنه أصيل في حقوقه ولا يخاصم في الذي تولاه المفقود ولا في نصيب له في عقار أو في عروض في يد رجل ; لأنه ليس بمالك ولا نائب عنه إنما هو وكيل في القبض من جهة القاضي وأنه لا يملك الخصومة بلا خلاف وإنما الخلاف في الوكيل بالقبض من جهة المالك في الدين ، وإذا كان كذلك تضمن الحكم به قضاء على الغائب وأنه لا يجوز إلا إذا رده القاضي وقضى به ; لأنه مجتهد فيه ، كذا في الهداية .
وأورد عليه أن المجتهد فيه نفس القضاء فينبغي أن يتوقف نفاذه على إمضاء قاض آخر كما لو كان القاضي محدودا في قذف أجيب بأن المجتهد فيه سبب القضاء وهو أن البينة هل تكون حجة من غير خصم حاضر أو لا فإذا رآها القاضي حجة وقضى بها نفذ قضاؤه كما لو قضى بشهادة المحدود في القذف واستشكله الشارح بأن الاختلاف إنما هو في نفس القضاء وإلا لم يتصور الاختلاف في نفس القضاء فلا ينفذ حكمه إلا بتنفيذ قاض آخر ولهذا قال الشارح في كتاب القضاء إن الأصح أنه لا ينفذ إلا بتنفيذ قاض آخر ; لأن الاختلاف في نفس القضاء [ ص: 177 ]
وتبعه المحقق ابن الهمام هناك لكن ذكر هنا عن الخلاصة أن الفتوى على النفاذ ، والحاصل أن في نفاذ القضاء على الغائب روايتين فصححوا في باب المفقود رواية النفاذ وفي كتاب القضاء رواية عدمه لكن وقع الاشتباه بين أهل العصر في المراد بالقاضي على الغائب هل المراد به الأعم من الحنفي وغيره أو المراد غير الحنفي ، ومنشؤه فهم عبارة الهداية وغيرها هنا حيث قالوا إذا رآه القاضي نفذ هل المراد أنه رأي له واعتقاد فيخرج الحنفي ; لأنه لا يرى القضاء على الغائب أو المراد إذا رآه القاضي مصلحة فقال في العناية إلا إذا رآه القاضي أي جعل ذلك رأيا له وحكم به ، وقال في فتح القدير أي رأى القاضي المصلحة في الحكم على الغائب أو له ا هـ .
وقال الشارحون وصاحب الخلاصة والبزازية في توجيه الجواب عما أورد أن المجتهد فيه نفس القضاء رآها القاضي حجة وقضى بها نفذ ، وهو موافق لما في العناية المقتضي لتخصيص القاضي بغير الحنفي ومن العجب ما في الخلاصة من نقل الإجماع على نفاذ القضاء على الغائب لو فعل وإنما الخلاف في أنه هل يقضي وينصب وكيلا عن الغائب أم لا وستزداد وضوحا في كتاب القضاء إن شاء الله تعالى .
والحاصل أنه لا تسمع الدعوى ولا تقبل البينة فيما لو ادعى إنسان على المفقود دينا أو وديعة أو شركة في عقار أو رقيق أو ردا بعيب أو مطالبة لاستحقاق لعدم الخصم ; لأن منصوب القاضي ليس بخصم ، وكذا ورثته ; لأنهم يرثونه بعد موته ولم يثبت ولم يذكر المصنف بيع شيء من ماله وفي الهداية ، ثم ما كان يخاف عليه الفساد يبيعه القاضي ; لأنه يتعذر عليه حفظ صورته ومعناه فينظر له بحفظ المعنى ولا يبيع ما لا يخاف عليه الفساد في نفقة ولا غيرها ; لأنه لا ولاية له على الغائب إلا في حفظ ماله فلا يسوغ له ترك حفظ الصورة وهو ممكن
( قوله ; لأنه لا ينعزل بفقد موكله إلخ ) قال في النهر : الظاهر أنه لا يملك قبض ديونه التي أقر بها غرماؤه ولا غلاته وحينئذ فيحتاج إلى النصب وكان هذا هو السر في إطلاقهم نص الوكيل والله الموفق . ( قوله : تضمن الحكم به قضاء على الغائب ) قال في الحواشي السغدية فيه شيء والظاهر أن يقال قضاء للغائب وكتب على قوله وأنه لا يجوز ما نصه في فصل القضاء بالمواريث من شرح الأتقاني وأحال على المختلف أنه قيل يجوز القضاء للغائب عندهما ولا يجوز عنده