لكن وقع الاشتباه في مسائل منها هل يستدين للإمام والخطيب والمؤذن باعتبار أنه لا بد له من ذلك فيكون بإذن القاضي فقط أو لا الظاهر أنه لا يستدين لهم إلا بإذن القاضي لقوله في جامع الفصولين لضرورة مصالح المسجد وقال في خزانة الأكمل لو وقف على مصالح المسجد يجوز دفع غلته إلى الإمام والمؤذن والقيم . ا هـ .
ولم يذكر الخطيب قال في شرح المنظومة ولا شك أنه في الجامع نظير من ذكر في المسجد . ا هـ .
فعلى هذا تخرج الأربعة من قول القنية الموقوف عليهم ومنها هل يستدين بإذن القاضي للحصر والزيت بالمسجد أم لا فعلى أنهما من المصالح له ذلك وإلا فلا وقد اختلف في كونهما من المصالح ففي القنية رقم لركن الدين الصباغي وقال كتبت إلى المشايخ ورمز للقاضي عبد الجبار وشهاب الدين الإمامي هل للقيم شراء المرواح من مصالح المسجد فقالا لا ثم رمز للعلاء الترجماني فقال الدهن والحصير والمراوح ليس من مصالح المسجد وإنما مصالحه عمارته ثم رمز لأبي حامد وقال الدهن والحصير من مصالحه دون المراوح قال يعني مولانا بديع الدين وهو أشبه للصواب وأقرب إلى غرض الواقف . ا هـ .
فقد تحرر [ ص: 229 ] أن الراجح كونهما من المصالح فيستدين بإذن القاضي ومنها أن المتولي لو ادعى أنه استدان بإذن القاضي هل يقبل قوله بلا بينة الظاهر أنه لا يقبل وإن كان المتولي مقبول القول لما أنه يريد الرجوع في الغلة وهو إنما قبل قوله فيما بيده وعلى هذا لو كان الواقع أنه لم يستأذن القاضي يحرم عليه أن يأخذ من الغلة لما أنه بغير الإذن متبرع . ا هـ .
قال في القنية إذا قال القيم أو المالك لمستأجرها أذنت لك في عمارتها فعمرها بإذنه يرجع على القيم والمالك وهذا إذا كان يرجع معظم منفعته إلى المالك أما إذا رجع إلى المستأجر وفيه ضرر بالدار كالبالوعة أو شغل بعضها كالتنور فلا ما لم يشترط الرجوع . ا هـ .
وظاهره أنه لا رجوع له مطلقا إلا بإذن القاضي سواء كان أنفق ليرجع أو لا سواء رفع إلى القاضي أو لا سواء برهن على ذلك أو لا الخامسة يستثنى من قولهم لا يقدم على العمارة أحد ما في المحيط لو شرط [ ص: 230 ] العمارة في الوقف فإنه تقدم العمارة على صاحب الغلة إلا إذا جعلت غلتها لفلان سنة أو سنتين ثم بعده للفقراء أو شرط العمارة من الغلة فإنه يؤخر العمارة عن حق صاحب الغلة لأنا لو صرفنا الغلة إلى العمارة أولا أدى إلى إبطال حق صاحب الغلة لأن حقه في الغلة في مدة مخصوصة فتنتهي بمضيها ولو صرفناها إليه أولا لا يؤدي إلى فوات عمارة الوقف لأنه يمكن عمارته في السنة الثانية إلا إذا كان في تأخير العمارة ضرر بين بالوقف فحينئذ تقدم العمارة لئلا يؤدي إلى إبطال مقصود الواقف . ا هـ .
وقيد بالسنتين لما في التتارخانية وأما المشروط له الغلة في ثلاث سنين يؤخذ بالعمارة ا هـ .
[ ص: 229 ] ( قوله الظاهر أنه لا يقبل إلخ ) يؤيده أنه لا يقبل قوله إذا ادعى أنه أنفق من ماله ليرجع كما سيأتي عن البزازية فدعوى الاستدانة بالأولى تأمل ( قوله أو أنه كصرف الناظر عليهم إلخ ) قال الرملي رحمه الله الوجه أنه كصرف بنفسه من مال نفسه إذ هو مستقرض منه وقد أمره بالصرف عليهم تأمل . ا هـ .
أقول : إذا كان مستقرضا لا يكون كصرفه من مال نفسه لأن الاستقراض استدانة فلا رجوع تأمل ( قوله إن قلنا برجوعه ) أقول : في فتاوى الحانوتي بعد ذكر السؤال عن ذلك ما نصه الذي وقفت عليه في كلام أصحابنا أن الناظر إذا أنفق من مال نفسه على عمارة الوقف ليرجع في غلته له الرجوع ديانة لكن لو ادعى ذلك لا يقبل منه بل لا بد من أن يشهد أنه أنفق ليرجع كما في الرابع والثلاثين من جامع الفصولين وكلامهم هذا يقتضي أن ذلك ليس من الاستدانة على الوقف وإلا لما جاز إلا بإذن القاضي ولم يكف الإشهاد وحيث لم يكن من الاستدانة فلا مانع أن يكون الصرف على المستحق من ماله مساويا للصرف على العمارة من ماله نعم الاستدانة على الوقف لأجل الصرف على المستحق لا تجوز وإنما جوزوها لما لا بد للوقف منه كالعمارة هذا ما ظهر . ا هـ .
قلت انظر ما قدمنا في التوفيق بين كلام الخانية وجامع الفصولين ( قوله ما في جامع الفصولين ) أي ذكره في الرابع والثلاثين ( قوله الخامسة يستثني إلخ ) قيل لا محل لهذا الاستثناء لأن محل قولهم الذي يبدأ به من غلة الوقف تعميره ما إذا كان في ترك العمارة ضرر بين ومحل مسألة الخصاف ما إذا لم [ ص: 230 ] يكن في ترك تعمير الوقف هلاك الوقف يشعر بذلك قول الخصاف على وجه التعليل للحكم الذي ذكره لأن تأخير العمارة سنة ليس مما يخرج الوقف عن حاله