قوله ( وإن جعل الواقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الولاية إليه صح ) أي لو شرط عند الإيقاف ذلك اعتبر شرطه أما الأول فهو جائز عند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ولا يجوز على قياس قول [ ص: 238 ] nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد من اشتراط التسليم إلى المتولي عنده وقيل إن الاختلاف بينهما بناء على اشتراط القبض والإفراز وقيل هي مسألة مبتدأة فالخلاف فيما إذا شرط البعض لنفسه في حياته وبعد موته للفقراء وفيما إذا شرط الكل لنفسه في حياته وبعده للفقراء .
وجه قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد إن الوقف شرع على وجه التمليك بالطريق الذي قدمناه فاشتراطه الكل أو البعض لنفسه يبطله لأن التمليك من نفسه لا يتحقق فصار كالصدقة المنفذة وشرط بعض بقعة المسجد لنفسه nindex.php?page=showalam&ids=14954ولأبي يوسف ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من صدقته والمراد منها صدقته الموقوفة ولا يحل الأكل منه إلا بالشرط فدل على صحته ولأن الوقف إزالة الملك إلى الله تعالى على وجه القربة على ما بيناه فإذا شرط البعض أو الكل لنفسه فقد جعل ما صار مملوكا لله تعالى لنفسه لا أن يجعل ملك نفسه لنفسه وهذا جائز كما إذا بنى خانا أو سقاية أو جعل أرضه مقبرة وشرط أن ينزله أو يشرب منه أو يدفن فيه ولأن مقصوده القربة وفي الصرف إلى نفسه ذلك قال عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=67009نفقة الرجل على نفسه صدقة } .
وفي فتح القدير فقد ترجح قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف قال الصدر الشهيد والفتوى على قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ونحن أيضا نفتي بقوله ترغيبا للناس في الوقف واختاره مشايخ بلخ وكذا ظاهر الهداية حيث أخر وجهه ولم يدفعه ومن صور الاشتراط لنفسه ما لو قال أن يقضي دينه من غلته وكذا إذا قال إذا حدث علي الموت وعلي دين يبدأ من غلة هذا الوقف بقضاء ما علي فما فضل فعلى سبيله كل ذلك جائز وفي وقف الخصاف فإذا شرط أن ينفق على نفسه وولده وحشمه وعياله من غلة هذا الوقف فجاءت غلته فباعها وقبض ثمنها ثم مات قبل أن ينفق ذلك هل يكون ذلك لورثته أو لأهل الوقف قال يكون لورثته لأنه قد حصل ذلك وكان له فقد عرف أن شرط بعض الغلة لا يلزم كونه بعضا معينا كالنصف والربع .
وكذلك إذا قال إن حدث على فلان الموت يعني الواقف نفسه أخرج من غلة هذا الوقف في كل سنة من عشرة أسهم مثلا سهم يجعل في الحج عنه أو في كفارة أيمانه وفي كذا وكذا وسمى أشياء أو قال أخرج من هذه الصدقة في كل سنة كذا وكذا درهما ليصرف في هذه الوجوه ويصرف الباقي في كذا وكذا على ما سبله . ا هـ .
وفي الحاوي القدسي المختار للفتوى قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ترغيبا للناس في الوقف وتكثيرا للخير ويتفرع على هذا الاختلاف أيضا ما لو وقف على عبيده وإمائه فعندnindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لا يجوز وعند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يجوز كشرطه لنفسه وفرع بعضهم عليه أيضا اشتراط الغلة لمدبريه وأمهات أولاده وهو ضعيف والأصح أنه صحيح اتفاقا والفرق nindex.php?page=showalam&ids=16908لمحمد أن حريتهم ثبتت بموته فيكون الوقف عليهم كالوقف على الأجانب ويكون ثبوته لهم حال حياته تبعا لما بعد موته فما في الهداية والمجتبى من تصحيح أنها على الخلاف ضعيف قيد بجعل الغلة لنفسه لأنه لو وقف على نفسه قال أبو بكر الإسكاف لا يجوز وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف جوازه وإذا مات صار إلى المساكين ولو قال أرضي صدقة موقوفة على أن لي غلتها ما عشت قال هلال لا يجوز هذا الوقف وذكر الأنصاري جوازه وإذا مات يكون للفقراء كذا في الخانية وفيها لو وقف وقفا واستثنى لنفسه أن يأكل منه ما دام حيا ثم مات وعنده من هذا الوقف معاليق عنب أو زبيب فذلك كله مردود إلى الوقف ولو كان عنده خبز من بر ذلك الوقف يكون ميراثا لأن ذلك ليس من الوقف حقيقة . ا هـ .
وحاصله أن المعتمد صحة الوقف على النفس واشتراط أن تكون الغلة له فما في الخانية من أنه لو وقف على نفسه وعلى فلان صح نصفه وهو حصة فلان وبطل حصة نفسه ولو قال على نفسي ثم على فلان أو قال على فلان ثم على نفسي لا يصح شيء منه ولو قال على عبدي وعلى فلان صح في النصف وبطل في النصف ولو قال على نفسي وولدي ونسلي فالوقف كله باطل لأن حصة النسل مجهولة ا هـ .
[ ص: 239 ] مبني على القول الضعيف والعجب منه كيف جزم به وساقه على طريقة الاتفاق أو الصحيح ثم اعلم أن الاعتبار في الشروط لما تكلم به الواقف لا لما كتب في مكتوب الوقف فلو أقيمت بينة بشرط تكلم به الواقف ولم يوجد في المكتوب عمل به لما في البزازية وقد أشرنا أن الوقف على ما تكلم به لا على ما كتب الكاتب فيدخل في الوقف المذكور وغير المذكور في الصك أعني كل ما تكلم به ا هـ .
ولا خلاف في اشتراط الغلة لولده فإذا وقف على ولده شمل الذكر و الأنثى وإن قيده بالذكر لا تدخل الأنثى كالابن ولا شيء لولد الولد مع وجود الولد فإن لم يوجد له ولد كانت لولد الابن ولا يدخل ولد البنت في الوقف على الولد مفردا وجمعا في ظاهر الرواية وهو الصحيح المفتى به ولو وقف على ولده وولد ولده اشترك ولده وولد ابنه وصحح قاضي خان دخول أولاد البنات فيما إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده وصحح عدمه في ولدي ولو قال على ولدي فمات كانت للفقراء ولا تصرف إلى ولد ولده في كل بطن إلا بالشرط إلا إذا ذكر البطون الثلاثة فإنها لا تصرف إلى الفقراء ما بقي أحد من أولاده وإن سفل ولو وقف على ولديه ثم على أولادهما فمات أحدهما كان للآخر النصف ونصف الميت للفقراء لا لولده فإذا مات الآخر صرف الكل إلى أولاد الأولاد ولو وقف على ولده وليس له إلا ولد ابن كانت له فإن حدث له ولد كانت له ولو وقف على محتاجي ولده وليس له إلا ولد محتاج كان النصف له والآخر للفقراء ولو وقف على أولاده فماتوا إلا واحدا كان الكل له لا للفقراء إلا بعد موته .
ولو عين الأولاد فكل من مات كان نصيبه للفقراء لا لأخواته بغير شرط ولو وقف على أولاده وليس له إلا واحدا أو على بنيه وليس له إلا ابن واحد كان النصف له والنصف للفقراء هكذا سوى بين الأولاد والأبناء في الخانية وفرق بينهما في فتح القدير فقال في الأولاد يستحق الواحد الكل وفي البنين لا يستحق الكل وقال كأنه مبني على العرف وقد علمت أن المنقول خلافه ولو وقف على بنيه لا تستحق البنات كعكسه وبقية التفاريع المتعلقة بالوقف على الأولاد والأقارب معلومة في الخصاف وغيره
[ ص: 239 ] ( قوله والعجب منه كيف جزم به إلخ ) قال الرملي أقول : كيف يتجه له القطع بكونه ضعيفا وقد قدم في شرح قوله ولا يتم أن أكثر فقهاء الأمصار أخذوا بقول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن الفتوى عليه فالعجب ممن وصفه بالضعف مع ما يقضي بوصف القوة تأمل . ا هـ .
قلت : لا يلزم من إفتائهم بقول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بلزوم القبض والإفراز إفتاؤهم بقوله بعدم صحة الوقف على النفس ولا سيما إن قلنا إنه مسألة مبتدأة غير مبنية على اشتراط القبض والإفراز لكن لم يذكر المؤلف ما يدل على تصحيح قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف في صحة الوقف على النفس ولعله جعل التصحيح المنقول في اشتراط الغلة لنفسه تصحيحا لهذا تأمل .