قال في البزازية وقف ضيعة على فقراء قرابته أو فقراء قريته وجعل آخره للمساكين جاز يحصون أو لا وإن أراد القيم تفضيل البعض على البعض فالمسألة على وجوه إن الوقف على فقراء قرابته وقريته وهم يحصون أو لا يحصون أو أحد الفريقين يحصون والآخر لا ففي الوجه الأول للقيم أن يجعل نصف الغلة لفقراء القرابة ونصفها لفقراء القرية ثم يعطى كل فريق من شاء منهم ويفضل البعض على البعض كما شاء لأن قصده القربة وفي الصدقة الحكم كذلك وفي الوجه الثاني تصرف الغلة إلى الفريقين بعددهم وليس له أن يفضل البعض على البعض لأن قصده الوصية وفي الوصية الحكم كذلك وفي الثالث تجعل الغلة بين الفريقين أولا فتصرف إلى الذين يحصون بعددهم وإلى الذين لا يحصون سهم واحد لأن من يحصى لهم وصية ولمن لا يحصى صدقة والمستحق للصدقة واحد ثم يعطي هذا السهم من الذين لا يحصون من شاء ويفضل البعض على البعض في هذا السهم . ا هـ .
وقدمنا أن الأوقاف المطلقة على الفقهاء للمتولي التفضيل واختلفوا هل هو بالحاجة أو بالفضيلة وكل منهما صحيح وأما التعجيل للبعض فلم أر فيه نقلا صريحا وينبغي أن يجوز استنباطا مما في البزازية المصدق إذا أخذ عمالته قبل الوجوب أو القاضي استوفى رزقه قبل المدة جاز والأفضل عدم التعجيل لاحتمال أن لا يعيش إلى المدة . ا هـ .
فإن قيل لا يقاس عليه لأن مال الوقف حق المستحقين على الخصوص فليس له أن يخصص أحدا ومال بيت المال حق العامة قلت : غايته أن يكون كدين مشترك بين اثنين وجب لهما بسبب واحد والدائن إذا دفع لأحدهما نصيبه جاز له ذلك غايته أن الشريك الغائب إذا حضر خير إن شاء اتبعه شريكه وشاركه وإن شاء أخذ من المديون فكذلك يمكن أن يقال يخير المستحق كذلك كما قدمناه في مسألة المحروم ثم رأيت في القنية لم يكن في المسجد إمام ولا مؤذن واجتمعت غلات الإمامة والتأذين سنين ثم نصب إمام ومؤذن لا يجوز صرف شيء من تلك الغلات إليهما وقال برهان الدين صاحب المحيط لو عجلوه للمستقبل كان حسنا إلى آخر ما ذكره وفي البزازية المتولي لو أميا فاستأجر الكاتب لحسابه [ ص: 261 ] لا يجوز له إعطاء الأجرة من مال الوقف ولو استأجر لكنس المسجد وفتحه وإغلاقه بمال المسجد يجوز ا هـ .
وليس لأحد الناظرين التصرف دون الآخر عندهما خلافا nindex.php?page=showalam&ids=14954لأبي يوسف .
( قوله وهم يحصون أو لا يحصون ) هكذا في النسخ وهو كذلك في البزازية والصواب العكس كما في الفصل الثالث من التتارخانية حيث قال وهم لا يحصون أو يحصون وعلى هذا يصح التفريع بقوله ففي الوجه الأول وفي الوجه الثاني وإلا فلا يصح كما لا يخفى .
( قوله تقسم الغلة إلى الفريقين بعددهم ) أي تقسم على الرءوس فلو كان فقراء القرابة عشرين مثلا وفقراء القرية عشرة تقسم على ثلاثين من غير تفضيل بخلاف الوجه الأول فإنها تقسم نصفين على الفريقين لا على الرءوس لكونهم لا يحصون وأما في الوجه الثالث فتقسم الغلة نصفين أيضا ثم يقسم نصف من يحصون على عدد رءوسهم بلا تفضيل ونصف من لا يحصون يعطى لمن شاء منهم وبه يتضح ما قدمناه ( قوله كما قدمناه في مسألة المحروم ) .
قال الرملي قدم في مسألة المحروم أنه يخير بين أن يتبع المتولي فيضمنه وبين أن يتبعهم لكنه خص ذلك بما إذا حرمه وصرف ذلك لنفسه لا مطلقا مع أنه خلاف الفقه لأن حاصله أنه دفع مال الغير بلا إذن الغير والدافع متعد بالدفع والآخذ بالأخذ فكان له أن يضمن من شاء منهما تأمل .