بسم الله الرحمن الرحيم [ ص: 2 ] ( باب خيار الشرط ) .
من إضافة الشيء إلى سببه لأن الشرط سبب للخيار وفي المصباح الخيار الاختيار وفسره في فتح الباري بالتخيير بين الإمضاء والفسخ وهو ثابت بالنص على غير القياس وحين ورد بالنص به جعلناه داخلا على الحكم مانعا له تقليلا لعمله بقدر الإمكان ولم نجعله داخلا على أصل البيع للنهي عن بيع بشرط البيع الذي شرط فيه الخيار يقال فيه علة اسما ومعنى لا حكما وللخالي عنه علة اسما ومعنى وحكما قال أهل الأصول الموانع خمسة مانع يمنع انعقاد العلة وهو حرية المبيع فلم ينعقد في الحر لعدم المحل ومانع يمنع تمامها كبيع مال الغير ومانع يمنع ابتداء الحكم وهو خيار الشرط ومانع يمنع تمامه كخيار الرؤية للمشتري ومانع يمنع لزومه كخيار العيب وقد حققنا في شرحنا على المنار أن تقسيمهم الموانع مبني على قول ضعيف للأصوليين وهو جواز تخصيص العلل وأما على الصحيح من أنه لا يجوز تخصيصها فلا مانع لها أصلا ففي كل موضع عدم الحكم فإنما هو لعدم العلة فتخلف الملك مع شرط الخيار إنما هو لعدم العلة لأنه البيع بلا خيار وقولهم فيما فيه خيار علة اسما ومعنى لا حكما مجاز على الصحيح لأن الموجود فيه شطر العلة لا كلها لأنها لا تتم إلا بأوصاف ثلاثة أن تكون موضوعة وأن تكون مؤثرة وأن يوجد الحكم عقبها بلا تراخ فما دام الخيار باقيا لم تتم العلة فإذا سقط تمت وتمامه في تقرير الأكمل في بحث تقسيم العلة إلى سبعة والخيارات في البيع لا تنحصر في الثلاثة كما قدمناه بل هي ثلاثة عشر خيارا والرابع خيار الغبن وسنتكلم عليه في المرابحة حيث ذكروه هناك والخامس خيار الكمية وقدمناه أول البيوع والسادس خيار الاستحقاق وسيأتي [ ص: 3 ] في باب خيار العيب والسابع خيار كشف الحال كما قدمناه والثامن خيار تفرق الصفقة بهلاك البعض قبل القبض وسيأتي أيضا والتاسع خيار إجازة عقد الفضولي والعاشر خيار فوات الوصف المشروط المستحق بالعقد كاشتراطه الكتابة والحادي عشر خيار التعيين الثاني عشر في المرابحة خيار الخيانة الثالث عشر من الخيارات خيار نقد الثمن وعدمه كما يأتي في هذا الباب ( قوله صح للمتبايعين أو لأحدهما ثلاثة أيام ) أي جاز للبائع وللمشتري معا أو لأحدهما في المدة المذكورة والظاهر أن الضمير يعود إلى الخيار وفي الوقاية والنقاية صح خيار الشرط فأبرزه والأولى ما في الإصلاح صح شرط الخيار لأن الموصوف بالصحة شرط الخيار لا نفس الخيار والأصل في ثبوته ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في سننه { nindex.php?page=hadith&LINKID=109581أن حبان بن منقذ بن عمرو كان رجلا قد أصابته آمة في رأسه فكسرت أسنانه وكان لا يدع على ذلك التجارة فكان لا يزال يغبن فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال له إذا أنت بايعت فقل لا خلابة ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال فإذا رضيت فأمسك وإن سخطت فارددها على صاحبها } وحبان بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة والخلابة الخداع وفائدة قوله لا خلابة أي لا خديعة في الدين لأن الدين النصيحة وللإعلام بأنه ليس من ذوي البصائر بالسلع فالواجب نصيحته فلا تخدعوه بشيء اعتمادا على معرفته بل انصحوه لأنه ليس عالما بها كذا في فتح الباري والآمة شجة تصيب أم الرأس وكان حبان ألثغ باللام فكان يقول لا خذابة فقوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=109582إذا بايعت } شامل للبائع والمشتري وبه اندفع قول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري إنه لا يجوز إلا للمشتري عملا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم فجعل له الخيار فيما اشتراه ولأنه إنما جاز للحاجة إلى دفع الغبن بالتروي وهما فيها سواء وفي الخانية إذا شرط الخيار لهما لا يثبت حكم العقد أصلا . ا هـ .
وقيد بقوله للمتبايعين الدال على أن الشرط كان بعد العقد أو مقارنا للاحتراز عما إذا كان قبله فلو قال جعلتك بالخيار في البيع الذي نعقده ثم اشترى مطلقا لم يثبت كما في التتارخانية وأطلقه فشمل البيع الفاسد فهو كالصحيح يثبت فيه خيار الشرط ولما كان خلاف الأصل فإذا اختلفا في اشتراطه فالقول لمن أنكره عند nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام في ظاهر الرواية وعند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد القول لمدعيه والبينة للآخر كذا في الخانية وشمل ما إذا شرطاه وقت العقد أو ألحقاه به فلو قال أحدهما بعد البيع ولو بأيام جعلتك بالخيار ثلاثة أيام صح إجماعا فلو شرطاه بعده أزيد من الثلاثة فسد العقد عنده خلافا لهما كما لو ألحقا بالبيع شرطا فاسدا فإنه يلتحق ويفسد العقد عنده وعندهما لا يفسد ويبطل الشرط وفي جامع الفصولين هو يصح في ثمانية أشياء في بيع وإجارة وقسمة وصلح عن مال بعينه وبغير عينه وكتابة وخلع وعتق على مال لو شرط للمرأة والقن [ ص: 4 ] ولو شرط الخيار للراهن جاز لا للمرتهن إذ له نقض الرهن متى شاء بلا خيار ولو كفل بنفس أو مال وشرط الخيار للمكفول له أو للكفيل جاز . ا هـ .
ويصح شرط الخيار في الإبراء بأن قال أبرأتك على أني بالخيار ذكره فخر الإسلام من بحث الهزل ويصح أيضا اشتراطه في تسليم الشفعة بعد طلب المواثبة ذكره فيه أيضا ويصح اشتراطه في الحوالة أيضا وفي الوقف على قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وينبغي صحته في المزارعة والمعاملة لأنها إجارة فهي خمسة عشر موضعا ولا يصح في النكاح والطلاق واليمين والنذر والإقرار بعقد والصرف والسلم والوكالة علله قاضي خان بأنه إنما يدخل في لازم يحتمل الفسخ وفي الولوالجية اشترى عبدا واشترط أن للمشتري خيار يومين بعد شهر رمضان والشراء في آخر رمضان فهو جائز ويكون له الخيار ثلاثة أيام اليوم الآخر من رمضان ويومين بعده لأنه سكت عن الخيار يوم العقد وأمكن تصحيح هذا العقد ولعل تصحيح هذا العقد باشتراط الخيار يوم العقد ويومين بعد رمضان ولو قال البائع للمشتري لا خيار لك في رمضان فالبيع فاسد لأنه تعذر تصحيح العقد . ا هـ .
وفي فتح القدير لو قال له أنت بالخيار فله خيار المجلس فقط ولو قال إلى الظهر فعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يستمر إلى أن يخرج وقت الظهر وعندهما لا تدخل الغاية ا هـ .
وسيأتي حكم ما إذا كان المبيع متعددا فجعل الخيار في البعض وهو خيار التعيين وفي التتارخانية وإذا اشترطه المشتري له في الثمن أو في المبيع كان له الخيار فيهما . ا هـ .
[ ص: 3 ] ( قوله والسابع خيار كشف الحال كما قدمناه ) قال الرملي قدمه في شرح قوله وبانا أو حجر لا يعرف قدره بقوله بعد أن قال لو اشترى بوزن هذا الحجر ذهبا ثم أعلم به جاز وله الخيار وهذا الخيار خيار كشف الحال كما قدمناه في مسألة الحفيرة والمطمورة ( قوله والظاهر أن الضمير إلخ ) قال في النهر أقول : الضمير في صح يعود إلى المضاف إليه بقرينة صح ولقد أفصح المصنف عنه في الخلع حيث قال وصح شرط الخيار لها في الخلع لا له ومن غفل عن هذا قال ما قال ا هـ .
وفي حاشية أبي السعود عن الحموي الأولى أن يجعل الضمير راجعا إلى الخيار باعتبار كونه موصوفا بالمشروطية قبل الإضافة فإن إضافة خيار إلى الشرط من إضافة الموصوف لا الصفة ولا ينافيه قولهم إنه من إضافة الحكم إلى سببه والأصل باب الخيار المشروط على أن يكون المصدر بمعنى اسم المفعول يدلك على ذلك أن الموصوف بالصحة ليس الخيار فقط كما يوهمه كلام صدر الشريعة ولا الشرط فقط كما يوهمه كلام صاحب الإصلاح ( قوله والخلابة إلخ ) قال الرملي ذكر شيخ الإسلام زكريا في شرح الروض هنا فروعا وقواعدنا لا تأباها قال فرع قوله أي العاقد لا خلابة بكسر الخاء عبارة في الشرع عن اشتراط خيار الثلاث ومعناها لا غبن ولا خديعة فإن أطلقاها عالمين لا جاهلين ولا جاهل أحدهما معناها صح أي ثبت الخيار ، وإن أسقط من شرط له الخيار ثلاثة أيام خيار اليوم الأول بطل الكل قال في المجموع وإن أسقط خيار الثالث لم يسقط ما قبله أو خيار الثاني بشرط أن يبقى خيار الثالث سقط خيار اليومين جميعا لأنه كما لا يجوز أن يشرط خيارا متراخيا عن العقد لا يجوز أن يستبقي خيارا متراخيا وإنما أسقطنا اليومين تغليبا للإسقاط لأن الأصل لزوم العقد وإنما جوزنا خيار الشرط رخصة فإذا عرض له خلل حكم بلزوم العقد ا هـ .
فتأمله تجده موافقا لمذهبنا والله تعالى أعلم ا هـ .
( قوله وإجارة ) قال في جامع الفصولين لو استأجر [ ص: 4 ] بخيار له ثلاثة أيام جاز كبيع فلو فسخ في الثالث هل يجب على المستأجر أجر يومين أفتى ضط أنه لا يجب لأنه لم يتمكن من الانتفاع بحكم الخيار لأنه لو انتفع يبطل خياره ( قوله فهي خمسة عشر موضعا ) زاد في النهر واحدة أخرى وهي الإقالة حيث قال وفي البزازية الإقالة كالبيع يجوز شرط الخيار فيها وزاد على ما لا يصح الوصية أخذا من تعليل قاضي خان الآتي فقال قياسه أن لا يصح في الوصية ونظم القسمين ولم يستوف عدهما بل ترك من القسم الأول الكتابة والمزارعة والمعاملة أي المساقاة ومن الثاني الوصية وكأنه ترك الكتابة سهوا وما عداها لأنه غير منصوص وقد نظمت الجميع مشيرا إلى ما فيه البحث فقلت :
يصح خيار الشرط في ترك شفعة وبيع وإبراء ووقف كفالة وفي قسمة خلع وعتق إقالة وصلح عن الأموال ثم الحوالة مكاتبة رهن كذاك إجارة وزيد مساقاة مزارعة له وما صح في صرف نكاح إليه وفي سلم نذر طلاق وكالة كذلك إقرار وزيد وصية كما مر بحثنا فاغتنم ذي المقاله
( قوله علله قاضي خان إلخ ) لينظر ذلك في الصرف والسلم فإنه غير لازم ويحتمل الفسخ [ ص: 5 ] ( قوله كان باطلا ولا يبطل خياره ) أقول : سيأتي في شتى البيوع قبيل باب الصرف أن مما لا يبطل بالشرط الفاسد تعليق الرد بالعيب وبخيار الشرط ومثل المؤلف هناك للأول بقوله بأن قال إن وجدت بالمبيع عيبا أرده عليك إن شاء فلان وللثاني بقوله بأن قال من له خيار الشرط في البيع رددت البيع أو قال أسقطت خياري إن شاء فلان فإنه يصح ويبطل الشرط ا هـ . فتأمل وسيأتي تمام الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى .