( قوله : سن للفرائض ) أي سن الأذان للصلوات الخمس والجمعة سنة مؤكدة قوية قريبة من الواجب حتى أطلق بعضهم عليه الوجوب ولهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لو اجتمع أهل بلد على تركه قاتلناهم عليه وعند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يحبسون ويضربون وهو يدل على تأكده لا على وجوبه ; لأن المقاتلة لما يلزم من الاجتماع على تركه من استخفافهم بالدين بخفض أعلامه ; لأن الأذان من إعلام الدين كذلك واختار في فتح القدير وجوبه ; لأن عدم الترك مرة دليل الوجوب ولا يظهر كونه على الكفاية وإلا لم يأثم أهل بلدة بالاجتماع على تركه إذا قام به غيرهم ولم يضربوا ولم يحبسوا واستشهد على ذلك بما في معراج الدراية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف صلوا في الحضر الظهر أو العصر بلا أذان ولا إقامة أخطئوا السنة وأثموا . ا هـ .
والجواب أن المواظبة المقرونة بعدم الترك مرة لما اقترنت بعدم الإنكار على من لم يفعله كانت دليل السنية لا الوجوب كما صرح به في فتح القدير في باب الاعتكاف والظاهر كونه على الكفاية بمعنى أنه إذا فعل في بلد سقطت المقاتلة عن أهلها لا بمعنى أنه إذا أذن واحد في بلد سقط عن سائر الناس من غير أهل تلك البلدة إذ لم يحصل به إظهار أعلام الدين ولو لم يكن على الكفاية بهذا المعنى لكان سنة في حق كل أحد وليس كذلك إذ أذان الحي يكفينا كما سيأتي والاستشهاد بالإثم على تركه لا يدل على الوجوب عندنا ; لأنه مشترك بين الواجب والسنة المؤكدة ولهذا كان الصحيح أنه يأثم إذا ترك سنن الصلوات المؤكدة كما سيأتي في باب النوافل إن شاء الله تعالى ولعل الإثم مقول بالتشكيك بعضه أقوى من بعض ولهذا صرح في الرواية بالسنية حيث قال أخطئوا السنة وفي غاية البيان والمحيط والقولان متقاربان ; لأن السنة المؤكدة في معنى الواجب في حق لحوق الإثم لتاركهما . ا هـ .
( قوله : ولحن ) أي ليس فيه لحن أي تلحين وهو كما في المغرب التطريب والترنم يقال لحن في قراءته تلحينا طرب فيها وترنم ، وأما اللحن فهو الفطنة والفهم لما لا يفطن له غيره ومنه الحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=109081لعل بعضكم ألحن بحجته من بعض } وفي الصحاح اللحن الخطأ في الإعراب والتلحين التخطئة والمناسب هنا المعنى الأول والثالث ولهذا فسره ابن الملك بالتغني بحيث يؤدي إلى تغيير كلماته ، وقد صرحوا بأنه لا يحل فيه وتحسين الصوت لا بأس به من غير تغن ، كذا في الخلاصة وظاهره أن تركه أولى لكن في فتح القدير وتحسين الصوت مطلوب ولا تلازم بينهما وقيده الحلواني بما هو ذكر فلا بأس بإدخال المد في الحيعلتين فظهر من هذا أن التلحين هو إخراج الحرف عما يجوز له في الأداء من نقص من الحروف أو من كيفياتها وهي الحركات والسكنات أو زيادة شيء فيها وأشار إلى أنه لا يحل سماع المؤذن إذا لحن كما صرحوا به ودل كلامه أنه لا يحل في القراءة أيضا بل أولى قراءة وسماعا وقيده بالتلحين ; لأن التفخيم لا بأس به ; لأنه أحد اللغتين ، كذا في المبسوط وفي المغرب أنه تغليظ اللام في اسم الله تعالى وهو لغة أهل الحجاز ومن يليهم من العرب وذكر في الكافي خلافا فيه بين القراء وصرح الشارح بكراهة الخطأ في إعراب كلماته . ( قوله : ويزيد بعد فلاح أذان الفجر الصلاة خير من النوم مرتين ) { nindex.php?page=hadith&LINKID=109082لحديث nindex.php?page=showalam&ids=115بلال حيث ذكرها حين وجد النبي صلى الله عليه وسلم نائما فلما انتبه أخبره به فاستحسنه وقال اجعله في أذانك } وهو للندب بقرينة قوله ما أحسن هذا ، وإنما خص الفجر به ; لأنه وقت نوم وغفلة فخص بزيادة الإعلام دون العشاء ; لأن النوم قبلها مكروه أو نادر ، وإنما كان النوم مشاركا للصلاة في أصل الخيرية ; لأنه قد يكون عبادة كما إذا كان وسيلة إلى تحصيل طاعة أو ترك معصية أو لأن النوم راحة في الدنيا والصلاة راحة في الآخرة فتكون الراحة في الآخرة أفضل وفي قوله بعد فلاح أذان الفجر رد على من يقول : إن محلها بعد الأذان بتمامه وهو اختيار الفضلي هكذا في المستصفى .
[ ص: 268 - 269 ] ( قوله : وعند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يحبسون ويضربون ) قال في فتح القدير كذا نقله بعضهم بصورة نقل الخلاف ولا يخفى أن لا تنافي بين الكلامين بوجه فإن المقاتلة إنما تكون عند الامتناع وعدم القهر لهم والضرب والحبس إنما يكون عند قهرهم فجاز أن يقاتلوا إذا امتنعوا عن قبول الأمر بالأذان ولم يسلموا أنفسهم فإذا قوتلوا فظهر عليهم ضربوا وحبسوا . ا هـ .
( قوله : والجواب إلخ ) أقول : المفهوم من كلام الفتح السابق أنه واجب على أهل كل بلدة بحيث لو تركوه أثموا لا أنه واجب على كل واحد منهم وحينئذ فالجواب المذكور إنما يصح لو ثبت عدم الإنكار على أهل بلدة تركوه لا على واحد بعينه إذ لا يلزم من جواز تركه لواحد من أهل بلدة جواز تركه لجميع أهل البلدة تأمل .
( قوله : وليس كذلك ) قال في النهر ولم أر حكم البلدة الواحدة إذا اتسعت أطرافها كمصر ، والظاهر أن أهل كل محلة سمعوا الأذان ولو من محلة أخرى يسقط عنهم لا إن لم يسمعوا . ( قوله : والاستشهاد بالإثم إلخ ) قال في النهر المذكور في الولوالجية عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد وكذلك في سائر السنن وبهذا يبطل الاستدلال على الوجوب . ( قوله : ولعل الإثم إلخ ) لم يجزم بذلك هنا لكن سيجزم به في سنن الصلاة مستندا إلى شرح المنية . ( قوله : وخرج بالفرائض إلخ ) قال الرملي أي الصلوات الخمس فلا يسن للمنذورة ورأيت في كتب الشافعية أنه قد يسن الأذان لغير الصلاة كما في أذان المولود والمهموم والمفزوع والغضبان ومن ساء خلقه من إنسان أو بهيمة وعند مزدحم الجيش وعند الحريق قيل وعند إنزال الميت القبر قياسا على أول خروجه للدنيا لكن رده ابن حجر في شرح العباب وعند تغول الغيلان أي عند تمرد الجن لخبر صحيح فيه أقول : ولا بعد فيه عندنا .
( قوله : وأبو محذورة رجع بأمره إلخ ) جواب عما استدل به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله كما في الهداية وفي العناية ذكر في الأسرار أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بذلك لحكمة رويت في قصته وهي أن أبا محذورة كان يبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام بغضا شديدا فلما أسلم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأذان فلما بلغ كلمات الشهادة خفض صوته حياء من قومه فدعاه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعرك أذنه فقال له ارجع وامدد بها صوتك إما ليعلمه أنه لا حياء من الحق أو ليزيده محبة للرسول صلى الله عليه وسلم بتكرير كلمات الشهادة . ( قوله : والظاهر من عبارتهم إلخ ) قال في النهر ويظهر أنه خلاف الأولى ، أما الترجيع بمعنى التغني [ ص: 270 ] فلا يحل فيه ففي القرآن أولى . ا هـ .
وفي حاشية الخير الرملي قال في منح الغفار قلت : وفي المنبع قال : فإن قلت : ثبت عندنا أنه لا ترجيع في الأذان لكن لو رجع هل يكون الأذان مكروها قلت : ما رأيت إطلاق الكراهة عليه غير أن في المبسوط ذكر في وجه الاستدلال على مسألة كراهة التلحين فقال ولهذا يكره الترجيع في الأذان . ا هـ .
( قوله : والمناسب هنا المعنى الأول والثالث ) مراده بالأول التطريب والترنم وبالثالث الخطأ في الإعراب . ( قوله : فلما انتبه أخبره به ) ظاهره أن المخبر nindex.php?page=showalam&ids=115بلال رضي الله عنه والذي في العناية ومعراج الدراية وغيرهما أنه عائشة رضي الله تعالى عنها