وظاهره يخالف ما قدمناه عن التجنيس في الإبراء عن المسلم فيه وفي [ ص: 180 ] الظهيرية لو أن رب السلم وهب المسلم فيه للمسلم إليه كانت إقالة للسلم ولزمه رد رأس المال إذا قبل ، وفي المبسوط إذا أبرأ رب السلم المسلم إليه عن طعام السلم صح إبراؤه في ظاهر الرواية وروى الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يصح ما لم يقبل المسلم إليه ، وإذا قبل كان فسخا لعقد السلم ، ولو أبرأ المسلم إليه رب السلم عن رأس المال وقبل البراء بطل السلم وإن رده لا والفرق بين رأس المال والمسلم فيه أن المسلم فيه لا يستحق قبضه في المجلس بخلاف رأس المال . ا هـ .
وذكر في الذخيرة قولين في مسألة الإبراء عن بعض المسلم فيه هل هو إقالة فيرد ما قابله أو حط له فلا يرد وبه اندفع الإشكال وذكر القولين أيضا فيما إذا أبرأه عن الكل وقبل فقيل برد رأس المال كله وقيل لا يرد شيئا . ا هـ .
ودل كلام المصنف رحمه الله تعالى على منع الاستبدال بهما ، أما الاستبدال برأس مال السلم في مجلس العقد فهو غير جائز بأن يأخذ برأس المال شيئا من غير جنسه لكونه يفوت القبض المشروط ; لأن بدل الشيء غيره وكذا الاستبدال ببدل الصرف فإن أعطاه من جنس رأس المال أجود أو أردأ ورضي المسلم إليه بالأردأ جاز ; لأنه قبض جنس حقه ، وإنما اختلف الوصف فإن كان أجود فقد قضى حقه وأحسن في القضاء وإن كان أردأ فقد قضاه ناقصا فلا يكون استبدالا إلا أنه لا يجبر على أخذ الأردأ ويجبر على أخذ الأجود لأنه في العادة لا يعد فضلا ، وإنما هو إحسان في القضاء والإيفاء .
وأما الاستبدال بالمسلم فيه بجنس الآخر فلا يجوز لكونه بيع المنقول قبل قبضه وإن أعطى أجود أو أردأ فحكمه حكم رأس المال ، كذا في البدائع وفي البزازية أسلم في ثوب وسط وجاء بالجيد فقال خذ هذا وزدني درهما فعلى وجوه أن المسلم فيه كيلي أو وزني أو ذرعي لا يخلو إما أن يكون فيه فضل أو نقصان وذلك في القدر أو في الصفة فإن كيليا بأن أسلم في عشرة أقفزة فجاء بأحد عشر فقال خذ هذا وزدني درهما جاز ; لأنه باع معلوما بمعلوم ، ولو جاء بتسعة وقال خذه وأرد عليك درهما جاز أيضا ; لأنه إقالة البعض وإقالة الكل تجوز فكذا إقالة البعض ، ولو جاء بالأجود أو الأردأ وقال خذ واعط درهما أو أرد عليك درهما لا يجوز nindex.php?page=showalam&ids=11990عندهما خلافا للثاني وفي الثوب إن باع بذراع أزيد وقال زدني درهما جاز لأنه بيع ذراع يملك تسليمه بدرهم فاندفع بيعه مفردا ، وكذا لو زاد في الوصف يجوز عندهم وإن جاء بأنقص ذراعا ورد لا يجوز nindex.php?page=showalam&ids=11990عندهما ; لأنه إقالة فيما لا يعلم حصته لكون الذراع وصفا مجهول الحصة ، ولو جاء بأنقص من حيث الوصف لا يجوز ، ولو بأزيد وصفا يجوز ; لأنه إقالة فيما لا يعلم وهذا إذا لم يبين لكل ذراع حصة ، أما إذا بين جاز في الكل بلا خلاف . ا هـ . وقيد بقوله قبل القبض ; لأن بيعه بعده على رأس المال ومرابحة ووضيعة وشركة جائز ، كذا في البناية وفي القنية أسلم دينارا في مائتي من من الزبيب فلما حل الأجل وعجز عن أدائه باع رب السلم من المسلم إليه مائة من من ذلك الزبيب الذي على المسلم إليه بدينار وقبض الدينار ولا ينفسخ السلم في حصة الدينار . ا هـ .
والحاصل أن التصرف المنفي في الكتاب شامل للبيع والاستبدال والهبة والإبراء إلا أن في الهبة والإبراء يكون مجازا عن الإقالة فيرد رأس المال كلا أو بعضا ولا يشمل الإقالة فإنها جائزة ولا التصرف في الوصف من دفع الجيد مكان الرديء والعكس .
( قوله : بل بطريق الحط عن رأس المال ) قال الرملي فيه صراحة بجواز الحط عن رأس المال وتجوز الزيادة فيه والظاهر فيها اشتراط قبضها قبل التفرق بخلاف الحط قال في التتارخانية في الحط عن بدل الصرف والزيادة فيه باع دينارا بعشرة دراهم ثم زاد أحدهما صاحبه وقبل الآخر فإن قبض الزيادة قبل أن يتفرقا جاز وإن تفرقا من غير قبض بطلت الزيادة وبطل البيع في حصة الزيادة ولو حط درهما من ثمن الدينار جاز سواء كان قبل التفرق أو بعده . ا هـ .
وقدمنا في الحاشية عند قوله والزيادة في المبيع أنه لا تجوز الزيادة في المسلم فيه ويجوز الحط تأمل .
( فائدة )
خمسة أشياء تجوز في السلم الوكالة والحوالة والكفالة والإقالة والرهن ، وخمسة أشياء لا تجوز في السلم الشركة والتولية وبيعه قبل القبض والاعتياض عن السلم فيه والاعتياض عن رأس المال بعد الإقالة ، كذا في خزانة nindex.php?page=showalam&ids=11903أبي الليث . ( قوله : في الإبراء عن المسلم فيه ) لعل الصواب عن المبيع ; لأن كلام البدائع موافق لكلام التجنيس في جواز الإبراء عن المسلم فيه لأن الذي له المطالبة أما العين فلا يملكها إلا بالقبض كما مر أول الباب فلم يلزم إسقاط العين نعم يخالفه ظاهرا في المبيع فإن كلام التجنيس صريح في صحة هبته وفي [ ص: 180 ] البدائع قال : لا يجوز الإبراء عنه لأنه عين فليتأمل . ( قوله : وبه اندفع الإشكال ) الظاهر أنه أراد به المخالفة بين ما في البدائع والتجنيس ولا يخفى عدم اندفاعه تأمل .