قوله ( ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه بالشرط البيع ) ، فإذا باع عبدا وشرط استخدامه شهرا أو دارا على أن يسكنها البائع شهرا فالبيع باطل أي فاسد كما تقدم في بابه والأصل أن ما كان مبادلة مال بمال فإنه لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد للنهي عن بيع وشرط وما كان مبادلة مال بغير مال أو كان من التبرعات فإنه لا يبطل به ; لأن الشروط الفاسدة من باب الربا وهو مختص بالمعاوضات المالية دون غيرها من غير المالية [ ص: 195 ] والتبرعات فيبطل الشرط فقط ، وأصل آخر أن التعليق بالشرط المحض لا يجوز في التمليكات ويجوز فيما كان من باب الإسقاط المحض كالطلاق والعتاق وكذا ما كان من باب الإطلاقات والولايات يجوز تعليقه بالشرط الملائم ، وكذا التحريضات أطلق في عدم صحة تعليقه بالشرط وهو محمول على ما إذا علقه بكلمة " إن " بأن قال بعتك هذا إن كان كذا فيفسد البيع مطلقا ضارا كان أو نافعا إلا في صورة واحدة وهو أن يقول بعت منك هذا إن رضي فلان به فإنه يجوز إذا وقته بثلاثة أيام ; لأنه اشتراط الخيار إلى أجنبي وهو جائز وفي جامع الفصولين ، ولو قال بعته بكذا إن رضي فلان جاز البيع والشرط جميعا ، ولو قال بعته منك بكذا إن شئت فقال قبلت تم البيع . ا هـ .
وإن كان الشرط بكلمة على فقد قدمنا أنه إن كان مما يقتضيه العقد أو يلائمه أو فيه أثر أو جرى التعامل فيه كشرط تسليم المبيع أو الثمن أو التأجيل أو الخيار لا يفسد ويصح الشرط وكذا إذا اشترى نعلا على أن يحذوها البائع وإن كان الشرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولا جرت العادة به فإن كان فيه منفعة لأهل الاستحقاق فسد وإلا فلا ، وفي جامع الفصولين وتعليق القبول في البيع بعدما أوجب الآخر هل يصح ذكر أنه لو قال إن أديت ثمن هذا فقد بعت منك صح البيع استحسانا إن دفع الثمن إليه وقيل هذا خلاف ظاهر الرواية والصحيح أنه لا يجوز ا هـ .
[ ص: 194 ] ( قوله : ما يبطل بالشرط الفاسد ولا يصح تعليقه ) الترجمة لشيئين الأول ما يبطل بالشرط الفاسد أي إذا ذكر في العقد شرطا فاسدا لا يقتضيه العقد كبعتك العبد على أن يخدمني شهرا مثلا فإنه يبطل البيع والثاني ما لا يصح تعليقه بالشرط بأن صدر العقد معلقا بأداة الشرط كبعتك العبد إن قدم زيد ولم يقيد الشرط الثاني بكونه فاسدا كما قيده أولا بقوله ما يبطل بالشرط الفاسد فأفاد أن التعليق يبطل العقد سواء كان الشرط فاسدا أو لا فلذا استثنى المؤلف بقوله إلا في صورة فإن الشرط فيها غير فاسد لأن شرط الخيار جائز ويمكن تقييد قول المصنف بالشرط بكونه فاسدا بقرينة تقييده به في الذي قبله ; لأن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت عين الأولى وحينئذ فلا حاجة إلى الاستثناء لكن الشرط الثاني المراد به التعليق بأداة الشرط لا نفس الشرط تأمل .
ثم إن الذي استفيد من كلام المؤلف من الأصلين اللذين ذكرهما أن ما كان مبادلة مال بمال لا يصح بالشرط الفاسد وأن ما كان من التمليكات لا يصح تعليقه بالشرط ومعلوم أن مبادلة المال بالمال من جملة التمليكات فصار الحاصل أن ما كان مبادلة مال بمال لا تصح بالشرط الفاسد أخذا من الأصل الأول ولا يصح تعليقها بأداة الشرط أخذا من الأصل الثاني ثم اعلم أن ما ذكره الماتن بقوله ما يبطل بالشرط الفاسد إلخ يحتمل أن يكون قاعدة واحدة فيختص بما كان مبادلة مال بمال ويرد عليه أن بعض ما ذكره من الفروع ليس مبادلة مال بمال كالرجعة والإبراء وعزل الوكيل والاعتكاف ونحوهما مما سيأتي ويحتمل أن يكون قاعدتين الأولى ما يبطل بالشرط الفاسد والثانية ما لا يصح تعليقه بالشرط ، فيكون قوله ولا يصح على تقدير ما الموصولة كما في قوله تعالى { بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم } أي وما أنزل إليكم فيكون قوله ولا يصح إلخ معطوفا على قوله ما يبطل فيكون بعض ما ذكره من الفروع داخلا تحت القاعدتين معا أو تحت واحدة منهما فما كان مبادلة مال بمال كالبيع والقسمة فهو داخل تحت القاعدتين .
( قوله فإنه لا يصح تعليقه بالشرط الفاسد ) الذي في الزيلعي ما كان مبادلة مال بمال يبطل بالشروط الفاسدة فقول المؤلف هنا لا يصح تعليقه لا يلزم منه بطلان المعلق فالظاهر حذف لفظ تعليقه والاقتصار على قوله لا يصح بالشرط فيوافق عبارة الزيلعي ويدل عليه قوله في مقابلة فإنه لا يبطل به وأيضا مبادلة المال بالمال من التمليكات فلو كان المراد [ ص: 195 ] لا يصح تعليقه يكون مكررا لدخوله تحت الأصل الآخر فتدبر . ( قوله : وفي جامع الفصولين ولو قال بعته بكذا إلخ ) قال الرملي هذا ذكره في أول الفصل السادس والعشرين وذكر فيه بعده بنحو ورقة مثل ما قدمه هذا الشارح فلا مخالفة لحمل المطلق على المقيد تأمل . ا هـ . أي فيحمل قوله جاز البيع والشرط جميعا على ما إذا وقته بثلاثة أيام .