[ ص: 248 ] ( قوله ( ولو صالح أحدهما رب المال عن ألف على نصفه برئا ) أي صالح الأصيل أو الكفيل الطالب على نصف الدين برئ الكفيل والأصيل أما إذا صالح الأصيل فظاهر ; لأنه بالصلح يبرأ وبراءته توجب براءة الكفيل ، وأما إذا صالح الكفيل فلأنه أضافه إلى الألف الدين وهي على الأصيل فبرئ عن خمسمائة فبراءته توجب براءة الكفيل ثم برئا جميعا عن خمسمائة بأداء الكفيل ويرجع على الأصيل بخمسمائة إن كانت الكفالة بأمره بخلاف ما إذا صالح على جنس آخر لكونه مبادلة فملكه فرجع بالألف أطلقه فشمل ما إذا شرط الكفيل براءتهما أو براءة الأصيل أو لم يشرط شيئا ، وأما إذا شرط براءة الكفيل وحده برئ دون الأصيل هكذا ذكر الشارح وليس المراد أن الطالب يأخذ البدل في مقابلة إبراء الكفيل عنها ، وإنما المراد أن ما أخذه من الكفيل محسوب من أصل دينه ويرجع بالباقي على الأصيل قال في الهداية ولو كان صالحه عما استوجب من الكفالة لا يبرأ الأصيل ; لأن هذا إبراء الكفيل عن المطالبة . ا هـ .
قال في النهاية أي ما وجب بالكفالة وهو المطالبة ، صورته ما في المبسوط لو صالحه على مائة درهم على أن إبراء الكفيل خاصة من الباقي رجع الكفيل على الأصيل بمائة ورجع الطالب على الأصيل بتسعمائة ; لأن إبراء الكفيل يكون فسخا للكفالة ولا يكون إسقاطا لأصل الدين . ا هـ .
وهكذا في فتح القدير ، وقال قبله وإن شرط براءة الكفيل وحده برئ الكفيل عن خمسمائة والألف بتمامها على الأصيل فيرجع الكفيل بخمسمائة إن كان بأمره والطالب بخمسمائة . ا هـ .
وهو بإطلاقه شامل للكفالة بالمال والكفالة بالنفس . قوله ( وإن قال الطالب للكفيل برئت إلي من المال رجع على المطلوب ) أي الكفيل على الأصيل معناه إذا ضمن بأمره ; لأن البراءة التي ابتداؤها من المطلوب وانتهاؤها إلى الطالب لا تكون إلا بالإيفاء فيرجع فصار كإقراره بالقبض عنه أو النقد منه أو الدفع إليه واستفيد منه براءة المطلوب للطالب لإقراره كالكفيل . قوله ( وفي برئت أو أبرأتك لا ) أي في قول الطالب للكفيل برئت بفتح التاء أو أبرأتك لا يرجع الكفيل على المطلوب أما في أبرأتك فلا خلاف فيه ; لأنه إبراء لا ينتهي إلى غيره وذلك بالإسقاط فلم يكن إقرارا بالإيفاء وأنت في حل بمنزلة أبرأتك ، وأما في برئت فقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد هو مثله لاحتماله البراءة بالأداء إليه والإبراء فيثبت الأدنى إذ لا رجوع بالشك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف هو مثل الأول ; لأنه أقر ببراءة ، ابتداؤها من المطلوب وإليه الإيفاء دون الإبراء وقيل في جميع ما ذكرنا إذا كان الطالب حاضرا [ ص: 249 ] يرجع في البيان إليه ; لأنه هو المجمل حتى في برئت إلي لاحتمال لأني أبرأتك مجازا وإن كان بعيدا في الاستعمال ، كذا في النهاية وفي فتح القدير والحوالة كالكفالة في هذا قيد بقوله برئت ; لأنه لو كتب في الصك برئ الكفيل من الدراهم التي كفل بها كان إقرارا بالقبض عندهم جميعا كقوله برئت إلي بقضية العرف فإن العرف بين الناس أن الصك يكتب على الطالب بالبراءة إذا حصلت بالإيفاء وإن حصلت بالإبراء لا يكتب عليه الصك فجعلت الكتابة إقرارا بالقبض عرفا ولا عرف عند الإبراء ، كذا في فتح القدير واختلف المتأخرون فيما إذا قال المدعى عليه أبرأني المدعي من الدعوى التي يدعي علي منهم من قال هو إقرار بالمال كما لو قال أبرأني من المال الذي ادعاه ومنهم من قال لا يكون إقرارا ; لأن الدعوى تكون بحق وبباطل ، كذا في فتح القدير وفي البزازية من الدعوى دعوى البراءة عن الدعوى لا يكون إقرارا بالدعوى عند المتقدمين وخالفهم المتأخرون ودعوى البراءة عن المال إقرار وقول المتقدمين أصح ا هـ .
( قوله صورته ما في المبسوط إلخ ) هذا لا يظهر تصوير العبارة الهداية وإنما هو صورة ما إذا شرط براءة الكفيل وحده وهو ما قدمه عن الزيلعي ; لأن ما في المبسوط وقع فيه الصلح عن المال لا عما استوجبه الدائن على الكفيل من الطلبة فكلام النهاية غير محرر ولذا ذكره في الفتح كالمتبرئ منه حيث قال وجعل في النهاية صورة هذه المسألة ما في المبسوط إلخ . ( قوله : وقيل في جميع ما ذكرنا إذا كان الطالب حاضرا يرجع في البيان إليه ) قال في النهر والظاهر أن في لفظ الحل لا يرجع إليه لظهور أنه مسامحة إلا أنه أخذ منه شيئا . ا هـ .
وفيه نظر يظهر بأدنى [ ص: 249 ] نظر ، ثم إن عبارة المؤلف تفيد ضعف هذا القول وعبارة فتح القدير قالوا في شروح الجامع الصغير هذا إذا كان الطالب غائبا فأما إذا كان حاضرا إلخ ومشى عليه في متن الغرر والملتقى وجزم به الزيلعي وابن الكمال . ( قوله : وفي فتح القدير والحوالة كالكفالة في هذا ) يوهم أنه لو أبرأ المحتال المحتال عليه براءة إسقاط أنه لا يرجع المحال عليه على المحيل مع أن المحتال عليه إذا أدى الدين ولو حكما له الرجوع والأداء الحكمي مثل ما لو وهبه إياه المحال كما سيأتي في بابه فتأمل .