( قوله : وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط ) لما فيه من معنى التمليك كما في سائر البراءات ويروى أنه يصح ; لأن عليه المطالبة دون الدين في الصحيح فكان إسقاطا محضا كالطلاق ولهذا لا يرتد إبراء الكفيل بالرد بخلاف إبراء الأصيل ، كذا في الهداية وظاهره ترجيح عدم بطلانه بناء على الصحيح ، وذكر الزيلعي الشارح أنه لا يصح التعليق أيضا وإن لم يكن عليه إلا المطالبة لما فيه من تمليك المطالبة وهي كالدين ; لأنها وسيلة إليه والتمليك لا يقبله وفي الخانية لو قال للكفيل أخرجتك عن الكفالة فقال الكفيل لا أخرج لم يصر خارجا . ا هـ .
فثبت أن إبراء الكفيل أيضا يرتد بالرد وفي المعراج قيل المراد بالشرط الشرط المحض الذي لا منفعة للطالب فيه أصلا كدخول الدار ومجيء الغد ; لأنه غير متعارف أما إذا كان متعارفا فإنه يجوز كما في تعليق الكفالة لما في الإيضاح لو كفل بالمال والنفس ، وقال إن وافيتك غدا فأنا بريء من المال فوافاه غدا يبرأ من المال فقد جوز تعليق البراءة عن الكفالة بالمال ، وكذا إذا علق البراءة باستيفاء البعض يجوز أو علق البراءة عن البعض بتعجيل البعض يجوز ذكره في مبسوط شيخ الإسلام فعلم أن المراد بالشرط الشرط الغير المتعارف واختلاف الروايتين في صحة التعليق محمول على هذا فرواية عدم الجواز فيما إذا كان غير متعارف ورواية الجواز فيما إذا كان متعارفا . ا هـ .
( قول المصنف وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط ) أقول : الظاهر أن إضافة تعليق إلى البراءة من إضافة الصفة إلى موصوفها والمعنى وبطلت البراءة المعلقة بالشرط ، وإذا بطلت البراءة المذكورة تبقى الكفالة على أصلها فللطالب المطالبة بدليل التعليل فإن البراءة لما كان فيها معنى التمليك لم تصح بالتعليق كما أن التمليك المعلق لا يصح وليس المراد أن تعليق البراءة باطل لتكون البراءة صحيحة منجزة إذ لو كان كذلك لبطلت الكفالة ولما صح التعليل فإن البراءة من الكفالة فيها معنى التمليك والتمليك المعلق بالشرط غير صحيح ، وأما نفس التعليق فليس فيه معنى التمليك فتعين أن الذي بطل هو البراءة المعلقة لا نفس تعليقها وحينئذ فتبقى الكفالة صحيحة على أصلها تأمل ثم رأيت في هامش بنسختي شرح المجمع وهي نسخة قديمة مكتوبة على نسخة شارحه بخط بعض العلماء مكتوبا على الهامش عند قول المتن ولا يصح تعليق البراءة منها بالشرط ما نصه معناه أن الكفالة جائزة والشرط باطل . ا هـ . وهذا عين ما فهمته ولله الحمد .
( قوله : فثبت أن إبراء الكفيل أيضا يرتد بالرد ) أقول : هذا رد على قول الهداية السابق ولهذا لا يرتد بالرد لكن يمكن أن يقال إن ما في الخانية مبني على خلاف الصحيح تأمل وقدمنا قبل ورقتين الجواب بأن ما في الخانية إقالة لعقد الكفالة لا إبراء . ( قوله : الذي لا منفعة للطالب فيه إلخ ) أقول : الظاهر أن منه ما سلف عنه من قوله الكفيل كفلت لك فلانا على أنك إن طالبتني بما عليه قبل حلول أجل الدين فلا كفالة لك [ ص: 250 ] علي ثم طالبه قبل حلول الأجل فالذي يظهر بطلان البراءة المعلقة وبقاء الكفالة صحيحة على أصلها ; لأنه لا نفع في هذا الشرط للطالب تأمل .