وذكر الهدية في الكتاب ليس احترازيا إذ يحرم عليه الاستقراض والاستعارة ممن يحرم عليه قبول هديته كما في الخانية ، وإنما يقبل هدية القريب لما فيها من صلة الرحم وردها قطيعة وهي حرام وأطلقه وهو مقيد بالمحرم فخرج ابن العم مثلا ومقيد بأن لا تكون له خصومة ، وإنما يقبل ممن له عادة للعلم بأنها ليست للقضاء وله شرطان أن لا يكون له خصومة وأن لا يزيد على العادة فيرد الكل في الأول ، وما زاد عليها في الثاني وقيده فخر الإسلام بأن لا يكون مال المهدي قد زاد فبقدر ما زاد ماله لا بأس بقبوله ، وظاهر العطف في كلام المصنف يقتضي أنه يقبل من القريب وإن لم تكن له عادة بالإهداء وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه كالأجنبي لا بد أن يكون له عادة وإلا فلا يقبلها منه إلا أن يكون لفقره ثم أيسر ; لأن الظاهر أن المانع ما كان إلا الفقر على وزان ما قاله فخر الإسلام في الزيادة .
والحاصل أن من له خصومة لا يقبلها مطلقا ومن لا خصومة له فإن كان له عادة قبل القضاء قبل المعتاد وإلا فلا وفي تهذيب القلانسي ولا يقبل هدية إلا من ذي رحم محرم أو من وال تولى الأمر منه أو وال مقدم الولاية على القضاء ا هـ .
فعلى هذا له أن يقبلها من السلطان ومن حاكم بلده المسمى الآن بالباشاه واقتصر في التتارخانية على من ولاه وفي فتح القدير وكل من عمل للمسلمين عملا حكمه في الهدية حكم القاضي ا هـ .
فظاهره أنه يحرم قبولها على الوالي والمفتي ، وليس كما قال فقد قال في الخانية ويجوز للإمام والمفتي قبول الهدية وإجابة الدعوة الخاصة ; لأن ذلك من حقوق المسلم على المسلم ، وإنما يمنع عنه القاضي ا هـ .
إلا أن يراد بالإمام إمام الجامع وفي التتارخانية من خصوصياته عليه الصلاة والسلام أن هداياه له وفيها ضم الواعظ إلى المفتي معللا بأنه إنما يهدى إلى العالم لعلمه بخلاف القاضي ، وأشار المصنف إلى أن القاضي لا يبيع ولا يشتري في مجلس القضاء وغيره ، وهو الصحيح لأن الناس يساهلونه لأجل القضاء كذا في الخانية هذا إذا كان يكفي المؤنة من بيت المال أو يعامل من يحابيه وإلا لا يكره ، ولو باع مال المديون أو الميت لا يكره كذا في البزازية وفي فتح القدير ويجب أن يكون هدية المستقرض للمقرض كالهدية للقاضي إن كان المستقرض له عادة قبل استقراضه فأهدى إلى المقرض فللمقرض أن يقبل منه قدر ما كان يهديه بلا زيادة ا هـ . وهو سهو والمنقول كما قدمناه آخر الحوالة أنه يحل حيث لم يكن مشروطا مطلقا .
( قوله ابن اللتبية ) قال الرملي بلام مضمومة وحكي فتحها وخطئ وتاء مثناة ساكنة ، وحكى المنذري تحريكها قال nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد بنو لتب بطن من الأزد ويقال الأتية بهمزة مفتوحة وسكون التاء قال وتحرك ، ثم قيل إنها اسم أمه عرف بها وكان اسمه عبد الله كذا قاله الزركشي في التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح [ ص: 305 ] ( قوله وكل من عمل للمسلمين عملا إلخ ) قال في النهر الظاهر أن المراد بالعمل ولاية ناشئة من الإمام أو نائبه كالساعي والعاشر ا هـ .
وبه يندفع مخالفته لما في الخانية بالنسبة إلى المفتي تأمل .
( قوله وفي التتارخانية من خصوصياته عليه السلام أن هداياه له ) ذكر الخصوصية يفيد أنه ليس لإمام غيره صلى الله تعالى عليه وسلم قبولها ، وإلا انتفت الخصوصية تأمل ثم رأيته في النهر بحث كذلك وهذا يؤكد حمل الإمام في كلام الخانية على إمام الجامع .