قوله ( ورد البينة على إفلاسه قبل حبسه ) ; لأنها بينة نفي فلا تقبل ما لم تتأيد بمؤيد ، وهو الحبس وبعده تقبل على سبيل الاحتياط لا على وجه الوجوب ، وما ذكره في الكتاب هو ما اختاره عامة المشايخ كما في الهداية وهو الصحيح كما في النهاية وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد قبولها وبه كان يفتي الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل ونصير بن يحيى وفي الخانية ، وينبغي أن يكون مفوضا إلى القاضي إن علم أنه وقح لا تقبل بينته قبل الحبس وإن علم أنه لين قبلت بينته وفسر الطرسوسي الوقاحة بالإغلاظ على المدعي في القول ، واللين بالتلطف فيه ونظيره ما قال الخصاف في تعيين مدة الحبس إن كان المديون سمحا يأخذ القاضي برواية الكفالة من التقدير [ ص: 314 ] بشهرين أو بثلاثة ، وإن كان مفتيا أخذ بالأكثر كذا في البزازية . ( قوله وبينة اليسار أحق ) أي من بينة الإعسار بالقبول عند التعارض ; لأن اليسار عارض والبينة للإثبات وفي البزازية كبينة الإبراء مع بينة الإقراض ، وفي الخانية وإن شهدوا أنه موسر قادر على قضاء الدين جاز وكفى ، ولا يشترط تعيين المال ا هـ .
والظاهر أنه بحث منه وليس بصحيح لجواز حدوث اليسار بعد إعساره الذي ادعاه أطلق في قبول بينة اليسار فأفاد قبولها ، وإن لم يذكروا مقدار ما ملكه وفي البزازية ، ولم يشترط بيان ما به اليسار لأن المقصود منها دوام الحبس عليه ، ولم يبينوا مقدار ما يملك ، ولو بينوا مقدار ما يملك لم يمكن قبولها وتمامه في القنية وفي العناية فإن قيل nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد قبل البينة على اليسار وهو لا يثبت إلا بالملك وتعذر القضاء به لأنهم لم يشهدوا بمقداره ، ولم يقبل فيما إذا أنكر المشتري جوار الشفيع وأنكر ملكه في الدار فبرهن الشفيع أن له نصيبا في هذه الدار ، ولم يبينوا مقداره وأجيب بأن الشاهد على اليسار شاهد على قدرته على أداء الدين ، وهي لا تكون إلا بملك مقدار الدين فثبت بها قدر الملك وفي النصيب لم يشهدوا بشيء معلوم فافترقا ا هـ .
( قول المصنف ورد البينة على إفلاسه قبل حبسه ) قال الرملي هذا إذا كان أمره مشكلا أما إذا كان فقره ظاهرا يسأل القاضي عنه عاجلا ، ويقبل البينة على الإفلاس ويخلي سبيله بحضرة خصمه ا هـ .
ووقع التقييد بإشكال أمره في عبارة البزازية كما قدمه المؤلف عنه قوله : ثم يسأل عنه وقدم هناك أن في المسألة روايتين وقدمنا هناك أن ما هنا هو الصحيح وعليه عامة المشايخ [ ص: 314 ]
( قوله والظاهر أنه بحث منه وليس بصحيح ) قال في النهر وينبغي أن يكون معناه يعني ما في الفتح أنه بين سبب الإعسار وشهدوا به وما في البحر مدفوع بأنهم لم يشهدوا بيسار حادث بل بما هو سابق على الإعسار الحادث وبينة الإعسار تحدث أمرا عارضا فقدمت ا هـ . فتأمله .
وقال الرملي أقول : بل هو فقه حسن ومجرد حدوث اليسار لا يمنع من ذلك إذ الكلام في قبول بينة الإعسار الحادث بعد ثبوت اليسار قبله غاية ما فيه أن استثناءه من تعارض البينتين مستدرك إذ لا تعارض والحال هذه ، وإنما التعارض إذا قامتا في وقت واحد من غير تعرض للبعدية على أنه لم يذكره بصريح الاستثناء من تعارض البينتين ، وإنما قال وكلما تعارضت بينة اليسار والإعسار قدمت بينة اليسار ; لأن معها زيادة علم اللهم إلا أن يدعي أنه موسر وهو يقول أعسرت من بعد ذلك ، وأقام بذلك بينة فإنه تقدم ; لأن معها علما بأمر حادث وهو حدوث ذهاب المال ا هـ .
فقوله اللهم إلا أن يدعي إلخ يجوز أن يكون لمجرد توهم يقع في المسألة ذكر على سبيل الإفادة المجردة لا على سبيل الاستثناء تأمل ا هـ .
قلت : وقدمنا عن شرح أدب القضاء فإن أحضر المدعى عليه بينة بعد الحبس قبل هذا الوقت الذي ذكرنا بالعدم فشهدوا عند القاضي بذلك قال صاحب الكتاب أقبل ذلك وأخرجه عن الحبس وأفلسه ، وقدم المؤلف في شرح قوله ثم يسأل عنه عن السراج الوهاج معزيا إلى النهاية لو ادعى المطلوب أنه معسر وادعى الطالب اليسار فلا بد من إقامة البينة ( قوله وتمامه في القنية ) حيث قال ; لأنها قامت للمحبوس وهو منكر ، والبينة متى قامت للمنكر لا تقبل وقولهم إنه موسر ليس كذلك فيقبل ا هـ .
وحاصله أنهم لو شهدوا وقالوا إنه يملك العقار الفلاني مثلا ، وهو منكر لا تقبل ; لأنه يقول لا أملك ذلك العقار وهم يشهدون له بأنه يملكه والبينة متى قامت للمنكر لا تقبل بخلاف ما إذا قالوا إنه موسر لأنهم لم يشهدوا له بملك شيء بعينه فلم تكن شهادة له بل عليه لأجل إدامة الحبس فتقبل تأمل .