والمعتمد أن القضاء على المسخر لا يجوز والمجوز له خواهر زاده ; لأنه أفتى بنفاذ القضاء على الغائب وهو عين القضاء على الغائب إلا لضرورة وهي في مسائل : الأولى علق المديون العتق أو الطلاق على عدم قضائه اليوم ثم تغيب الطالب وخاف الحالف الحنث فإن القاضي ينصب وكيلا عن الغائب ويدفع الدين إليه ولا يحنث الحالف وعليه الفتوى كما في الخانية .
الثانية المشتري بخيار أراد الرد في المدة فاختفى البائع فطلب المشتري من القاضي أن ينصب خصما عن البائع ليرده عليه قيل ينصب نظرا إلى المشتري وقيل لا ; لأنه لما اشترى ولم يأخذ منه وكيلا مع احتمال غيبته فقد ترك النظر لنفسه فلا ينظر له وإذا لم ينصب وطلب المشتري من القاضي الأعذار فعن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فيه روايتان يعذر في رواية فيبعث مناديا ينادي على باب البائع أن القاضي يقول إن خصمك فلانا يريد الرد عليك فإن حضرت وإلا نقضت البيع فلا ينقضه القاضي بلا إعذار وفي رواية لا يعذر القاضي كذا في جامع الفصولين . الثالثة كفل بنفسه على أنه لو لم يواف به غدا فدينه على الكفيل فغاب الطالب في الغد فلم يجده الكفيل حتى مضى الغد لزمه المال ولو رفع الكفيل الأمر إلى القاضي فنصب القاضي وكيلا عن الطالب وسلم إليه المكفول عنه يبرأ وهو خلاف ظاهر الرواية إنما هو في بعض الروايات عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف كذا في جامع الفصولين .
الرابعة إذا توارى الخصم فالقاضي يرسل أمينا ينادي على بابه ثلاثة أيام ثم ينصب عنه وكيلا للدعوى وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف استحسنه وعمل به ثم قال الخصم شرط لقبول البينة لو أراد المدعي أن يأخذ من يد الخصم الغائب شيئا أما لو أراد أن يأخذ حقه من ثمن مال كان للغائب في يده لا يشترط حضور الخصم ولا يحتاج القاضي إلى نصب الوكيل لو اشتراه فغاب وقدمناه في متفرقات البيوع وإنما أدخل كاف التشبيه في قوله كالوكيل والوصي للإشارة إلى عدم الحصر فالمتولي على الوقف كذلك وأحد الورثة عن الباقين فيما للميت وعليه لكن إن كان في عين فلا بد من كونها في يده فلو ادعى عينا من التركة على وارث ليست في يده لم تسمع وفي دعوى الدين ينتصب أحدهم خصما وإن لم يكن في يده شيء وفي جامع الفصولين من الرابع .
والحاصل أن أحد شريكي الدين خصم عن الآخر في الإرث وفاقا وفي غيره عند nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف لا عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وقال محمد قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة قياس وقول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف استحسان nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد مع nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف . ا هـ .
قيدنا بأن يكون سببا لا محالة للاحتراز عما يكون سببا في حال ولا يكون سببا في حال فإنه لا يكون قضاء على الغائب وذلك في مسألتين الأولى الوكيل بنقل العبد إلى مولاه إذا برهن العبد على أنه حرره يقبل في حق قصر يد الحاضر لا في حق ثبوت العتق على الموكل فلو حضر الغائب وأنكر لا بد من إعادة البينة الثانية الوكيل بنقل المرأة إذا برهنت أنه طلقها ثلاثا يقبل في حق قصر يد الوكيل لا في إثبات الطلاق وقد أنكر nindex.php?page=showalam&ids=15211بشر المريسي القضاء على الغائب في هذه المسائل قال في التحرير وقد كان بعض العلماء يأبى انتصاب الحاضر خصما عن الغائب في هذه المسائل ولا يقضى على الحاضر بشيء ما لم يحضر الغائب وهو القياس الظاهر إلا أنا نقول بأن عامة الخصومات يتصل طرف منها بالغائب فلو لم يجعل الحاضر خصما لأدى إلى إبطال حقوق الناس كذا في شرح التلخيص للفارسي وبه اندفع ما اعترض به بعض الحنابلة من أن الحنفية منعوا القضاء على الغائب ثم تحيلوا له بما إذا كان سببا وهو عين القضاء على الغائب ا هـ .
وقيد بكونه سببا لما يدعي على الحاضر للاحتراز عما إذا كانت السببية باعتبار البقاء فإنه لا يقبل مطلقا وذلك في مسائل : الأولى اشترى جارية وادعى أن البائع كان زوجها من فلان الغائب واشتراها بلا علم بذلك فأنكر البائع فبرهن لم يقبل في حق الحاضر والغائب ; لأنه سبب في البقاء لجواز الطلاق بعده فلو تعرض الشهود للبقاء لم تقبل أيضا بأن قالوا إنها امرأته للحال ; لأن البقاء تبع للابتداء . الثانية برهن المشتري فاسدا على البيع من غائب حين رام البائع فسخ البيع للفساد لا يقبل مطلقا وإن تعرضوا للبقاء .
الثالثة في يده دار فبيعت دار بجنبها فأراد أخذها بالشفعة فزعم المشتري أن ما في يد الشفيع لغائب فبرهن الشفيع على شرائها من الغائب لا تقبل في حقهما وقيد بالسبب للاحتراز عن الشرط في الجامع الأصغر قال إن طلق فلان امرأته فأنت طالق فادعت أنه طلقها وفلان غائب وبرهن لا يصح وقيل يصح وبه أخذ [ ص: 22 ] شمس الأئمة الأوزجندي والأول أصح ; لأن فيه ابتداء القضاء على الغائب بخلاف ما إذا قامت البينة أن زوجها قال لها إن دخل فلان الدار فأنت كذا وقد دخل فلان الغائب الدار وبرهنت حيث يقبل اتفاقا والذي يفعله الناس فيما إذا أرادوا إقامة البينة على الغائب أنه وكله في قبض حقوقه على الناس يدعي واحد عند القاضي أن الغائب علق تلك الوكالة ببيع هذا الحاضر داره من فلان بكذا وقد باع هذا داره من فلان وتحقق الشرط وصار هو وكيلا عن الغائب في القبض ولموكله على هذا المحضر كذا فيقول المدعى عليه نعم إنه وكله كما ذكر إلا أنه لم يوجد الشرط فيقيم الوكيل البينة على وجود الشرط فيقضي القاضي عليه بالبيع والوكالة لا تصح إلا على اختيار الإمام الأوزجندي لما فيه من إبطال حق الغائب .
وهو من قبيل الشرط فليتأمل ، وأما حيلة إثبات طلاق الغائب فكلها على الضعيف من أن الشرط كالسبب فمنها حيلة الكفالة بمهرها معلقة بطلاقه ومنها دعواها كفالة بنفقة العدة معلقة بالطلاق قال في جامع الفصولين ومع هذا لو حكم بالحرمة نفذ لاختلاف المشايخ ا هـ .
وقدمنا حيلتين لإثبات الدين على غائب الكفالة والحوالة ، وأما حيلة إثبات الرهن على الغائب قال في جامع الفصولين معزوا المرتهن لو أراد أن يحكم به القاضي يقيم رجلا يدعي رقبة الرهن فيبرهن ذو اليد أنه رهن عنده فيحكم به القاضي وفيه روايتان في رواية لا تقبل إذ فيه حكم على غائب وتقبل في رواية ; لأنه لما رهن عنده فقد استحفظه فصار خصما في إثبات الملك للراهن ا هـ .
وأما حيلة الحكم بسقوط النفقة والكسوة الماضيتين فالقضاة الآن يجعلونها بصورة إن كانت لها نفقة وكسوة علي فهي طالق بائن فيدعي عليه ذو حسبة عند حنفي بوقوعه لكونها لازمة عليه ويطالبه بالتفريق فيجيب بأنها ليست [ ص: 23 ] لازمة لعدم التقرير والرضا فيحلفه القاضي على ذلك فيحكم بعدم الوقوع وبعدم اللزوم ولا شك الآن في صحته لكن المرأة إذا حضرت وبرهنت على التقرير بطل الحكم كما لا يخفى وقيد بكون السبب ما يدعي على الغائب لأنه لو كان على عكسه بأن كان ما يدعي على الحاضر سببا لما يدعي على الغائب فإنه لا يقضي على الغائب كما إذا كان الحاضر هو الأصيل والكفيل غائب لجواز أن يكون المال على الأصيل لا الكفيل كما قبل الكفالة بخلاف عكسه لا يجوز أن يكون المال على الكفيل دون الأصيل وجزم في جامع الفصولين بأن القضاء على الأصيل لا يكون قضاء على الكفيل وتردد في البزازية وأورد على قولهم لا يجوز أن يكون على الكفيل دون الأصيل ما إذا قالت كفلت بمالك على زيد فأقر الكفيل بأن له على زيد كذا وأنكره زيد ولا بينة وجب المال على الكفيل دون الأصيل ثم نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن القضاء على المكفول عنه قضاء على الكفيل .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة أنه لا يكون قضاء عليه ففيه روايتان والموافق لمفهوم المتون عدمه فهو المعتمد والجواب عما أورد أنه لكون الإقرار حجة قاصرة كما لا يخفى وفي الخلاصة الطريق إلى إثبات الرمضانية أن يعلق وكالة بدخوله فيتنازعان في دخوله فيشهد الشهود فيقضي بالوكالة وبدخوله ا هـ .
وعلى هذا إذا أريد إثبات طلاق معلق بدخول شهر فالحيلة فيه ذلك ولو كان الزوج غائبا وليس هذا من قبيل الشرط ; لأنه لا بد أن يكون فعل الغائب وعلى هذا إذا أريد إثبات شيء من ملك ووقف ونكاح وطلاق فيعلق وكالة بملك فلان ذلك الشيء ويدعي الوكيل فيقول الخصم وكالتك معلقة بما لم يوجد فيقول الوكيل بل هي منجزة ; لأنها معلقة بأمر كائن ويبرهن على الملك وكذا في الوقف يعلقها بالوقفية وفي النكاح بكون فلانة زوجة فلان وفي الطلاق بكونها محرمة عليه ولا يعلقها بفعل الغائب كإن نكح إن وقف إن طلق إن ملك هذا ما ظهر لي الآن والله سبحانه وتعالى أعلم وهذا التقرير في هذا المحل كغيره من خواص هذا الشرح ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
[ ص: 19 - 20 ] ( قوله الأولى : علق المديون العتق أو الطلاق إلخ ) ذكر الشيخ شرف الدين الغزي أنه لا حاجة إلى نصب الوكيل لقبض الدين فإنه إذ دفع إلى القاضي بر في يمينه على المختار المفتى به كما في كثير من كتب المذهب المعتمدة حتى لو لم يكن ثمة قاض حنث على المفتى به . ا هـ . أبو السعود .
( قوله الرابعة إذا توارى الخصم إلخ ) قال أبو السعود لا يخفى أن هذه الصورة تصدق بما قبلها من الصور وبغيرها أيضا وحينئذ فلا معنى لحصر نصب المسخر في عدد مخصوص ا هـ .
قلت : وفيه نظر فإن الصور الثلاثة التي قبلها موقتة بوقت خاص يفوت بإرسال المنادي لينادي على بابه ثلاثة أيام [ ص: 21 - 22 ] ( قوله وفرقهم بين سبب وسبب إلخ ) تقدم جوابه قبل نحو أربعة أوراق ( قوله ومن مسائل الشرط ما في جامع الفصولين علق طلاقها إلخ ) أي معزيا إلى فتاوى رشيد الدين وفيه ثم قال أي رشيد الدين والصحيح من الجواب فيما لو كان ثبوت الحكم على الغائب شرطا للمدعي على الحاضر ينظر لو لم يتضرر به الغائب كدخول الدار وغيره يصير الحاضر خصما عنه لا لو دائرا بين نفع وضرر .
( قوله يحكم لها بالمهر على الحاضر لا بالفرقة على الغائب ) عبارة جامع الفصولين يحكم لها بالمهر على الحاضر وبوقوع الثلاث على الغائب فالمدعى به شيئان بينهما سببية قال ( صذ ) فيه نظر ; لأن المدعى على الغائب وهو الفرقة شرط المدعي على الحاضر لا سبب وفي مثله لا ينصب الحاضر خصما عن الغائب عند عامة المشايخ فينبغي أن يقضي بالمهر على الحاضر لا بالفرقة على الغائب ( صع ) فعلى قياس ما قال ( صد ) ينبغي أن يقضي في مسألة ( فش ) يعني فتاوى رشيد الدين بطلاق المدعية لا بنكاح الغائب فالحاصل أن المدعي على الغائب إذا كان شرطا لما يدعي على الحاضر قيل ينتصب الحاضر خصما عن الغائب مطلقا وهو قول بعض المشايخ وقيل لا مطلقا وهو قول عامة المشايخ وقيل ينتصب فيما لا يتضرر به الغائب لا فيما يتضرر وقيل فيما يتضرر ويقضي على الحاضر لا على الغائب ثم قال أقول : هذا بعيد إذ كان الحكم على الحاضر فرع الحكم على الغائب فكيف يثبت الفرع بدون الأصل فالأولى أن ينتصب الحاضر خصما عن الغائب في كل ما لا يمكن إثبات حقه على الحاضر إلا بإثبات ذلك على الغائب سواء كان سببا أو شرطا إذا الحكم على الغائب بلا خصم عنه جائز وعليه الفتوى فينبغي أن يجوز الحكم على الغائب مع الخصم عنه في الجملة بالطريق الأولى صيانة للحقوق ورعاية للأصول . ا هـ .
قال في نور العين يقول الحقير في كلامه كلام من وجهين الأول أن قوله هذا بعيد غير سديد ; لأن جوابه ظاهر لكل متأمل رشيد الثاني أن قوله فالأولى مخالف لما مر آنفا عن رشيد الدين من قوله والصحيح من الجواب إلخ ا هـ .
ولا شك أن دخول رمضان ليس فيه إبطال حق على الغائب فلذا قبل بخلاف ثبوت الملك للغائب أو طلاق زوجته ونحو ذلك فإن فيه حكما على الغائب ابتداء بلا فرق بين كون التعليق بصيغة إن طلق أو إن كانت مطلقة ; لأن المناط لحوق الضرر فقياس هذه المسائل على ما في الخلاصة قياس مع الفارق هذا ما ظهر لي فتدبره