( مسائل شتى ) أي متفرقات من كتاب القضاء جريا على عادة المؤلفين جمع شتيت كمرضى جمع مريض من أمر شت أي متفرق وشت الأمر شتا وشتاتا تفرق واشتت مثله والشتيت المتفرق وقوم شتى وأشياء شتى وجاءوا أشتاتا أي متفرقين وأنكر nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي أن تقول شتان ما بينهما وما ورد منه فمولد وتمامه في الصحاح ومنه قوله تعالى { إن سعيكم لشتى } أي إن عملكم لمختلف أي في الجزاء وفي nindex.php?page=showalam&ids=14330الرازي الكبير أنها أنزلت في أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=12026وأبي سفيان .
( قوله لا يتد ذو سفل ولا يثقب فيه كوة بلا رضا ذي العلو ) أي عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وقالا يفعل ما لا يضر بالعلو وقيل ما حكى عنهما تفسير لقوله فلا خلاف وقيل بل فيه خلاف فعندهما الأصل الإباحة ; لأنه تصرف في ملكه وهو يقتضي الإطلاق والأصل عنده الحظر ; لأنه تعلق به حق محترم للغير فصار كحق المرتهن والمستأجر في منع المالك عن التصرف فيه والإطلاق يعارضه الرضا فإذا أشكل لا يزول المنع على أنه لا يعرى عن نوع ضرر بالعلو من توهين البناء أو نقصه فيمنع عنه ولهذا لا يملك صاحب السفل أن يهدم كل الجدار أو السقف وكذا بعضه وقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة قياس كما ذكره فخر الإسلام وفي المغرب وتد الوتد ضربه بالميتدة وأثبته وفي البناية أنه كالخازوق وهو القطعة من الخشب أو الحديد يدق في الحائط ليعلق عليه شيء أو يربط به شيء . ا هـ .
والكوة بفتح الكاف ثقب البيت والجمع كوى وقد تضم الكاف في المفرد والجمع ويستعار لمفاتيح الماء إلى المزارع والجداول كذا في المغرب وفي الصحاح أن الجمع يمد ويقصر وأشار المصنف إلى منعه من فتح الباب ووضع الجذوع وهدم سفله وفي فتح القدير إن فتح الباب ينبغي أن يمنع اتفاقا وإن وضع مسمارا صغيرا أو وسطا يجوز اتفاقا ولم يذكر المصنف منع صاحب العلو من التصرف في العلو لاختلاف المشايخ قال الولوالجي في كتاب القسمة علو لرجل وسفل لآخر اختلف المشايخ على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة قال بعضهم لصاحب العلو أن يبني ما بدا له ما لم يضر بالسفل وذكر في بعض المواضع ليس له ذلك أضر بالسفل أو لم يضر هكذا ذكر في الجامع الصغير والمختار للفتوى أنه إذا أشكل أنه يضر أم لا لا يملك وإذا علم أنه لا يضر يملك ا هـ .
وجعله في الهداية على الخلاف السابق وقيد المصنف بالتصرف في الجدار بضرب الوتد وفتح الطاق احترازا عن تصرفه في ساحة السفل فذكر قاضي خان لو حفر صاحب السفل في ساحته بئرا وما أشبه ذلك له ذلك عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وإن تضرر به صاحب العلو وعندهما الحكم معلول بعلة الضرر . ا هـ .
واتفقوا على منع هدم صاحب السفل الجدار الحامل للعلو كما [ ص: 30 ] قدمناه فإن هدمه أجبر على بنائه ; لأنه تعدى على صاحب العلو بهدم ما هو قرار العلو كالراهن إذا قتل المرهون والمولى إذا قتل عبده المديون فرق بين حق التعلي وبين حق التسييل حيث لو هدم في الأول يجبر على البناء ولو هدم في الثاني لا يجبر وفي الذخيرة السفل إذا كان لرجل وعلو لآخر فسقف السفل وجذوعه وهراديه وبواريه وطينه لصاحب السفل غير أن صاحب العلو مسكنه في ذلك ا هـ .
وذكر الطرسوسي أن الهرادي ما يوضع فوق السقف إما من قصب أو من عريش وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان أنه المكعب وفي جامع الفصولين لكل من صاحب السفل والعلو حق في ملك الآخر لذي العلو حق قراره ولذي السفل حق دفع المطر والشمس عن السفل فالملك مطلق والحق مانع وقد اجتمعا فجمعنا بينهما وتمامه فيه وفي الحائط بين اثنين لو كان لهما عليه خشب فبنى أحدهما للباني أن يمنع الآخر من وضع الخشب حتى يعطيه نصف قيمة البناء مبنيا وفي الأقضية حائط مشترك أراد أحدهما نقضه وأبى الشريك إن كان بحال لا يخاف سقوطه لا يجبر وإن كان بحيث يخاف عن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل يجبر وإن هدماه وأراد أحدهما البناء وأبي الآخران كان أساس الحائط عريضا يمكنه أن يبني حائطا في نصيبه بعد القسمة لا يجبر الشريك وإن كان لا يمكن يجبر كذا عن الإمام أبي بكر محمد بن الفضل وعليه الفتوى وتفسير الجبر أنه إن لم يوافقه الشريك أنفق على العمارة ورجع على الشريك بنصف ما أنفق وفي شهادات الفضلي لو هدماه وامتنع أحدهما يجبر ولو انهدم لا يجبر ولكن يمنع من الانتفاع به ما لم يستوف نصف ما أنفق فيه إن فعل ذلك بقضاء القاضي وإن كان بلا قضاء فبنصف قيمة البناء كذا في فتح القدير وفي جامع الفصولين لو هدم ذو السفل سفله وذو العلو علوه أخذ ذو السفل ببناء سفله إذ فوت عليه حقا ألحق بالملك فيضمن كما لو فوت عليه ملكا . ا هـ .
وظاهره أنه لا جبر على ذي العلو وظاهر ما في فتح القدير خلافه والظاهر الثاني ويحمل الأول على ما إذا بنى صاحب السفل سفله وطلب من ذي العلو بناء علوه فإنه يجبر ولو انهدم السفل بغير صنع صاحبه لا يجبر على البناء لعدم التعدي ولصاحب العلو أن يبني إن شاء ويبني عليه علوه ثم يرجع ويمنعه من السكنى حتى يدفع إليه لكونه مضطرا كمستعير الرهن إذا قضى الدين بغير إذن الراهن لا يكون متبرعا ولو انهدم العلو والسفل فكذلك ثم الرجوع بقيمة البناء أو بما أنفق قيل إن كان صاحب العلو مضطرا يرجع على صاحب السفل بقيمة السفل مبنيا لا بما أنفق وقيل إن بنى بأمر القاضي رجع بما أنفق وإلا رجع بقيمة البناء وبه يفتى كذا في قسمة الولوالجية وإذن الشريك كإذن القاضي فيرجع بما أنفق كما حرره العلامة ابن الشحنة في شرح المنظومة .
وإذا قلنا يرجع بقيمة البناء عند عدم الإذن فهل المعتبر قيمته يوم البناء أو وقت الرجوع قولان والصحيح وقت البناء وهو مبني على أن المبنى يبنى على ملك الشريك أو على ملك الباني ثم ينتقل منه أيضا وفي جامع الفصولين جدار بينهما ولكل - [ ص: 31 ] منهما حمولة فوهي الحائط فأراد أحدهما رفعه ليصلحه وأبى الآخر ينبغي أن يقول مريد الإصلاح للآخر ارفع حمولتك بأسطوانات وعمد ويعلمه أنه يريد رفعه في وقت كذا وأشهد على ذلك فلو فعله وإلا فله رفع الجدار فلو سقط حمولته لم يضمن ا هـ .
( مسائل شتى ) ( قوله وأشار المصنف إلى منعه ) أي منع صاحب السفل [ ص: 30 ] ( قوله فإن هدمه أجبر على بنائه إلخ ) قيد بهدمه له ; لأنه لو انهدم لا يجبر بدليل ما سيذكره قريبا من أنه لو انهدم السفل بغير صنع صاحبه لا يجبر على البناء لعدم التعدي إلخ وفي فتح القدير وعلمت أنه ليس لصاحب السفل هدمه فلو هدمه يجبر على بنائه ; لأنه تعد على صاحب العلو وهذا أصل كلي كل من أجبر على أن يفعل مع شريكه فإذا فعل أحدهما بغير أمر شريكه فهو متطوع ; لأن له طريقا وهو المطالبة بالمشاركة في الفعل كنهر بينهما امتنع أحدهما عن كريه وكرى الآخر إلى آخر ما يأتي في آخر القولة الثانية ثم قال وإن كان لا يجبر لم يكن متطوعا كعلو لرجل وسفل لآخر سقط السفل فبناه الآخر لا يكون متطوعا ; لأنه لا يجبر صاحب السفل على بنائه فكان في بنائه إياه مضطرا ليصل إلى حقه إلخ فثبت الفرق بين الهدم والانهدام فتنبه .
( قوله فسقف السفل وجذوعه وهراديه إلخ ) قال منلا علي التركماني في مجموعته الفقهية وتطيينه لا يجب على واحد منهما أما ذو العلو فلعدم وجوب إصلاح ملك الغير عليه ، وأما ذو السفل فلعدم إجباره على إصلاح ملكه وإن زال الطين عنه بتعدي الساكن وجب الضمان وإلا لا كذا أفتى العلامة الخير الرملي رحمه الله تعالى كما هو مصرح في فتاويه في كتاب الدعوى مولانا حامد أفندي وفيها أيضا وأجاب الشيخ اللطفي في فتاويه في مثل هذه المسألة بقوله سقف السفل لصاحب السفل غير أن لصاحب العلو حق السكنى والمقام عليه ومرمة ذلك السقف من تطيين وغيره تلزمه غير أنه لا يجبر على ذلك والله سبحانه أعلم ( قوله والظاهر الثاني ) أراد ما في جامع الفصولين لذكره بعد كلام الفتح السابق وقوله ويحمل الأول على ما إذا بنى إلخ أراد بالأول ما في الفتح من قوله لو هدماه وامتنع أحدهما يجبر ويخالف هذا الحمل ما قدمه عن الذخيرة من أن سقف السفل وجذوعه وهراديه وبواريه وطينه لصاحب السفل وعليه فلا يجبر صاحب العلو على البناء فيه ; لأنه لا ضرر لصاحب السفل في تركه بل فيه نفع التخفيف عن سقفه تأمل ثم ظهر لي عدم المخالفة بين ما في الفتح وبين ما في جامع الفصولين وذلك أن ما في الفتح في الحائط المشترك وما في الجامع في السفل والعلو والفرق أظهر من أن يخفى .