( قوله والشريك لشريكه فيما هو من شركتهما ) أي لم تقبل شهادته ; لأنه شهادة لنفسه من وجه لاشتراكهما قيد بما هو من شركتهما لجوازها بما ليس من شركتهما لانتفاء التهمة وأطلقه فشمل شركة الأملاك وشركة العقود عندنا ومفاوضة ووجوها وصنائع وخصصه في النهاية بشريك العنان قال وأما شهادة أحد المفاوضين لصاحبه فلا تقبل إلا في الحدود والقصاص والنكاح ; لأن ما عداها مشترك بينهما وتبعه في العناية والبناية وزاد في فتح القدير على الثلاثة الطلاق والعتاق وطعام أهله وكسوتهم وتعقبه الشارح بأنه سهو فإنه لا يدخل في الشركة إلا الدراهم والدنانير ولا يدخل فيه العقار ولا العروض ولهذا قالوا لو وهب لأحدهما مال غير الدراهم والدنانير لا تبطل الشركة ; لأن المساواة فيه ليست بشرط ا هـ .
وما ذكره في النهاية هو صريح كلام nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الأصل كما ذكره في المحيط البرهاني ثم قال وشهادة أحد شريكي العنان فيما لم يكن من تجارتهما مقبولة لا فيما كان منها ولم يذكر هذا التفصيل في المفاوضة ; لأن العنان قد يكون خاصا وقد يكون عاما ، وأما المفاوضة فلا تكون إلا في جميع الأموال وقد عرف ذلك في كتاب الشركة وعلى قياس ما ذكره شيخ الإسلام في كتاب الشركة أن المفاوضة تكون خاصة يجب أن تكون المفاوضة على التفصيل الذي ذكرنا في العنان ا هـ .
وشمل كلام المؤلف ما إذا شهدا أن لهما ولفلان على هذا الرجل ألف درهم فهي على ثلاثة أوجه : الأول أن ينصا على الشركة فلا تقبل .
الرابعة لو أوصى لفقراء جيرانه فشهد من له أولاد محتاجون منهم لم تقبل مطلقا في حق الأولاد وغيرهم والفرق بينهما وبين أولادهما أن المخاطب لم يدخل تحت عموم خطابه فلم يتناولهما الكلام بخلاف الأولاد فإنهم داخلون تحت الشهادة وإنما أدخلنا المتكلم في مسألة الشهادة لفقراء أهل بيته باعتبار أنهم يحصون بخلاف فقراء جيرانه وبني تميم وذكر قاضي خان في فتاواه من الوقف لو شهدا أنها صدقة موقوفة على فقراء جيرانه وهما منهم جازت ولو على فقراء قرابته لا قال الناطفي في الفرق إن القرابة لا تزول والجواز يزول فلم يكن شهادة لنفسه لا محالة ا هـ .
وأهل بيت الإنسان لا يزول عنهم الاسم ; لأنهم أقاربه الذين في عياله فلهذا لم تقبل فيها ولكن يشكل بمسألة قبيلة فإن الاسم عنهم لا يزول مع قبولها ولكن لا يدخلون ويمكن الفرق بين الوصية والوقف بما أشار إليه ابن الشحنة وقال قاضي خان عقب ما نقلته عنه فعلى هذا شهادة أهل المدرسة بوقفها جائزة وقال في موضع آخر .
وأما أصحاب المدرسة إذا شهدوا بالوقف على المدرسة قال بعضهم إن كان الشاهد يطلب لنفسه حقا من ذلك لا تقبل وإلا تقبل قياسا على مسألة الشفعة لو شهد بعض الشفعاء بالبيع فإن كان لا يطلبها تقبل قال رضي الله تعالى عنه وعندي هذا يخالف الشفعة ; لأن حق الشفعة مما يحتمل الإبطال أما الوقف على المدرسة من كان فقيرا من أصحاب المدرسة يكون مستحقا للوقف استحقاقا لا يبطل بإبطاله فإنه إذا قال أبطلت حقي كان له أن يطلب ويأخذ بعد ذلك فكان شاهدا لنفسه فيجب أن لا تقبل ا هـ .
وتعقبه الطرسوسي بقوله فيه نظر ; لأن الفقيه من أهل المدرسة يمكنه أن يعزل نفسه فلا تبقى له وظيفة أصلا فكيف يقول لا يمكنه إبطاله ورده nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان بأن هذا الاعتراض ليس بشيء فإن الواقف إذا وقف على من اتصف بصفة الفقه والفقر مثلا والإقامة استحق من اجتمعت فيه شرائط الوقف ولا اعتبار بعزله نفسه بل لو عزل نفسه في كل يوم مائة مرة ثم طلب أخذ كالوقف على الابن إذا عزل نفسه من الوقف فإنه لا ينعزل وصاحب الفوائد لم يفهم هذا من كلام قاضي خان بل جرى على عادة أوقاف المدارس في بلادنا فإن الواقف يجعل النظر فيه إلى الحاكم مثلا أو إلى الناظر ويجعل له ولاية العزل والتقرير والإعطاء والحرمان من اتصف بصفة الفقه على مذهب من المذاهب فحينئذ إذا أبطل ذلك حقه وعزل نفسه صح وليس له العود إلا أن يقرره الحاكم أو من له ولاية التقرير وليس كلام قاضي خان في ذلك بل كلامه فيمن وقف [ ص: 84 ] الواقف عليه وذلك يستحق ما وقف عليه الواقف ولا يبطل بإبطاله له ا هـ .
وفيما قال نظر لي ; لأن الواقف إذا وقف على الفقهاء مثلا فإن الفقيه لا يستحق في ذلك الريع إلا بالتقرير ممن له ولايته وكذا على الفقراء لا أنه يستحق من كان فقيها أو فقيرا مطلقا كما توهمه nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان لأن الفقيه والفقير الطالب لم يتعينا ولا يمكن أن ينصرف إلى كل فقيه وكل فقير وإنما هو للجنس ويتعين بالتقرير فالحق أن من أسقط حقه من وظيفة تقرر فيها فإنه يسقط حقه سواء كان الوقف على جنس الفقهاء أو على عدد معين منهم كما هو في أوقاف القاهرة وإن أسقط حقه من وقف على الفقهاء والفقراء بلا تعيين ولم يقرر في وقفهم لم يصح لعدم تعينه فللناظر أن يقرره بعده ويعطيه ما خصه ; لأنه يطلب ويأخذ بلا تقرير فمعنى الاستحقاق الذي لا يبطل بالإبطال في كلام قاضي خان جواز أن يقرر بعد إبطاله ويعطي بعده من وقف على الفقهاء ومعنى قول الطرسوسي أنه يبطل بعزله نفسه إذا كان بعد تقريره وليس هذا كالوقف على الابن كما توهمه nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان ; لأن استحقاق الابن لا يتوقف على تقرير بخلاف استحقاق الفقيه كما لا يخفى بقي من جنس المسائل السابقة مسألة لو شهدا على وقف في مكتب فيه أولادهم .
قيل يصح وقيل لا والأظهر الصحة ; لأن كون أولادهم في المكتب غير لازم فلا تكون شهادتهم لهم كشهادة أهل المدرسة وفي وقف الظهيرية بعد أن ذكر مسألة المدرسة وشهادة أهلها وشهادة أهل المحلة في وقف على المحلة ما نصه وكذلك الشهادة على وقف مكتب وللشاهد صبي في المكتب لا تقبل قيل وفي هذه المسائل كلها تقبل وهو الصحيح ا هـ .
[ ص: 82 ] ( قوله وتعقبه الشارح بأنه سهو إلخ ) وكذا قال في الحواشي السعدية فيه بحث لأنه إذا كان ما عداها مشتركا يدخل في عموم قوله ما ليس من شركتهما فيشمل كلام المصنف شركة المفاوضة أيضا فلا وجه للإخراج فتأمل إلا أن يخص بالأملاك بقرينة السياق ثم إن قوله ; لأن ما عداهما مشترك بينهما غير صحيح فإنه لا يدخل في الشركة إلا الدراهم والدنانير إلخ .
[ ص: 83 ] ( قوله وشهادة الأجير الخاص إلخ ) قال الرملي وفي الخانية وذكر الخصاف أن شهادة الأجير لأستاذه مردودة وهي رواية الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله قالوا إن كان الأجير مشتركا تجوز شهادته في الروايات كلها وما ذكر في الديات محمول على هذا الوجه وإن كان أجير وحد مشاهرة أو مسانهة أو مياومة لا تقبل شهادته لأستاذه لا في تجارته ولا في شيء آخر وما ذكر في الكفالة محمول على هذا كذا ذكر الناطفي والصدر الإمام الأجل الشهيد ووجهه ظاهر ; لأن أجير الوحد يستحق الأجر بمضي الزمان وإذا كان يستوجب الأجر لزمان أداء الشهادة كان متهما فيما شهد أما الأجير المشترك لا يستوجب الأجر إلا بالعمل الذي عقدت عليه الإجارة فإذا لم يستوجب بشهادته أجرا انتفت التهمة عن شهادته ولهذا جازت شهادة القابلة على الولادة عند شرطها وهو العدالة ا هـ .
[ ص: 84 ] ( قوله ومن هذا النمط مسألة قضاء القاضي إلخ ) قال الرملي يعلم به جواز شهادة الناظر في وقف تحت نظره ; لأن القضاء والشهادة من باب واحد كما تقدم وقد أفتى به شيخ الإسلام الشيخ محمد الغزي في واقعة الحال بقوله الظاهر قبولها كما لو شهد بوقف مدرسة وهو صاحب وظيفة بها والله تعالى أعلم فتأمل .