( قوله أو يرتكب ما يوجب الحد ) للفسق ولو قال أو يرتكب كبيرة لكان أولى واختلف العلماء في الكبيرة والصغيرة على أقوال بيناها في شرح المنار في قسم السنة وفي الخلاصة بعد أن نقل القول بأن الكبيرة ما فيه حد بنص الكتاب قال وأصحابنا لم يأخذوا بذلك وإنما بنوا على ثلاثة معان : أحدهما ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة ، والثاني أن يكون فيه منابذة المروءة والكرم فكل فعل يرفض المروءة والكرم فهو كبيرة ، والثالث أن يكون مصرا على المعاصي والفجور ا هـ .
وتعقبه في فتح القدير بأنه غير منضبط وغير صحيح وما في الفتاوى الصغرى العدل من يجتنب الكبائر كلها حتى لو ارتكب كبيرة تسقط عدالته وفي الصغائر العبرة للغلبة لتصير كبيرة حسن ونقله عن أدب القضاء لعصام وعليه المعول غير أن الحكم بزوال العدالة بارتكاب الكبيرة يحتاج إلى الظهور فلذا شرط في شرب المحرم الإدمان ا هـ .
ولا بأس بذكر ما اطلعنا عليه من كلامهم فيما يسقطها مما لم يكن في الكتاب في الذخيرة والمحيط الإعانة على المعاصي والحث عليها كبيرة قالوا ولا تقبل شهادة بائع الأكفان وقيده شمس الأئمة السرخسي بما إذا ترصد لذلك العمل وإلا فتقبل لعدم تمنيه الموت والطاعون ولا تقبل شهادة الصكاكين ; لأنهم يكتبون بخلاف الواقع والصحيح قبولها إذا غلب عليهم الصلاح ولا تقبل شهادة الطفيلي والرقاص والمجازف في كلامه والمسخرة بلا خلاف ولا تقبل شهادة من يشتم أهله ومماليكه كثيرا لا أحيانا .
وكذا الشتام للحيوان كدابته ، وأما في ديارنا فكثيرا يشتمون بائع الدابة فيقولون قطع الله يد من باعك ولا من يحلف في كلامه كثيرا ولا تقبل شهادة البخيل الكل من فتح القدير والذي أخر الفرض بعد وجوبه إن كان له وقت معين كالصوم والصلاة بطلت عدالته إلا أن يكون لعذر وإن لم يكن له وقت معين كالزكاة والحج اختلف الرواية فيه والمشايخ وذكر الخاصي عن فتاوى قاضي خان الفتوى على سقوطها في تأخير الزكاة من غير عذر بخلاف تأخير الحج ا هـ .
وفي خزانة الأكمل إذا أخر الزكاة والحج من غير عذر بطلت وبه نأخذ ا هـ .
وتمامه في شرح منظومة nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان له وفي القنية ركوب البحر ولا يمنع قبول شهادتهم وفي شرح أدب القاضي للشهيد حسام الدين أسباب الجرح كثيرة منها ركوب بحر الهند ; لأنه مخاطرة بنفسه ودينه من سكنى دار الحرب وتكثير سوادهم وعددهم لأجل المال ومثله لا يبالي بشهادة الزور ومنها التجارة في قرى فارس ; لأنهم يطعمونهم الربا وهم يعلمون ولو شهد قبل أن يستشهد تسمع شهادته بعد ذلك ا هـ .
وفي البزازية ولا تجوز شهادة من ترك الصلاة بجماعة إلا إذا تركها بتأويل ولا تارك الجمعة إلا بتأويل ولا تارك الصلاة ا هـ .
وفي الملتقط وعن خلف من خرج للنظر إلى قدوم الأمير فليس بعدل وكذا من شهد على صك مقاطعة النخاسين وهو ملعون وكذا كل من شهد على باطل إذا عرفوه وإلا فتقبل وفي الجوهرة ولا تقبل شهادة النخاس وهو الدلال إلا إذا كان عدلا لم يكذب ولا يحلف . ا هـ .
وقد حرر nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان مسألة الشتم والخروج لقدوم الأمير تحريرا حسنا أحببت ذكره هنا : الأولى قال والفقه في ذلك أن الشتم لا يخلو إما أن يكون بما فيه أو بما ليس فيه في وجهه أو في غيبته فإن كان بما ليس فيه فهو كذب وافتراء فيفسق به سواء كان في وجهه أو في غيبته وإن كان بما فيه في غيبته فهو غيبة وأنها توجب الفسق وإن كان في وجهه ففيه إساءة أدب وأنه من صنيع رعاعة [ ص: 90 ] الناس وسوقتهم الذين لا مروءة لهم ولا حياء فيهم وأن ذلك مما يسقط العدالة وكذا إذا كان السب باللعنة والإبعاد مما يفعله من لا خلاق لهم من السوقة وغيرهم ومما يؤيد ذلك ما ورد في الحديث سباب المسلم فسوق وقتاله كفر قال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في النهاية السب الشتم يقال سبه يسبه سبا وسبابا قيل هذا محمول على من سبه أو قاتل مسلما بغير تأويل وقيل إنما قال ذلك على جهة التغليظ لا أنه يخرجه إلى الكفر والفسق وأقول : هذا خلاف الظاهر ا هـ .
الثانية قال قاضي خان إذا قدم الأمير بلدة فخرج الناس وجلسوا على الطريق ينتظرون قال خلف بطلت عدالتهم إلا أن يذهبوا للاعتبار فحينئذ لا تبطل ا هـ .
وحاصله أنها لا تبطل إلا إذا كان الأمير لا يصلح للتعظيم ولم يخرجوا للاعتبار والفقه فيه أنهم إذا خرجوا لغير هذين الأمرين يكون طلوعهم من باب العبث واللعب وهو حرام أو من أجل تعظيم من لا يستحق التعظيم وهو حرام أيضا والشخص إذا ارتكب حراما ما قدح في عدالته وينبغي أن يكون ذلك على ما اعتاده أهل البلد فإن كان من عادة أهل البلد أنهم يفعلون ذلك ولا ينكرونه ولا يستخفونه فينبغي أن لا يقدح ا هـ .
وذكر العلامة ابن الشحنة بعده وفي واقعات عمر بن مازة تعليل عدم قبول شهادتهم بأن الطريق حق العامة فلم تعمل للجلوس فإذا جلس فقد شغل حق العامة فصار مرتكبا للحرام فسقطت عدالته وفي الفتاوى الصغرى لا تقبل شهادة من وقف على الطريق ; لأنه شغل الطريق وهذا التعليل يفيد أن الخروج إذا تجرد عن شغل الطريق لا يكون قادحا مطلقا ولا ينافيه ما تقدم إذا تأملته فقول المصنف ينبغي إلى آخره ليس كما ينبغي ا هـ .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان معزيا إلى شرح أدب القضاء للحسام الشهيد لا تقبل شهادة الأشراف من أهل العراق ; لأنهم قوم يتعصبون فإذا نابت أحدا منهم نائبة أتى سيد قومه فيشفع فلا يؤمن أن يشهد له بزور ا هـ .
وعلى هذا كل متعصب لا تقبل شهادته وفي المجتبى من أكل فوق الشبع سقطت عدالته عند الأكثر الكذب من أعظم الكبائر وعن شداد أنه رد شهادة شيخ معروف بالصلاح لمحاسبة ابنه في النفقة في طريق مكة من سمع الآذان فانتظر الإقامة سقطت عدالته ا هـ .
وصرح في المحيط البرهاني بأن الفرع الأخير مفرع على قول من ضيق في تفسير العدل بأنه من لم يرتكب ذنبا وليس هو المعتمد وفي حفظي قديما من الكتب أن من ترك الاشتغال بالعلم المفروض عليه لم تقبل شهادته لكن ما رأيته الآن وفي المحيط البرهاني معزيا إلى الأقضية إذا أسلم الرجل [ ص: 91 ] وهو لا يقرأ القرآن فشهادته مقبولة يريد بقوله لا يقرأ القرآن لا يتعلم القرآن للحال ; لأنه عدل مسلم فإذا لم يتعلم القرآن للحال لا يصير فاسقا ا هـ .
( قوله لأنهم يكتبون بخلاف الواقع ) قال في الخلاصة ; لأنهم يكتبون هذا ما اشترى وسلم وقبض وضمن الدرك وإن لم يكن شيء من ذلك موجودا فيكون كذبا ولا فرق بين الكذب بالكتاب وبين الكذب بالقول والصحيح أنها تقبل إذا كان غالب حاله الصلاح وما ذكر من الكذب عفو ; لأنهم يحققون ما كتبوا . ا هـ .
( قوله من ترك الصلاة بجماعة ) أي إن تركها مجانا شهرا كما سيذكره قريبا عن التهذيب [ ص: 90 ] ( قوله فقول المصنف ينبغي إلخ ) أي قول nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان وينبغي أن يكون ذلك على ما اعتاده أهل البلد إلخ قال الرملي فتحرر من مجموع ما ذكر أنه إن كان الأمير غير صالح قدح في العدالة وإن كان صالحا ولم يشغل الطريق لا يقدح وإن شغله قدح وأنت على علم بأن الحكم يدور مع العلة والعلة في القدح ارتكاب ما هو محظور وشغل الطريق محظور وتعظيم الفاسق كذلك فعلى ذلك يدور الحكم .
( فائدة ) شاهد تظهر عليه كرامة مع فسقه هل تقبل شهادته أم لا الظاهر لا وقد سئل ابن حجر الهيتمي الشافعي عنها فأجاب بقوله لا تقبل فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله لو رأيت صاحب بدعة يطير في الهواء لم أقبله حتى يتوب عن بدعته ذكره أبو نعيم وقد تظهر الكرامة على يد فاسق بل كافر كالسامري فإنه رأى فرس جبريل عليه السلام حتى أخذ من تراب حافرها وجعله في العجل فخار ونقل ابن العماد عن الشيخ أبي محمد النيسابوري أنه قال يجب على الولي إخفاء الكرامة ا هـ .
ولا شيء من قواعدنا يأباه ( قوله وعلى هذا كل متعصب لا تقبل شهادته ) قال الرملي قال الغزي قلت وفي الخلاصة من كتاب القضاء فإن عدله اثنان وجرحه اثنان فالجرح أولى إلا إذا كان بينهم تعصب فإنه لا يقبل جرحهم ; لأن أصل الشهادة لا تقبل عند العصبية فالجرح أولى ا هـ .
وفي معين الحكام في موانع قبول الشهادة قال ومنه العصبية وهو أن يبغض الرجل الرجل ; لأنه من بني فلان أو من قبيلة كذا ا هـ .
أقول : من التعصب أن يبغضه ; لأنه من حزب فلان أو من أصحابه أو من أقاربه أو منسوبيه ا هـ .
( قوله من سمع الآذان فانتظر الإقامة سقطت عدالته ) نقل عن الحموي أن الظاهر أن المراد آذان الجمعة ( قوله وفي حفظي قديما إلخ ) قال الرملي قدم في التعزير في شرح قوله ومن قذف مملوكا أو كافرا إلخ عازيا إلى المجتبى أن من ترك الاشتغال بالفقه لا تقبل شهادته ا هـ .