( قوله ولا شهادة للفرع إلا بموت أصله أو مرضه أو سفره ) لأن جوازها عند الحاجة وإنما تمس عند عجز الأصل وبهذه الأشياء يتحقق العجز به وإنما اعتبرنا السفر لأن العجز بعد المسافة ومدة السفر بعيدة حكما حتى أدير عليها عدة من الأحكام فكذا سبيل هذا الحكم وعن أبي يوسف إن كان في مكان لو غدا إلى أداء الشهادة لا يستطيع أن يبيت في أهله صح الإشهاد إحياء لحقوق الناس قالوا : الأول أحسن وهو ظاهر الرواية كما في الحاوي والثاني أرفق وبه أخذ nindex.php?page=showalam&ids=11903الفقيه أبو الليث وكثير من المشايخ وقال فخر الإسلام : إنه حسن وفي السراجية وعليه الفتوى وعن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد إنه يجوز كيفما كان حتى روي عنه أنه إذا كان الأصل في زاوية المسجد فشهد الفرع على شهادته في زاوية أخرى من ذلك المسجد تقبل شهادتهم ودل كلام المصنف أن السلطان والأمير لا يجوز إشهادهما في البلد وهي في القنية وظاهر كلامه الحصر في الثلاثة وليس كذلك [ ص: 122 ] فقد صرح في القنية بأن الأصل إذا كانت امرأة مخدرة يجوز إشهادها على شهادتهما وهي التي لا تخالط الرجال ولو خرجت لقضاء حاجة أو للحمام . ا هـ .
وأطلق في التهذيب جوازها بحبس الأصل وقيد شهادة الفرع أي عند القاضي لأن وقت التحمل لا يشترط له أن يكون بالأصول عذر لما في خزانة المفتين والإشهاد على شهادة نفسه يجوز وإن لم يكن بالأصول عذر حتى لو حل بهم العذر من مرض أو سفر أو موت يشهد الفروع ا هـ .
وأطلق في مرضه وقيد في الهداية بأن لا يستطيع الحضور إلى مجلس القاضي وفي شرح المجمع للمصنف المرض الذي لا يتعذر معه الحضور لا يكون عذرا . ا هـ . وظاهر قوله أو سفره أنه يجوز بمجرد سفر الأصل بأن يجاوز بيوت مصره قاصدا ثلاثة أيام ولياليها وإن لم يسافر ثلاثا وظاهر كلام المشايخ أنه لا بد من غيبة الأصل ثلاثة أيام ولياليها كما أفصح به في الخانية ( قوله فإن عدلهم الفروع صح ) أي قبل تعديلهم لأنهم من أهله وفي الصغرى وهو ظاهر الرواية وهو الصحيح لأن الفرع نائب ناقل عبارة الأصل إلى مجلس القاضي فبالنقل ينتهي حكم النيابة فيصير أجنبيا فيصح تعديله . ا هـ .
والمراد أن الفروع معروفون بالعدالة عند القاضي فعدلوا الأصول وإن لم يعرفهم بها فلا بد من تعديلهم وتعديل أصولهم وأشار المؤلف رحمه الله تعالى إلى أن أحد الشاهدين لو عدل صاحبه وهو معروف بالعدالة عند القاضي فإنه يجوز لأن العدل لا يتهم بمثله واختاره في الهداية ونقل فيه قولين في النهاية .
والحاصل كما في الخانية أن القاضي إن عرف الأصول والفروع بالعدالة قضى بشهادتهم وإن عرف أحدهما دون الآخر سأل عمن لم يعرفه وإذا شهد الفروع على شهادة أصل فردت شهادته لفسق الأصل لا تقبل شهادة أحدهما بعد ذلك ا هـ .
( قوله وإلا عدلوا ) أي إن لم يعدلهم الفروع ولم يعرفهم القاضي بالعدالة سأل عنهم وهذا عند أبي يوسف وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : لا تقبل لأنه لا شهادة إلا بالعدالة فإذا لم يعرفوها لم ينقلوا الشهادة فلا تقبل ولأبي يوسف أن الواجب عليهم النقل دون التعديل لأنه قد يخفى عليهم وإذا نقلوا يتعرف القاضي العدالة كما إذا حضروا بأنفسهم وشهدوا كذلك في الهداية والكافي وظاهره أنه يجوز للفرع التحمل والأداء وإن لم يعرف عدالة الأصل وفي خزانة المفتين الفرع إذا لم يعرف الأصل بعدالة ولا غيرها فهو مسيئ في الشهادة على شهادته بتركه الاحتياط . ا هـ .
وقالوا الإساءة أفحش من الكراهة وقوله وإلا صادق بصور الأولى أن يسكتوا وهو المراد هنا كما أفصح به في الهداية الثانية أن يقول الفروع للقاضي بعد السؤال لا نخبرك فجعله في الخانية على الخلاف بين الشيخين فقولهما لا نخبرك بمنزلة قولهما لا نعرف الأصل أعدل أم لا وذكر الخصاف أن عدم القبول جواب ظاهر الرواية كما ذكره القاضي الإمام علي السغدي في شرح أدب القاضي وذكر الحلواني أن القاضي يقبل شهادتهما ويسأل عن الأصل وهو الصحيح لأن الأصل بقي مستورا ووجه المشهور أن قولهما لا نخبرك جرح للأصول واستشهد الخصاف فقال : ألا ترى أنهما لو شهدا عند القاضي على شهادة رجل وقالا للقاضي : إنا نتهمه في الشهادة فلم يقبل القاضي شهادتهما على شهادته فكذا إذا قال : لا نخبرك ووجه رواية أبي يوسف أن هذا يحتمل أن يكون جرحا ويحتمل أن يكون توقفا فلا يثبت الجرح بالشك [ ص: 123 ] كذا في الفتاوى الصغرى الثالثة أن يقول الفرع للقاضي : إنا نتهمه في الشهادة فإن القاضي لا يقبله كذا في الخانية وهو ما قدمناه من شاهد الخصاف .
[ ص: 122 ] ( قوله وظاهر قوله أو سفره أنه يجوز بمجرد سفر الأصل إلخ ) في كونه ظاهر كلامه ذلك نظر حيث كانت العلة العجز وإلا لزم أن يكون المرض الذي لا يتعذر معه الحضور عذرا وليس كذلك فالمتبادر غيبة مدة السفر ولذا أتى في الهداية برديفه فقال أو يغيبوا مسيرة ثلاثة أيام ولياليها فصاعدا ( قوله فإنه يجوز لأن العدل لا يتهم بمثله ) فيه عود الضمير على غير مذكور وعبارة الهداية وكذا إذا شهد شاهدان فعدل أحدهما الآخر يجوز لما قلنا أي من أنه أهل التزكية غاية الأمر أن فيه منفعة من حيث القضاء بشهادته ولكن العدل لا يتهم بمثله كما لا يتهم في شهادة نفسه كيف وإن قوله مقبول في نفسه وإن ردت شهادة صاحبه فلا تهمة انتهت وقوله غاية الأمر أي غاية ما يرد أنه متهم بسبب أن في تعديله منفعة له من حيث تنفيذ القاضي قوله على موجب ما يشهد به قلنا : العدل لا يتهم بمثل ما ذكرت من الشبهة فإن مثلها ثابت في شهادة نفسه فإنها تتضمن القضاء بها فكما أن الشرع لم يعتبر مع عدالته ذلك مانعا كذا ما نحن فيه وإلا لانسد باب الشهادة ا هـ . ملخصا من النهاية والفتح .
وبه ظهر أن الضمير ليس عائدا للعدل كما توهمه بعضهم ( قوله الإساءة أفحش من الكراهة ) أقول : هكذا ذكره في شرحه على المنار ولكن الذي رأيته في التقرير شرح أصول البزدوي والتحقيق شرح الأخسيكثي وغيرهما أن الإساءة دون الكراهة ولعل مراد من قال دون الكراهة أراد بها التحريمية ومن قال : أفحش أراد بها التنزيهية .