( قوله ولا يصح الرجوع إلا عند القاضي ) لأنه فسخ للشهادة فيختص بما يختص به الشهادة من مجلس القاضي ولأن الرجوع توبة وهي على حسب الجناية فالسر بالسر والإعلان بالإعلان أطلقه فشمل القاضي المشهود عنده وغيره فإذا لم يصح الرجوع عند غير القاضي ولو شرطيا كما في فتح القدير وادعى المشهود عليه رجوعهما وأراد يمينهما لا يحلفان وكذا لا تقبل بينته عليهما لأنه ادعى رجوعا باطلا حتى لو أقام بينة أنه رجع عند قاضي كذا وضمنه المال تقبل لأن السبب صحيح ولو أقر عند القاضي أنه رجع عند غير القاضي فإنه صحيح [ ص: 128 ] وإن أقر برجوع باطل لأنه يجعل إنشاء للحال وفي خزانة المفتين إذا رجعا عن شهادتهما وأشهدا بمال على أنفسهما لأجل الرجوع ثم جحدا ذلك فشهد عليهم الشهود بالمال من قبل الرجوع والضمان لا تقبل إذا تصادقا عند القاضي أن الإقرار بهذا السبب فالقاضي لا يلزمهما الضمان وفي المحيط ولو ادعى رجوعهما عند القاضي ولم يدع القضاء بالرجوع والضمان لا تسمع منه البينة ولا يحلف عليه لأن الرجوع لا يصح ولا يصير موجبا للضمان إلا باتصال القضاء به كالشهادة ا هـ .
وشمل ما إذا شهدا بطلاقها ثم تزوجت فرجع أحدهما لم يفرق بينها وبين زوجها واختلفوا فيما إذا تزوجها أحدهما ثم رجع ففي الكافي للحاكم أن الشعبي لم يفرق بينهما وبه كان يأخذ nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : لا يصدق على إبطال شهادته الأولى ولكنه يصدق في حق نفسه فإن كان تزوجها فرق بينهما ورجع nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف إلى هذا القول بعد ذلك ا هـ .
وقد أفاد قوله لم ينقض أن المشهود له وعليه يعملان بمقتضاه وإن علما أن الشهود زور فلو شهدا عليه بالطلاق الثلاث وقضى به ثم رجعا والزوج يعلم أنهما كاذبان لم يسعه أن يقر بها كذا في الكافي للحاكم وقيد بالرجوع لأنه لو ظهر أن الشاهد عبد أو محدود في قذف يبطل القضاء ويرد المال إلى المقضي له كذا في كافي الحاكم ( قوله وبعده لا ينقض ) أي إن رجعا بعد الحكم لم ينقض القضاء لأن آخر كلامهم يناقض أوله فلا ينقض الحكم بالتناقض ولأنه في الدلالة على الصدق مثل الأول وقد ترجح الأول باتصال القضاء به أطلقه فشمل ما إذا كان الشاهد وقت الرجوع مثل ما شهد في العدالة أو دونه أو أفضل وهكذا لم يقيد في أكثر الكتب متونا وشروحا وفتاوى وفي خزانة المفتين معزيا إلى المحيط إن كان الرجوع بعد القضاء ينظر إلى حال الراجع فإن كان حاله عند الرجوع أفضل من حاله وقت الشهادة في العدالة صح رجوعه في حق نفسه وفي حق غيره حتى وجب عليه التعزير وينقض القضاء ويرد المال على المشهود عليه وإن كان حاله عند الرجوع مثل حاله عند الشهادة في العدالة أو دونه وجب عليه التعزير ولا ينقض القضاء ولا يرد المشهود به على المشهود عليه ولا يجب الضمان على الشاهد ا هـ .
وهو غير صحيح عن أهل المذهب لمخالفته ما نقلوه من وجوب الضمان على الشاهد إذا رجع بعد الحكم وفي هذا التفصيل عدم تضمينه مطلقا مع أنه في نقله مناقض لأنه قال أول الباب بالضمان موافقا للمذهب ثم كشفت المحيط nindex.php?page=showalam&ids=11990للإمام رضي الله عنه الموجود في ديارنا فوجدته وافق الجماعة من غير تفصيل فهو وإن احتمل أن يكون في المحيط البرهاني لكن القول به لا يصح عن المذهب فإنهم نقلوا عدم الضمان عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ثم رأيت بعد ذلك في فتح القدير أن هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة الأول وهو قول شيخه حماد ثم رجع عنه إلى أنه لا ينقض القضاء ولا يرد المال على المقضي عليه على كل حال ثم رأيته في الكافي للحاكم الشهيد .
[ ص: 128 ] ( قوله لأن الرجوع لا يصح ولا يصير موجبا للضمان إلا باتصال القضاء به ) قال في الفتح وزاد جماعة في صحة الرجوع أن يحكم القاضي برجوعهما ويضمنهما المال وإليه أشار المصنف ونقل هذا عن شيخ الإسلام واستبعد بعض من المحققين توقف صحة الرجوع على القضاء بالرجوع أو بالضمان وترك بعض المتأخرين من مصنفي الفتاوى هذا القيد وذكر أنه تركه تعويلا على هذا الابتعاد ( قوله وشمل ما إذا شهدا بطلاقها إلى آخر القولة ) مقدم عن محله وحقه أن يكتب في آخر المقولة الآتية وقد رأيته في بعض النسخ كذلك ( قوله ثم رأيت بعد ذلك في فتح القدير إلخ ) وهكذا قال في البزازية ثم رجع إلى قولهما وعليه استقر المذهب ا هـ .
ومثله في التتارخانية برمز المحيط فإنه نقل عنه أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة كان يقول كذا وساق التفصيل ثم قال : رجع عن هذا القول وقال : لا يصح رجوعه في حق غيره على كل حال وهو قولهما والظاهر أن المراد به المحيط البرهاني لما ذكر المؤلف أن ما في المحيط السرخسي ليس فيه التفصيل .